دنيز رحمة فخري
مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى رداً على سؤال “اندبندنت عربية” ابدى ارتياح واشنطن للتفاوض اللبناني مع صندوق النقد الدولي
على وقع عودة التظاهرات الشعبية في لبنان، أراد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، الحديث عن نظرة بلاده لدول منطقة الشرق الأوسط، شاملاً في حديثه سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان.
وفي حوار نظّمه معهد الدراسات للشرق الأوسط mei edu ، برزت إشارة المسؤول الأميركي إلى عودة التظاهرات وعلمه المسبق بحملها شعار “نزع سلاح حزب الله”، واستشهاده بهذه الواقعة ليؤكد أن اللبنانيين انتقلوا في حركتهم الاحتجاجية من المطالب المعيشية إلى المطالب السياسية، منتقداً بعض حلفاء الحزب الذين يحمّلون واشنطن مسؤولية تردّي الوضع الاقتصادي نتيجة العقوبات الأميركية، فيما الواقع بحسب رأيه، أن ما وصل إليه لبنان من انهيار اقتصادي ومالي هو بسبب “حزب الله” وسياساته في المنطقة.
ويتحدث شنكر بحماسة عن الحراك الشعبي في لبنان وعن تأييد إدارة بلاده للثورة التي انطلقت في 17 تشرين الأول (أكتوبر).
لا تواصل أميركي مباشر مع مجموعات الثورة التي يصفها بـ”انتفاضة الشعب اللبناني، التي يجب الاستماع إلى مطالبها المحقّة”، لكن الأكيد أن واشنطن تعوّل على الحراك الشعبي للوصول إلى التغيير المنشود في البلاد، وهو ما ظهر في إصرار المسؤولين الأميركيين والسفيرة السابقة والحالية في كل مناسبة، على حضّ السلطة السياسية على الاستجابة لمطالب الشعب. ومن الطبيعي أن يتطوّر موقف الولايات المتحدة في الأيام المقبلة، فيأتي منسجماً مع تبدّل صرخات المتظاهرين، من المطالب المعيشية إلى مطلب نزع سلاح “حزب الله”، فتحقّق الإدارة الأميركية بواسطتهم، ما تصبو إليه من دون أي تدخل مباشر.
لا مبادرات أميركية
لا يعكس مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى موقفاً معادياً من حكومة الرئيس حسان دياب، يتحدث عنها في معرض ردّه على أسئلة “اندبندنت عربية”، والشروط التي تفرضها بلاده لمساعدة لبنان، مبدياً ارتياحه لقرار الحكومة اللبنانية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، الذي يصفه بـ”القرار الصائب”، بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات.
لا تنفي إدارة واشنطن علمها بأن حكومة دياب، هي حكومة “حزب الله”، لكن الواضح أيضاً ما يُستشفّ من كلام شنكر بأن الموقف منها مرهون بأفعالها، فإن استطاعت التحرّر من قبضة الحزب وذهبت إلى الإصلاحات فعلاً لا قولاً، يمكن أن تحصل على المساعدات. ويكرّر قناعة بلاده ورأيها تجاه الحزب، معتبراً أنه سبب المشكلة، وعليه فهو ليس حزباً إصلاحياً، لذا قد يحاول إعاقة تنفيذ الإصلاحات، بحسب شنكر، لكنه يعتقد أنه بالإمكان الاستناد إلى الخطة الاقتصادية التي وضعتها الحكومة، بينما تبقى العبرة في التنفيذ.
مساعدات للعائلات المحتاجة
لا نية ولا مبادرة ولا اقتراح أميركي في الوقت الحاضر تجاه لبنان، لكن واشنطن ستتعامل مع الملف اللبناني “على القطعة”، بحيث يكون لها ردّ فعل على كلّ فعل، فإن كان إيجابياً ردت بإيجابية والعكس صحيح.
