تيم الحاج
تمكّن “المجلس الوطني الكردي” وأحزاب “الوحدة الوطنية الكردية” بعد جلسات طويلة من الحوار، صُنفت بأنها المرحلة الأولى من التفاوض، من التوصل إلى “رؤية مشتركة” ملزمة للطرفين، قد تنهي سنوات من التناحر بينهما، وتؤسس لتشكيل مرجعية سياسية، مستفيدة من دعم أمريكي وأوروبي واسع.
جاء في بيان مشترك للطرفين، في17 من حزيران الحالي، أن المرحلة الأولى من الحوار، الذي أُطلق عليه شعار “وحدة الصف الكردي”، انتهت، وأن اتفاقية “دهوك” عام 2014 حول “الحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع”، تعد أساسًا لمواصلة الحوار الجاري بين الوفدين، بهدف الوصول إلى التوقيع على اتفاقية شاملة في المستقبل القريب.
اتفاقية “دهوك”.. هل تكون مرجعية
بعد أن أشارت المرحلة الأولى من الحوارات الكردية- الكردية إلى ضرورة العودة لاتفاقية “دهوك” وتفعيلها، يجري الحديث في الوسط الكردي عن إمكانية أن تعود الاتفاقية للعب دورها في أن تكون مرجعية سياسية جامعة للأحزاب الكردية.
وكانت مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق شهدت، في تشرين الأول من عام 2014، سلسلة من الاجتماعات بين الأطراف الكردية، ضمت “حركة المجتمع الديمقراطي” و”المجلس الوطني الكردي” واستمرت ثمانية أيام، بدأت في 14 من تشرين الأول وانتهت في 22 من الشهر ذاته، بتوصل الطرفين إلى اتفاق أطلق عليه اتفاقية “دهوك”، نسبة للمدينة التي عُقدت فيها الاجتماعات.
وجرى الاتفاق في هذا الاجتماع على تشكيل “مرجعية سياسية كردية”، على أن تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” فيها 40%، وكذلك نسبة “المجلس الوطني الكردي” 40%، ونسبة 20% للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.
ولاحقًا، اتفقت الأطراف على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 30 شخصًا، ممثلين وفق الآتي: 12 من “حركة المجتمع الديمقراطي”، و12 من “المجلس الوطني”، وثمانية من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين.
وبحسب الاتفاق، فإن مهمة هذه المرجعية هي رسم الاستراتيجيات العامة وتجسيد الموقف الموحد، وتشكيل شراكة فعلية في هيئات “الإدارة الذاتية”، والتوجه نحو الوحدة السياسية والإدارية، ومشاركة كل المكونات الأخرى.
لكن الخلاف بين المجلس وأحزاب “حركة المجتمع الديمقراطي” ظل قائمًا خلال الأعوام الماضية، مع الاختلافات الجوهرية بين الطرفين.
جهود أمريكية- غربية
كثّفت الوفود الرسمية الغربية والأمريكية خلال الفترة الماضية جهودها الدبلوماسية في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الأحزاب الكردية السورية، وإنهاء حالة القطيعة بين الأطراف المتخاصمة، لا سيما حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) وأحزاب “المجلس الوطني الكردي” المنضوي في “الائتلاف السوري المعارض”.
وتبذل كل من واشنطن وباريس جهودًا لرأب الصدع المتجذر بين الأحزاب الكردية، منذ إغلاق حزب “الاتحاد الديمقراطي” مقرات أحزاب “المجلس الوطني” في مناطق سيطرته.
وفي 25 من نيسان الماضي، أعلن قائد “قوات سوريا الديمقرطية” (قسد)، مظلوم عبدي، عن تحقيق تقدم ملحوظ في مبادرة توحيد الصف الكردي، تجلى بتقارب سياسي بين “الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، و”المجلس الوطني الكردي” وغيره من الأطراف السياسية الكردية في المنطقة.
