عرابي عبد الحي عرابي
تمهيد
أنشأت المفوضيّة الساميَة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مطلع عام 1991 إثر حرب الخليج الأولى مخيمًا للاجئين العراقيين بالقرب من بلدة الهول في ريف الحسكة الشرقيّ بالتنسيق مع الحكومة السورية(1)، وقد أُعيد افتتاح المخيّم عام 2002 واستمرّ إلى حين إغلاقه عام 2010(2).
إلا أن سيطرة وحدات حماية الشعب على بلدة الهول في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015(3) دفع الأمم المتحدة لإعادة تجهيز المخيّم بهدف استقبال النازحين السوريين واللاجئين العراقيين الفارّين من معارك الموصل فيه(4)، ومنذ ذلك الحين تُشرف القوات الكردية على إدارة المخيّم وحراسته.
يتشكّل مخيّم الهول من سِتَّةِ أقسام، يتكوّن كلّ قسم من عدّة قطاعات يتوزّع في أحدها النازحون السوريون الذين لا تربطهم علاقة بتنظيم الدولة، وفي قسمٍ آخر اللاجئون العراقيون، بينما تتوزّع عائلات السوريين المرتبطة بتنظيم الدولة في قسم خاصٍ بهم، وتتوزّع عائلات عناصر التنظيم من غير السوريين على قسمين، قسمٌ للأوروبيين منهم، وقسم للجنسيّات الأخرى(5).
تتكرّر حوادث مختلفة بين الطعن والاغتيالات والقتل من قبل نسوةٍ متطرفات شكّلن ما يسمى بـ “الحسبة” في المخيّم، إضافة إلى عمليّات الفرار والتهريب المتكرّرة التي تتمّ فيه، بالتوازي مع الإهمال الكبير الذي يعانيه المخيّم من قبل إدارته؛ في ظل غياب الحلول العمليّة والدوليّة، ممّا يهدّد بتفاقم الوضع الأمنيّ واستفادة تنظيم الدولة من ذلك.
أولاً: واقع مخيّم الهول
- التوزّع البشريّ
إثر انتهاء معركة “الباغوز” والسيطرة على آخر معاقل تنظيم الدولة في دير الزور؛ تمّ نقل الرجال من مقاتلي التنظيم إلى السجون والمحتجزات، فيما أُخرجت النساء والأطفال دون سن العاشرة إلى مخيّمي “الهول” و”روج” في محافظة الحسكة، أما الأطفال السوريون الذين تجاوزت أعمارهم اثنتي عشرة سنة فقد تمّ ترحيلهم إلى سجن الأحداث في قرية “تل معروف” التابعة لمدينة القامشلي(6).
يُقدّر عدد الذين يعيشون في مخيم الهول بحوالي 60 ألف شخص(7)، بينهم نحو 40 ألف طفل من ستين جنسية(8).
وبحسب البيانات الصادرة عن الإدارة الذاتية الكردية فإنّ المخيم يضمّ حوالي 11 ألف رجل من عناصر تنظيم داعش، بينهم 2,000 من الأجانب، والبقية من السوريين والعراقيين(9). لكن بعض التقديرات المحلية تقول بأن العدد الفعلي لعناصر التنظيم لا يزيد عن المئات.
تتوزّع عوائل العراقيين المنتسبين للتنظيم على القطاع الأول والثاني والثالث والسابع، بينما تتوزّع عوائل السوريين على القطاع الخامس والسادس والثامن، والقطاع الرابع فيه خليط من العائلات السورية والعراقية، وتجمع إدارة المخيم المهاجرات الأجانب وأطفالهن في قسم خاص(10).
يخضع المخيّم لحراسة أمنية من قبل قوات سورية الديموقراطية وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) إضافة إلى الاستخبارات التابعة للإدارة الذاتية، ووفقاً للإجراءات الأمنية المتبعة، فيمنع خروج ودخول النساء المحليات من المخيم إلا بإذن خطّيٍ من إدارة المخيّم وبرفقة عناصر من (الأسايش)، فيما يمنع خروج الأجانب من المخيّم إلا في حالات الطوارئ أو بهدف تسليمهم إلى دولهم(11).