“التعاون مع الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي مستمر”، يقول شنكر، والمساعدات العسكرية والأمنية للأجهزة الرسمية لن تتوقف، كما أن أميركا ستواصل تقديم المساعدات الإنمائية للبلدات والقرى عبر البلديات، وتوفير المساعدات الإنسانية الطارئة، نتيجة الوضع المعيشي المقلق، على غرار ما حصل مع بدايات أزمة فيروس كورونا. وعَلم موقع “اندبندنت عربية” أن واشنطن ستقدم قريباً مساعدات للعائلات المحتاجة من خلال برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية US AID.
أما المساعدات المالية التي لها علاقة بـ”سيدر” وبمؤتمرات الدول المانحة للبنان، فلن يُصار إلى تحريكها، وذلك باتفاق مع الفرنسيين، قبل إجراء الإصلاحات الاقتصادية، والجهة المخوّلة تأكيد الالتزام اللبناني بالإصلاحات هي صندوق النقد الدولي، وفق ما يقول مساعد وزير الخارجية الأميركي.
باسيل خارج العقوبات حالياً لكن الأسماء رسالة له
ويقول شنكر إنّ “العقوبات الأميركية على حلفاء حزب الله تأخرت، لكنها آتية لا محال”. وبحسب معلومات خاصة، العقوبات عالقة حالياً لدى الخزانة الأميركية، وفي أروقة تلك الإدارة كلام عن شمول العقوبات حلفاء الحزب قريباً، رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ليس على القائمة حالياً، لكن العقوبات ستشمل شخصيات تُعدُّ أسماؤها رسالة مباشرة له.
لا يستفيض شنكر بالكلام عن قانون “قيصر”، لكنه يجزم بأنه سيطاول كل من يسهم في مساعدة النظام السوري، بما في ذلك جهات رسمية لبنانية. والحكومة اللبنانية ستكون معرّضة لقبضته، لا سيما أن بينها والنظام السوري عددٌ كبيرٌ من ملفات التعاون التجاري والاقتصادي والكهربائي والنفطي، حتى “حلم المشاركة في إعادة الإعمار، الذي راود سياسيون كثر ولا يزال، سيكون عليهم نسيانه من الآن حتى نهاية عام 2021، موعد انتهاء مفعول قيصر”. فهل يمكن الاستمرار بشراء الكهرباء من سوريا من دون تعريض الحكومة اللبنانية لعقوبات “قيصر”؟ وهل يمكن لمئات الأطنان من المازوت المهرّبة إلى دمشق عبر الحدود الشرعية وغير الشرعية أن تستمر؟ هذه الأسئلة هي التي دفعت نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكرا إلى توزيع نص قانون “قيصر” على الوزراء للاطّلاع عليه، ما دفع الحكومة إلى تشكيل لجنة ستجتمع الاثنين للنظر بانعكاسات هذا القانون على لبنان وكيفية تجنّب العقوبات، وسط حملة مبرمجة من حلفاء النظام السوري، ترفض الرضوخ للقانون الأميركي.
ويشدّد شنكر على موضوع الفساد وضرورة مكافحته، وقد أرسلت إدارته إشارات عدّة تفيد بأن أميركا لن تتدخل بشكل مباشر في هذا الملف، لكنها مستعدة لتقديم المساعدة في إيجاد الطرق الآيلة للتصدّي له والحدّ منه، وكيفية استرداد الأموال المنهوبة، إلى جانب رأيها بأن الطبقة السياسية في لبنان فاسدة.
إيران تهديد مستمر والصين مصدر اللاإستقرار
الستاتيكو القائم في المواجهة الأميركية الإيرانية في المنطقة بعد مقتل القائد السابق لـ”فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، يرده شنكر إلى فيروس كورونا وانشغال الدول كافة به، لكنه لا يعتبر أن الخطر الإيراني قد تراجع، فالولايات المتحدة لا تزال تعتبر أن النظام في طهران يشكّل تهديداً، مستبعداً تغيير السياسة الأميركية تجاهه، ومذكراً بأنّ هذا النظام عندما أُعطي فرصة بعد الاتفاق النووي، انقلب عليه. أما المفاوضات، فلن تحصل، وفق شنكر، إلّا بعد موافقة إيران على شروط بلاده ومنها وقف تدخلاتها في المنطقة وانسحابها من سوريا والعراق.
المصدر: اندبندنت عربية