عدنان أحمد
تعيش محافظة درعا جنوبي سورية أجواء توتر، نتيجة الصدامات المتعددة مع قوات النظام السوري والمليشيات المتنافسة التي تعمل إلى جانبها، فضلاً عن الخلافات المحلية التي تثيرها أجهزة النظام الأمنية داخل المجتمعات المحلية. وفي إطار هذه الأجواء، شهدت بلدة أم ولد القريبة من الحدود مع الأردن توترات في الأيام الأخيرة، بعد اعتقال قوات النظام عدداً من أبناء البلدة، التي لم تخضع حتى الآن لسيطرة النظام الكاملة بعد سيطرته على المحافظة قبل عامين. لكنه دخلها أخيراً بمساعدة من متعاونين محليين يعملون لصالح أجهزة النظام الأمنية، ومن بينهم قائد سابق في المعارضة المسلحة، كان تم تهجيره إلى الشمال السوري، لكنه عاد باتفاق مع جهاز الأمن العسكري التابع للنظام، لمساعدة الأخير على تحقيق عملياته في الجنوب السوري.
وداهمت قوات النظام مدعومة بهؤلاء المتعاونين مع الأمن العسكري الأربعاء الماضي بلدة أم ولد، واعتقلت كلاً من الشيخ إبراهيم تركي الأيوبي، وشقيقه صلاح، لتندلع إثر ذلك اشتباكات بين أبناء البلدة والعناصر المتعاونين، وبشكل خاص بين مجموعات أبو علي اللحام التابعة للأمن العسكري، والمقاتلين السابقين في البلدة والتي استمرت حتى ظهر الخميس وشملت معظم أحياء البلدة، قبل تدخل “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا والذي ينتشر في الريف الشرقي لفض الاشتباكات. وقال الناشط الصحافي محمد الشلبي لـ”العربي الجديد” إن قوة مشتركة من الأمن العسكري والمخابرات الجوية دخلت إلى البلدة واعتقلت ثلاثة ناشطين، اثنان من عائلة الأيوبي، إضافة إلى الصحافي وليد الرفاعي، وذلك بالتنسيق مع مجموعة أبو علي اللحام وعماد أبو زريق القيادي السابق في الجيش الحر، والمتعاون حالياً مع شعبة المخابرات العامة. وأوضح الشلبي أن اشتباكات بالأسلحة الخفيفة جرت بين المقتحمين ومقاتلين محليين في البلدة ما أدى إلى مقتل شخص، وجرح آخرين، إضافة إلى حرق ثلاثة منازل تابعة لمقاتلي المعارضة في البلدة. وأضاف الشلبي أنه بعد نداءات استغاثة من قبل أهالي ووجهاء البلدة، تدخل عناصر الفيلق الخامس من مدينة بصرى لوقف الاشتباك، مع إعطاء مهلة لإطلاق المعتقلين الثلاثة، مشيراً إلى أن عمليات الاعتقال التي تقوم بها قوات النظام وأجهزته الأمنية تتواصل في درعا على الرغم من الضمانات الروسية للتسويات التي تمت مع النظام قبل عامين بعدم ملاحقة المقاتلين التابعين للمعارضة ممن يحملون بطاقة تسوية.
وعقب الاشتباكات، عثر الأهالي على جثة شاب مقتولاً في منزله، واتضح أنه قتل خنقا، بعد ساعات من اعتقاله من قبل عناصر التسويات الذين انخرطوا في المخابرات العسكرية في درعا، فيما قتل أحد المتعاونين مع شعبة المخابرات العسكرية خلال الاشتباكات. وعلى الأثر، استقدمت قوات النظام السوري تعزيزات عسكرية الخميس إلى البلدة، فيما أصدرت عشيرة الرفاعي التي يعيش عدد كبير من أبنائها في البلدة، بياناً أعلنت فيه وقوفها مع أهالي البلدة والمقاتلين المعتزلين من الفصائل، ضد الأمن العسكري والمتعاونين معه. وأعلنت تبرؤها من أبو علي اللحام المتعاون مع المخابرات العسكرية، وطالبت بإخراج جميع المعتقلين ومحاسبة المسؤولين عن هدر الدماء في البلدة، واختتمت بيانها بتوعد قوات النظام والأجهزة الأمنية في حال عدم تحقيق مطالبها.
وامتداداً لهذه التوترات، أطلق مسلحون مجهولون النار على حاجز أمني تابع للفرقة الرابعة من قوات النظام شرق بلدة سحم الجولان غربي درعا، فيما أسر مسلحون مجهولون عنصراً من قوات النظام، واستولوا على أسلحة إثر هجومهم على أحد مفارز الأمن التابعة للنظام في بلدة جبا بريف محافظة القنيطرة الأوسط. وذكرت وكالة “نبأ” المحلية، أن مجهولين هاجموا مفرزة أمن الدولة في بلدة جبا، واشتبكوا مع عناصر المفرزة لنحو ساعتين، تمكنوا على إثرها من السيطرة على بناء المفرزة والاستيلاء على أسلحة وذخائر كانت بحوزة عناصرها، مشيرة إلى أن المهاجمين أسروا أحد عناصر المفرزة، بينما لاذ الآخرون بالفرار باتجاه منازل المدنيين القريبة، في حين انسحب المهاجمون بصحبة العنصر الذي أسروه، قبل وصول تعزيزات من القطع العسكرية التابعة لقوات النظام المحيطة بالبلدة. وجاء الهجوم بعد 3 أيام من تفجير عبوة ناسفة في بلدة زبيدة القريبة من جبا، أودت بحياة أحد أبرز وجهاء محافظة القنيطرة المدعو عيسى الجناطي من دون معرفة الفاعلين. وتُعتبر جبا مركزاً لمليشيا “لواء صقور القنيطرة” المدعومة من “حزب الله” اللبناني وإيران، وهي المرة الأولى التي تحصل اشتباكات داخل البلدة، منذ سيطرة قوات النظام وحلفائها على جنوب سورية قبل عامين. كما تعرضت قوات النظام أمس الجمعة لخسائر بشرية في ريف محافظة السويداء المجاورة لدرعا، فقتل 3 عناصر من قوات النظام وأصيب 3 أيضاً، جراء انفجار عبوة ناسفة ضمن منطقة سد الزلف ببادية السويداء.
المصدر: العربي الجديد