- أوضاع المخيّم الإنسانية
خُصّص المخيّم إثر إنشائه لاستيعاب عشرة آلاف شخص، إلا أنه يضم حالياً حوالي 6-7 أضعاف سعته الاستيعابية الأساسية، ولذا فإنّ المخيّم يعاني من الازدحام الشديد، بالتوازي مع ضعف الخدمات وتهالُك البنية التحتيّة التي لا تمكّن قاطنيه من العيش فيه.
يُعاني المخيّم من إهمال طبّيٍّ شديدٍ، إضافة إلى كثافة السكان فيه، وانتشار الأمراض التي تؤدي إلى وفاة بعض القاطنين فيه، وخاصة من الأطفال(12)، ففي عام 2019 توفي 517 شخصًا داخل المخيّم أغلبهم من الأطفال وذلك لأسباب مختلفة أبرزها نقص التغذية ونقص الرعاية الصحّيّة لحديثي الولادة، إضافة إلى أنّ أطفالًا كثيرين توفّوا خلال فصل الشتاء الفائت “جرّاء البرد وعدم توفر وسائل التدفئة“(13).
يعاني المخيّم من عدم كفاية النقاط الطبيّة حيث “يُخصّص لكلّ قطاع نقطة طبيّة“(14)، أي أن النقاط الطبيّة في المخيّم لا تتجاوز ستّ نقاط، إضافة إلى وجود 3 عيادات متنقّلة تقدّم الخدمات العلاجيّة بالحدّ الأدنى(15)، وذلك لا يكفي لتغطية احتياجات المخيّم الطبيّة، حيث تستغرق المواعيد -المعروفة داخليًّا بـ ورقة الدور- أسابيع في أفضل الأحوال في ظل وجود أمراض مزمنة لدى كثيرٍ من أطفال المخيّم كالربو إضافة إلى وفاة الكثير من الأطفال بأمراض سوء التغذية(16)، والأمراض الأخرى خاصّة مع ظهور أمراض معدية مختلفة فيه، كداء اللشمانيا الذي انتشر بين أطفال المخيّم إضافة إلى الملاريا والحصبة، بالتوازي مع ظهور داء السلّ الذي أصاب قرابة 300 امرأة توفّيت بعضهنّ جراء ضعفِ الرعاية الطبيّة(17).
كما يوجد في كل قطاع من قطاعات المخيم نقطة بيع واحدة، كما يوجد داخل المخيّم مكاتب للصرافة والحوالات الماليّة، إضافة إلى 3- 6 نقاط لخدمات الاتصالات وتوفير الإنترنت، إضافة إلى وجود سوقٍ أسبوعيٍّ (بازار) تتسوق فيه كافة القطاعات.
وترتبط هذه الفعاليّات الخدميّة بمقرّبين من شخصيات قسد التي تدير المخيّم مما يعود عليهم بالفائدة المادّية نظرًا لارتفاع الأسعار الهائل فيه مقارنة بالموادّ الموجودة خارج المخيّم(18).
بالتوازي مع ذلك يوجد في المخيم أربع مدارس للأطفال ومسجدين ومكاتب تابعة للمنظمات الإنسانيّة.
وبالرغم من ذلك فإن المخيّم يعاني من الفيضان المتكرر لدورات المياه فيه، إضافة إلى تلف الكثير من خيامه جراء الأحوال الجوية، وعدم توفّر بديل لها، وكذلك يعاني قاطنو المخيم من كثرة الوحل فيه شتاءً وانتشار الغبار والعواصف الترابية فيه صيفًا بالتوازي مع سريان مجاري دورات المياه في طرقات المخيّم، وانتشار الديدان في خزانات المياه(19).
- انتهاكات قسد في المخيّم
بالتوازي مع الإهمال الطبّي والتعسّف الذي تمارسه قسد بمنع خروج من لا كفيل له من المخيّم من السوريّين الذين ثبت عدم انتمائهم لتنظيم الدولة(20)، فإن المخيّم يشهدُ انتهاكاتٍ متكرّرة من قوات الأمن الداخليّ –الأسايش-، أبرزها:
- إطلاق النار بشكل مباشر: حيث ذكرت مصادر مختلفة عن حوادث قامت فيها قوات الأمن الداخلي بإطلاق النار بشكل مباشر على قاطني المخيم. ففي 21 آذار/مارس 2019 –على سبيل المثال- قُتِل خمسة نازحين “بينهم طفلتين” برصاص الأسايش أثناء قيامهم بتفريق مظاهرة خرجت في مخيم الهول احتجاجًا على تردّي الواقع الإنسانيّ والصحّيّ والخدميّ في المخيّم(21).
