منجد الباشا
في اللقاء الأخير الذي أجرته السيدة جيزيل خوري مقدمة البرنامج التلفزيوني/ المشهد..
في قناة البي بي سي البريطانية…مع المناضل السياسي الوطني الديمقراطي الأمين الاول لحزب الشعب الديمقراطي السوري…والذي يعتبر اي اللقاء.. الاطلالة الثانية لهذا المناضل بعد خروجه من دمشق المحتلة…. في العام الفائت..وكما كان متوقعا لم يحظ هذا اللقاء بالحفاوة والاهتمام والمتابعة كما كان يظن البعض…وقد احال ذلك بعض من تناول اللقاء بالتعليق والقراءة الصحفية والسياسية ..الى كونه اي رياض وحزبه ومن ثم المعارضة بمجملها. لم يعد لديها ما تقدمه لجماهيرها او لشعبها. وليس لديها ايضا اية رؤية مستقبلية تتعلق بما يدور اليوم على الساحة السورية او لما يمكن ان يطرح من حلول او تسويات او توجهات….هذا اضافة الى كون هذه المعارضة قد تم شطبها من دائرة اهتمام القاعدة العريضة من الثوار والعامة من السوريين…ايضا..
لدرجة ان البعض كان قد خونها … من وجهة نظر ثورية…
وإذا كان قد ظهر بعض الاهتمام هنا وهناك بهذا اللقاء. فإنما كان من ضمن الدائرة الضيقة التي عاصرت المسار السياسي لمثل هذه الاحزاب والقوى السياسية طوال المرحلة المنصرمة من عمر الوطن السياسي اي منذ ما بعد الاستقلال والذي ابتلي بأورام خبيثة متعددة يجري اليوم العمل على استئصالها….
النقطة المحورية والاهم التي تم الاضاءة عليها من خلال السؤال الذي وجهته السيدة جيزيل الى ضيفها..هي حول التحالف الذي تم بين القوى الديمقراطية والعلمانية وبين جماعة الاخوان المسلمين في المجلس الوطني الذي اعتبر اول هيئة ثورية عملت على ادارة شؤون الثورة ..منذ انطلاقتها…. . والذي اي التحالف عرف بتحالف رياض الترك مع الاخوان المسلمين كون حزبه اي حزب الشعب الديمقراطي السوري. كان له الدور المؤثر والفاعل والحاسم في هذا التحالف….
كانت انتقادات عديدة قد وجهت الى هذا التحالف..كما وجهت ادانات بأشكال مختلفة للجماعة وكذلك لرياض الترك وحزبه..لكن جميع هذه الانتقادات انطلقت اما من مواقف مسبقة من الاخوان …ومن تاريخهم وايديولوجيتهم الدينية والتي لا يوجد فيها من المشتركات ما يدفع الى الاقدام على مثل هذا التحالف….اضافة الى انه لم يكن هناك سابقة تاريخية ناجحة يمكن الاستئناس بها…..بل نكاد نجزم بان التجربة الوحيدة ضمن تجمع اعلان دمشق تكاد تكون كافية لرفض هذه الخطوة جذريا…
واما أن الانتقادات انما جاءت مبنية على الممارسات والنتائج التي افرزها هذا العمل التحالفي في الميدان الثوري والذي احتل فيه الاخوان الموقع الفاعل والمقرر …وبالتالي ما ادى الى التفريط بالثورة وادارتها والاثمان الباهظة التي دفعها شعبنا في ساحات الوطن المكلوم…..وهنا.. لابد من القول ان جميع ما تقدم من نقد ..لم يكن ليعبر عن اجابة على السؤال المطابق للتجربة ..والاجابة ايضا المطابقة له..فالقول بفساد التحالف مع الاخوان المسلمين للأسباب التي تم تداولها. وبسببها كان الفشل المحتم..يبقى قولا هامشيا ويحمل امكانية الحدوث من عدمه..فقد عرف التاريخ الثوري العديد من التجارب التحالفية..سواء في الحزب الشيوعي الروسي ابان الثورة البلشفية او في التجربة الفيتنامية ام في الثورة الكوبية…حيث كان هناك تحالفا بين قوى كانت اقرب ما تكون ان تكون متناحرة ولكن كان يجمعها هدف واحد تعمل معا على انجازه…وقد نالت النجاح التاريخي المعروف…وهذا ما يسمح لنافي المضي قدما للبحث عن السبب الحقيقي لهذا الفشل والذي تلمسناه في ثنايا اجابة السيد رياض الترك والتي ركز بكامل وعيه واشد ما يمكن لكي يستعمل العبارة الملائمة التي توصل الصورة الحقيقية والواقعية لطبيعة هذا العمل التحالفي..الى ذهن المتلقي وكما يراها هو..وذلك عندما سئل…متى شعرت ان الاخوان اخطأوا في العمل التحالفي..
لم يشأ السيد رياض في معرض رده ان يلبس حليفه الصفات التي وصفناه نحن بها…وكان ذروتها خيانة الثورة.. بل راح يبحث عن مفردات تلطف دورهم الى درجة افهام المتلقي وكأن ما تم انما تم تحت عناوين الاخطاء الطبيعية التي تنتج عن اي ممارسة وفعل اجرائي لا غنى عنها….وقد كانت الجملة التي الحقها السيد رياض في سياق اجابته على سؤال السيدة جيزيل…(لم يكن هناك تفاهمات في العمل مع الاخوان)..بمثابة الشرارة التي اضاءت كافة تفاصيل المساحة الذهنية التي تشتغل للحصول على الاجابة على سؤال …لماذا فشل هذا التحالف….من حقنا هنا ان نقول….اذا كان العمل التحالفي لا يتكئ على اي مرجعية تعتبر بمثابة لائحة داخلية او ورقة عمل او وثيقة شرف او وثيقة تفاهمات. تنظم العمل وتدعو للرجوع الى بنودها والاحتكام اليها في حال بروز اي اخطاء او وجهات نظر مختلفة ..اثناء الممارسة والفعل…فكيف يتم المباشرة والانطلاق في تنفيذ هذا التحالف…واي تحالف هذا..اذن ؟؟؟
لقد سمحت لنفسي ان استعيد ذاكرة عقود النكسة والنكبة والهزائم في مسار نضالنا السياسي عندما كان مفكرونا يلخصون اسباب تلك الكوارث بذهنية العربي..الذي يتقدم الصفوف في ميادين القتال… صارخا…الله اكبر ..عليهم يا عرب…!!!!!هكذا اذن كان يعمل العقل السياسي التحالفي..وهكذا كان حصادنا… وهكذا لازال هذا العقل يريد ان يحتل موقعا في مساحة النضال الوطني والثوري والسياسي…
اخيرا…
أفضل ما يمكن ان يقال في هذا الحيز من الحديث..نعم.. وكما قالها مفكر النخبة الحديثة…
انها نخب معطوبة….وما علينا الا ان ننتج البديل…فالثورة والوطن والمستقبل ..ملك الشعوب الحية …ونحن السوريون والعرب منها.