وقال عبدي، “هناك تطور من ناحية توحيد الصف الكردي، وجميع الأطراف السياسية آراؤهم إيجابية”، ودعا جميع الأحزاب والقوى السياسية الكردية، ومؤسسات المجتمع المدني، إلى العمل معًا من أجل إنجاح مبادرة توحيد الصف الكردي، وبذل المزيد من الجهد لهذا الغرض.
وكان عضو “المجلس الوطني الكردي” عبد الله كدو، أكد لعنب بلدي، أن “قسد” طلبت في وقت سابق من “المجلس الوطني الكردي” عقد لقاءات لمحاولة توحيد الصف الكردي.
وأشار كدو إلى سعي القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبتشجيع أوروبي، لتوحيد الصف الكردي، وإلى مبادرة فرنسية قبلتها “قسد”، وتضمنت طرح إجراءات بناء الثقة بين الأحزاب الكردية، التي اختُصرت في السماح بفتح مكاتب “المجلس الوطني الكردي”، وإطلاق سراح قائمة من أسماء السجناء السياسيين الذين طالب “المجلس” بهم.
وزار ممثل الخارجية الأمريكية، السفير وليام روباك، ومساعدته، إيميلي برانديت، شمال شرقي سوريا عدة مرات خلال الأشهر الماضية، كان آخرها في 16 من حزيران الحالي، وخلال زياراته التقى روباك مع طيف واسع من قادة الأحزاب السياسية الكردية، للاستماع إلى آرائهم واقتراحاتهم المختلفة حول توحيد القوى السياسية الكردية.
كما التقى وفد فرنسي لأول مرة مع “التحالف الوطني الكردستاني” المقرب من حزب “الاتحاد الديمقراطي “، في 3 من أيار الماضي.
مرحلة ثانية
أعلن عبدي، نهاية أيار الماضي، بدء المرحلة الثانية من الحوار الكردي- الكردي بعدما وصفه بـ“نجاح” المرحلة الأولى.
وتحدث عضو هيئة الرئاسة لحزب “الاتحاد الديمقراطي” صالح مسلم، عن انضمام أحزاب كردية جديدة في مرحلة ثانية من المباحثات الكردية- الكردية، بعد أولى وصفها بالإيجابية، وقال إنهم ينتظرون “المجلس الوطني الكردي” كي يعلن مشاركته بالجولة الجديدة.
واعتبر مسلم، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء “هاوار”، أن توحيد صف الأحزاب الكردية مطلب للشعب الكردي منذ 2011، ولم يتحقق بعد، بسبب فشل المبادرات السابقة “إثر التدخلات الخارجية والإقليمية، وبعض الجهات التي تحاول خنق المساعي الهادفة لتوحيد الصف الكردي”.
بدوره، علّق “المجلس الوطني الكردي” على حديث مسلم، وقال عضو “المجلس الوطني الكردي” فؤاد عليكو، في حديث سابق لعنب بلدي، إن “المجلس سيشارك في حوارات المرحلة الثانية”، ووصفها بأنها الأهم والأصعب لأنها ستتناول الملفات الأساسية في شرق الفرات.
وحدد تلك الملفات بـ“الأمن والإدارة المشتركة والاقتصاد والمعابر والتعليم والجيش وعودة قوات البيشمركة التابعة للمجلس الوطني الكردي، الموجودة في إقليم كردستان العراق، وكذلك العلاقة مع حزب العمال الكردستاني، وكيفية مشاركة مكونات المنطقة في الإدارة”.
وأرجع عليكو تأخّر الرد إلى أن تلك الملفات تتطلّب “تحضيرًا بشكل جيد لبناء رؤية متكاملة حول هذه القضايا المهمة، التي لا يمكن البناء لمرحلة جديدة وشراكة حقيقية دون التوافق حولها”، ورجح أن تنتهي تلك التحضيرات في وقت قريب.
المصدر: عنب بلدي