تشهد خاباروفسك في أقصى شرق روسيا، أخيراً، حراكاً مطالباً بالديمقراطية والحريات، بحسب سكان المدينة، حيث أشعل توقيف السلطات لحاكم المنطقة سيرغي فورغال، الذي يحظى بشعبية واسعة، احتجاجات ضخمة.
وقالت الطالبة يكاترينا إشينكو (21 عاماً)، لوكالة “فرانس برس”: “أشعر أحياناً بالرغبة في البكاء فرحا عندما أرى الجميع موحّدين لهذه الدرجة”.
وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، شاركت مع آلاف السكان في الاحتجاجات التي خرجت في المدينة الواقعة على بعد 6000 كيلومتر شرق موسكو. وانضم الآلاف إلى تظاهرة خرجت اليوم السبت في المدينة. وبالنسبة إلى إشينكو، تعد هذه أول تجربة لنشاط سياسي.
وحضر عشرات الآلاف مسيرة نهاية الأسبوع الماضي، وفق ما أفاد صحافيون وناشطون، بينما قدّرت الشرطة عدد المشاركين بنحو 6500 فقط.
ويعد هذا النوع من الاحتجاجات نادراً في المنطقة التي تقع على بعد سبع مناطق زمنية عن العاصمة، حيث تنظّم معظم احتجاجات المعارضة. وخرجت احتجاجات خاباروفسك رداً على توقيف حاكم المنطقة سيرغي فورغال في التاسع من يوليو/تموز.
واتّهم محققون رجل الأعمال السابق، البالغ من العمر 50 عاماً، بإصدار أوامر لقتلة مأجورين في حالتين والشروع في القتل قبل 15 عاماً. وتم نقله إلى موسكو حيث يقبع خلف القضبان.
ويرى أنصاره أن هدف التحقيق هو إطاحة سياسي مستقل بدرجة كبيرة انتُخب العام 2018، بعدما ترشّح في وجه سلفه العضو في الحزب الحاكم والداعم للرئيس فلاديمير بوتين.
وقالت المتقاعدة، البالغة 72 عاماً، مارينا بليتسكايا “إنه صفعة بالنسبة إلينا. نحن انتخبناه!”.
وفورغال عضو في الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي الذي يعد بشكل عام موالياً للكرملين.
وتحوّل إلى حاكم يتمتع بشعبية واسعة إذ وصفه أنصاره بأنه حيوي ومستعد للاستماع لمطالب السكان. وازدادت شعبيته بشكل كبير محلياً لتنافس تلك التي يحظى بها بوتين.
وقالت العاملة في مجال المبيعات فيكتوريا ساخاروفا (22 عاماً) “بعدما انتخبنا فورغال، تم نقل عاصمة منطقة الشرق الأقصى الفدرالية من هنا إلى فلاديفوستوك”.
وأضافت “كان سبب ذلك أننا انتخبنا مرشحاً معارضاً”.
وتضم منطقة خاباروفسك، التي تعادل تركيا في مساحتها، نحو 1,3 مليون نسمة.
وتعد مشاعر السخط السائدة في أوساط السكان، الذين يشتكون من التهميش من قبل موسكو، من بين العوامل التي تغذّي الاحتجاجات.
كما تخيّم المخاوف الاقتصادية على المنطقة المتاخمة للصين، حيث يعمل معظم السكان في مجالات التعدين واستخراج الفحم والغابات.
وتجاهلت وسائل الإعلام الرسمية الاحتجاجات بشكل واسع، لكن تلك الأكثر استقلالية غطتها بشكل إيجابي. ووصف مقال، نشرته صحيفة “فيدوموستي”، الاحتجاجات بأنها “رمز جديد” يمثّل معارضة “المناطق للمركز”.
وهتف بعض المتظاهرين بشعارات غاضبة ضد بوتين.
وكانت خاباروفسك بين المناطق الأقل تأييداً لتعديل دستوري يسمح لبوتين بتمديد فترة حكمه، جرى استفتاء عليه في الأول من يوليو/تموز. وكانت نسبة الأصوات المؤيدة للتعديل أقل بـ15 في المئة عن المعدل الوطني.
أرسل من موسكو
وفي مسعى لإرضاء المحتجين، عيّنت موسكو حاكماً جديداً موقتاً ينتمي إلى حزب فورغال هو ميخائيل ديغتياريف.
ولم يرحّب السكان بتعيين النائب البالغ 39 عاماً والمعروف باقتراحه مشاريع قوانين غريبة من نوعها.
وازداد الوضع سوءاً بإشارته إلى أن “لا وقت” لديه للقاء المحتجين الذين اتهمهم بتلقي دعم خارجي من جهات “محرّضة”.
وقالت ساخاروفا “كان ينبغي أن نختار شخصية محلية للحلول مكانه. لكن بدلاً من ذلك، أُرسل إلينا شخص لا يعرف خاباروفسك إلا من خلال أوراق 5000 روبل النقدية”، في إشارة إلى الورقة النقدية التي تظهر لقطات للمدينة وتعادل قيمتها 68 دولاراً”.
وفي مؤشر على أن حجم الاحتجاجات قد يكون أثار قلق سلطات المنطقة، أبدت الشرطة قدرة غير معهودة على ضبط النفس، وسمحت بتواصل الاحتجاجات بينما لم تعتقل سوى بضعة أشخاص.
وحتى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أشاد هذا الأسبوع بصبر الشرطة في بلد عادة ما يسارع عناصر الأمن فيه لتفريق أي احتجاج.
وقال المتظاهر البالغ 47 عاماً يوري بيتروف “لا نزال نخشى من أنهم قد يقومون بتوقيفنا”. وتابع “نعيش لحظة من الديمقراطية لكن لا شك في أنها ستكون عابرة”.
المصدر: العربي الجديد