أحمد مظهر سعدو
كما يعرفه الشعب السوري برمته، وكما خبره كل سوري، أو غير سوري تعامل معه في يوم من الأيام، فالنظام السوري يكذب في كل شيء، وهو الذي أخفى الكوليرا يومًا ما، وكذب كثيرًا في درجات الحرارة، وهو اليوم يتابع مسيرته في التغطية على انتشار وباء الكورونا بين السوريين. وهو هو من يتابع الدجل وتلفيق الأخبار الصحية، من أنه يتعافى من الكورونا خلال عشرين يومًا فقط، وينسب ذلك إلى منظمة الصحة العالمية، لتسارع المنظمة المذكورة في دحض وتكذيب الخبر العري عن الصحة، وغير الصادر عنها.
وفي الواقع يواصل «النظام السوري» سياسة التكتم عن الأعداد الحقيقية للمصابين بفيروس «كورونا» المستجد ضمن مناطق نفوذه، وقد أشارت مصادر موثوقة داخل النظام السوري أن وباء الكورونا ينتشر في أوساط تلك المناطق كالنار بالهشيم، وأن عدد المصابين بفيروس «كورونا» كبير جدًا، وأكبر من الأرقام المعلنة، بينما تسرب أن من القوات الإيرانية وميليشيا «فاطميون» والمليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية على الأراضي السورية، وصل العدد إلى 116 حالة مؤكدة، تتفشى في دير الزور بالدرجة الأولى وريف حلب الجنوبي ثانياً، وسط معلومات مؤكدة عن تفشيها بمنطقة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق، حيث تتواجد هذه الميليشيات ، التي جاءت إلى سورية ليتمركز القسم الأكبر منها في ريف دمشق حماية للنظام، وما ادعت أنه حماية للمراقد الشيعية في سورية وخاصة السيدة زينب.
لكن هذا الانتشار الكوروني وما تركه من ضائقة معيشية كبيرة على السوريين نلاحظها على أبواب الأفران، لم يثن النظام ومن معه من إيرانيين وروس، على المضي قدمًا في الحشد والتمركز والتجهيز لمعركة يبدو أنها باتت وشيكة ضد أهلنا في محافظة إدلب، حيث تهدد موسكو آخر منطقة للمعارضة شمال غربي سورية، بمواصلة – رغم المعاهدات المبرمة – دعمها لقوات النظام السوري، التي شنت هجماتها على المنطقة، وأدت حسب وكالة الأناضول التركية، إلى مقتل أكثر من 1800 مدني، ونزوح أكثر من مليون و942 ألف آخرين، خلا ل فترة الهجوم على محافظة ادلب وريف حماة، وكذلك ريف حلب الغربي والجنوبي، وقد واصلت طائرات الاستطلاع الروسية تحليقها أمس الأحد، بكثافة في أجواء محافظة إدلب ومحيطها، وذلك مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل يومه الـ 38 على التوالي، في حين استهدفت قوات النظام بعد منتصف ليل السبت – الأحد بقذائف المدفعية مناطق في الفطيرة بجبل الزاوية. في عملية استمرار متواصلة لخرق الهدنة، وتخطي الاتفاقات الموقعة بين روسيا وتركيا بشأن إدلب.
يرى مراقبون أنه لا شك من أن اتفاق سوتشي الأول بما يخص إدلب الذي وقع بين روسيا وتركيا بتاريخ 18/9/2018 والذي كان ينص على فتح الطرق الدولية، بنهاية العام لم تستطع تركيا تنفيذه. وجاء البروتوكول الملحق به الموقع في 5 آذار/ مارس 2020 المنصرم، ليضع إمكانية التطبيق على المحك، وسط عودة مترددة من قبل المهجرين السوريين قسرًا، إلى مناطق سكنهم الأساسية، في جو من التخوف والتوجس الممكن من عمليات للنظام السوري والروس مع الميليشيات الطائفية الإيرانية التي يزداد حشد قواتها حول إدلب، فلا البقاء في أماكن التهجير ممكنة، ولا العودة إلى قراهم وبلداتهم مضمونة وأمانها منجزًا، في أجواء من الترقب والخوف، أكدتها غير مرة تصريحات روسية، مازالت تحلم في سيطرة مباشرة للنظام السوري / حليفها على جل المناطق في الشمال السوري، رغم الاتفاق المشار إليه، في وقت تستمر فيه القوات التركية في إدخال المزيد من كتائبها، والمزيد من نقاط المراقبة، والتواجد التي تجاوزت الخمسين مؤخرًا.
ويبدو أن الهم لدى السوريين بات همين اثنين: هم الكورونا المحدقة والمنشرة، وهم ترقب محاولات النظام السوري لفتح معارك جديدة في إدلب، ومن ثم قضم المزيد من الأراضي التي هي الآن خارج سيطرة النظام، وبالتالي وقوع الكثير من القتلى ضمن حالة انشغال عالمية كلية بالجائحة الكورونية الكبرى والمعولمة، فهل ينعم كل السوريين بحياة أفضل في ظل هذه الأجواء ذات الطقس الضبابي والغائم ليس جزئيًا بل كليًا. في وقت لم يقطع الشعب السوري الأمل بربه أولاً وبإمكانية وجود إرادات دولية جدية لكنس ما تبقى من صلف وقمع لمجرم مازال طليقًا.
المصدر: المدار نت