- التحرّش بالنسوة واستغلالهنّ:حيث تشير شهادات إلى انتشار التحرّش تجاه النساء اللواتي يتعرضن لمعاكسات يومية من قبل عناصر الأسايش، إضافة إلى استغلال الأطفال بهدف الإدلاء بمعلومات عن أهلهم وأقاربهم(22).
- الابتزاز بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة:حيث تقوم دوريّات عديدة باعتقال العديد من الشبّان في فترات متكرّرة لأسباب أمنية مختلفة أو بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة مما يؤدّي إلى زجّهم في السجن(23). وقد سجّلت مصادر إعلاميّة حدوث اعتقالات تعسفية في المخيّم لعشرات النازحين من نواحي الباغوز وهجين والسوسة بتاريخ 14 ديسمبر/كانون الأول 2018 بتهمة انتمائهم لتنظيم الدولة(24).
ثانياً: التطوّرات الميدانيّة في مخيّم الهول
نظرًا لارتفاع أعداد القاطنين في المخيّم لجأت إدارة المخيم إلى التفاوض مع وجوه عشائريّة بهدف كفالتهم والسماح بعودة أسر معيّنة إلى مناطقهم، في حين أن قسد تتواصل منذ 2017 مع عدد من الحكومات الأجنبيّة بهدف استعادة مواطناتها وأبنائهنّ الموجودات في مناطق سيطرتها، خاصّة النساء الموجودات في مخيّم الهول.
- الخروج من المخيّم بوساطات محلّيّة
بعد شهرين من السيطرة على آخر معاقل تنظيم الدولة في الباغوز أعلنت الإدارة الذاتية في 26 أيار/ مايو 2019 عن البدء بإعادة النازحين السوريين في مخيّم الهول بريف الحسكة إلى مدنهم وقراهم، وذلك من خلال التسجيل أمام الراغبين بالعودة إلى مدنهم وقراهم في مدينتي الرقّة والطبقة أوّلاً كما أعلنت أنه سيتمّ إثر ذلك تسجيل جميع الراغبين بالعودة إلى مناطقهم من السوريّين.
من الجدير بالذكر أنّ هذا القرار سبقته عدّة اجتماعات في ناحية عين عيسى التابعة لمحافظة الرقة مع وجوه عشائريّة اجتمعت تحت مسمّى “ملتقى العشائر“ تمحورت على التعهّد بمواجهة داعش في مناطقهم وتقديمِ تعهّدات منهم بأن لا يرتكب العائدون أعمالاً تُخلِّ بالأمن العام(25)، تلا ذلك مغادرة 800 امرأة وطفل للمخيّم إلى مدن الرقة والطبقة(26).
ووصل عدد المدنيين الذي خرجوا عبر هذه الآلية بحسب إدارة المخيم نحو 2500 شخص(27)، وقد تلا ذلك السماح لنحو 200 شخص العودة إلى مناطقهم في ريف دير الزور الشرقيّ(28). وما تزال هذه الآليّة مستمرّة بالرغم من توقّفها على وقْع الإجراءات المتعلّقة بمكافحة وباء كورونا والتي تمثّل أبرزها فرض حظر تجوّلٍ في المنطقة التي تسيطر عليها قسد(29).
- عمليّات استعادة أطفال تنظيم الدولة
إلى جانب عودة المدنيين فقد عملت بعض الدول على استعادة أطفال التنظيم وأمهاتهم أو استعادة بعض الأطفال اليتامى، فبلغت الدول السوفياتيّة سابقًا أعلى معدّل من حيث الاستعادة، بينما كانت الدول الأوروبيّة أقلّها استعادة(30).
