مصعب عيسى
للقادمين من مدن الضباب
نحو تلافيف المنافي والغموض
لهذا الطوفان من تراب وماء
والتصاق الكلمات بالمستحيل
أقول:
وقلبي يعتصر حزنا ومخيمات
وجرحي ينزف وتدا وزقاق
وعيني تهطل بالحنين الى الدحنون
والحبق
يا معشر اللاجئين الجدد
نحن السابقون وأنتم اللاحقون
يا أيها المنفيون خلف سياج الوطن
وداخل الحرف وشجن المفردة
تشابهنا بالفصول والطقوس
أضحينا نفس المصير
نكبة ونكسات ومجازر من دم
وأشلاء مبعثرة
لكم مالنا
وعلينا ما عليكم
ان نحرس زهر العودة
بالدمع المتدلي من خياشيم الذاكرة
لكم خيامكم الممتدة داخل الصحراء
وخارج المعنى
ولنا زقاق يبلغ من الانتظار
بضع وسبعون سنة
ولا زلنا ندغدغ نوافذ الامل كل صباح
نمارس طقوس القهوة السمراء
ونزرع الياسمين والزعتر البري
ونقرأ سورة الفتح المبين
وننصت لتقاسيم العود الحزين مع الناي
وفي المساء نشرب الشاي
وأنتم مثلنا
لكم في الفيافي خياما
تحكي قصة السوط والجلاد
وتراتيل دم وقدود
وياسمين توشح بالسواد
بيننا وبينكم بضع عقود
لكن وحدتنا المأساة
والدم النازف …وحكاية الكرسي والمقصلة
أصبحنا جميعا نحلم بالفردوس
أنتم تحلمون بالياسمين المعشعش
في ارض الديار
ونحن نحلم بالدحنون ووصايا البرتقال
بيننا وبينكم واد مقدس
يروي قصة اليرموك …والرحيل الكبير
بيننا وبينكم فرق واحد في الاصطلاح
بين ذوي القربى.. وذاك الغريب
ثمة قهر لا يقاس
كأن تموت برصاص عابر للحدود
خير من ان تموت برصاص وطني
لم يعبر حدا واحدا تلك الحدود
انها الملهاة بتعريفها المطلق
يا اخوتي في المنفى
كم حلمنا بالاتحاد
فوحدتنا السياط..
وذاك الخوف المتربص خلف الجدران
وحدتنا السجون الممتدة في هذي الصحراء
كأنها سجن واحد
وكأننا معتقل واحد
وكأن سجاننا واحد
وحدتنا المجازر.. والنكسة تلو النكسة
وحدنا الموت المتناثر دما وذكريات
ثم بعد جيل أو اثنين
وحدنا اللجوء
فصرنا في أرض الله غرباء