وما تزال أعداد المغادرين من المخيّم إلى دولهم ضئيلة مقارنة بالأعداد المتبقّية فيه، حيث لم يتجاوز المسلَّمون لدولهم في أفضل الأحوال 1400 امرأة مع أطفالهنّ، كما أنّ مسألة عودة العراقيين من المخيّم إلى العراق ما تزال قيد المناقشة، فلم يحرَز فيها تقدّم يذكر على صعيد التنفيذ(31).
ثالثاً: مخاطر التطرّف في مخيّم الهول
على الرغم من أغلب الموجودين في مخيّم الهول لم ينتموا لتنظيم الدولة عمليًّا، إلا أنّ أغلبهم عاش في مناطق خضعت لسيطرة التنظيم، ولذا فإن الأجواء التي تحرص بعض النسوة المتشددات في المخيّم على تنفيذها عايشها قاطنو المخيّم سابقًا.
وبالرغم من أن الأطفال والنساء السوريّات والأجنبيّات اللواتي اقتنعن بأيديولوجية تنظيم الدولة سابقًا قد وُضعنَ في مخيّم الهول معًا، إلا أنه يجدُر التنبُّه إلى أنهن لسنَ على سويّة واحدة في القناعة أو التطبيق لإيديولوجيا التنظيم، فثمّة أعداد منهنّ التحقت بالتنظيم بسبب سوء الإدراك أو بفعل الإكراه، كما أّن بعض النساء والأطفال المحتجزين في مخيّم الهول كانوا منتسبين لأجهزة مختلفة من تنظيم الدولة، كشرطة الحسبة أو تدرّبوا في معسكرات ما يُعرَف بـ”أشبال الخلافة”، في حين أنّ البقيّة لم يكونوا أكثر من أيتام لم يروا آباءهم الذين قتلوا في معارك التنظيم ولم تكن أمهاتهم أكثر من ربّات منازل وزوجات أُجبرن على الزواج بمقاتلي التنظيم(32).
هذه الاختلافات مهمّة للتعرّف على خطورة دمجِ قاطني المخيم من هذه الخلفيّات كلها في مكان واحد، وانتشار دعايات التطرّف في أوساطهم جراء عوامل مختلفة سواءً بفعل الأحاديث اليوميّة المتداولة بين قاطني المخيّم الذين عاشوا في مناطق سيطرة التنظيم سابقًا، والتي تستذكر صواب قتال تنظيم الدولة لقوات قسد باعتبارهم “مرتدّين وكفّارًا” “يحاربون الإسلام والمسلمين”، أو جرّاء المعاناة والإهمال الذي يعاني منها المخيّم، الأمر الذي تستغلّه نسوة التنظيم الأكثر تشدُّدًا لشحن نفوس الأطفال والنساء فكريًّا وذهنيًّا ضدّ إدارة المخيّم، ومتابعة ذلك تحت عين ما بات يعرف بـ“نساء الحسبة“، إضافة إلى محاولات الفرار من المخيّم والتوجّه إلى مناطق أخرى لا تسيطر عليها قسد(33)، كالعراق أو تركيا، أو مناطق الفصائل المعارضة في الشمال السوري.
- إنشاء الحسبة ومهامّها
أنشأت النسوة اللواتي عملنَ في وظائف مختلفة لدى تنظيم الدولة سابقًا مجموعةً أطلِقَ عليها “نساءُ الحسبة” بهدف:
- الدعوة لفكر التنظيم والدفاع عنه.
- مراقبة تطبيق الفرائض الدينيّة، ومحاسبة العائلات أو الأشخاص الذين يرفضون تطبيق الفرائض/ أو يبتعدون عن تعاليم التنظيم(34).
تعمَدُ هذه المجموعة إلى إنشاء حلقاتٍ تعليميّة موزّعة على قطاعات المخيّم في أيام مختلفة من الأسبوع، وذلك بهدف تدريس الأطفال فيها مبادئ الفكر الجهاديّ، خاصّة قضيّة الولاء والبراء التي تعدّ ركيزة الانطلاق نحو الغلوّ العنيف، إضافة إلى اتباع هذه النسوة أساليب الترهيب المختلفة لمخالفي تعليماتهنّ كحرق الخيام المخالفة في بعض الحالات وقد تصل إلى قتلِ المستهدَف، حيث وقعت العديد من حوادث القتل على أيدي نسوة من التنظيم، فقد أقدمت –على سبيل المثال- امرأة أذربيجانية -من عوائل التنظيم- على قتل حفيدتها خنقًا في المخيم بدعوى أنها ترفض ارتداء النقاب، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام تابعة للإدارة الذاتية(35)، وتشير انتهاكات أخرى إلى حرق مجموعة الحسبة ما يزيد عن 500 خيمة، إضافة إلى وقوع نحو 24 حالة قتل لنساء ورجال من جنسيات مختلفة(36)، كما تشير حوادث أخرى إلى قيام الحسبة بعدة محاولات طعن لعناصر من حراس المخيّم(37).
ألقت قوات الأسايش القبض على مجموعة من النسوة العاملات في الحسبة -بحسب مصادر محلّية- بعد أن عثروا معهنّ على قصاصات ورقية تحتوي على شيفرات مكوّنة من كلمات وأرقام غير مفهومة، وإثر التحقيق اعترفت النسوة بأن بعض الرسائل كانت تتضمّن أوامر بارتكاب جرائم قتل وحرق لبعض الخيام التي خالفت تعليمات الحسبة(38).
- محاولات الهروب
بالتوازي مع إنشاء مجموعة الحسبة وآثارها المباشرة في نشر التطرّف والخوف داخل المخيّم، عمدت العديد من عائلات التنظيم للهروب من المخيّم، وقد أشارت المصادر الرسميّة في إدارة المخيم إلى وقوع نحو 300 محاولة هروبٍ منذ وصول عوائل التنظيم إلى المخيّم(39).
ويستخدم الهاربون عدّة طرق، أهمها:
- الهروب العشوائي:كان من أواخر هذه الحالات محاولة خمس نسوة روسيّات الفرار مع أبنائهنّ من المخيّم مطلع آذار/مارس 2020(40). وتتّسم هذه المحاولات بأنها عشوائيّة؛ أي أنها لا تقوم على اتفاق مسبقٍ مع مهرّبٍ أو عناصر من قسد العاملين في حراسة المخيّم، وعلى الرغم من تكرّر محاولات الفرار العشوائيّة؛ إلا أن هذه العمليّات لا تنجح عادةً، نظرًا للحراسة المشددة على أسوار المخيّم وكثافة الدوريّات الأمنية في محيط المخيّم.
- الاتفاق الشخصيّ مع مسؤول ميسر التهريب:في حالات أخرى أكثرُ تنظيمًا؛ تلجأ بعض النسوة إلى الاتفاق مع مهرّبٍ لإخراجهنّ من المنطقة، أو باستمالة عناصر من أمن المخيّم بمبالغ ماليّة مختلفة لتسهيل هروبهنّ. وتقدّر مبالغ التهريب من خلال هذا الأسلوب بين ألف إلى ثلاثة آلاف دولار أمريكيّ على الشخص الواحد(41)، إلا أن هذه الطريقة ليست مضمونة النجاح، حيث يلوذ المهرّبون بالفرار عادة، ويتركون النساء مع أطفالهنّ مع اقتراب أي دورية لقسد، أو يعمد كثيرٌ منهم للتبليغ عن النساء أو تسليمهن لقسد(42)
- الاعتماد على شبكة الفساد:الحالات الأكثر نجاحًا تعتمدُ شبكةً معقّدة من الفاسدين العاملين داخلَ استخبارات قسد وإدارة المخيّم، حيث تتمّ بمفاوضات غير مباشرة مع رجال من التنظيم أو ذوي علاقة معه، ولا يتمّ الدفع فيها نقدًا وإنما عبر كفالة أشخاصٍ معتَمدين لدى الطرفين، ومع انتهاء عملية التهريب بإيصال الأفراد إلى خارج مناطق قسد تنتهي المهمّة ويتم تحويل المبالغ المتفق عليها. وتبدأ كلفة هذه الطريقة بعشرة آلاف دولار أمريكي، وتزيد مع زيادة عدد الأشخاص وباختلاف جنسياتهم، حيث قد تصل إلى نحو ثلاثين ألف دولار(43).
سُجّلت حالات هروب متعددة وصلت فيها العائلات إلى عمق الأراضي العراقية والتركيّة، ففي نوفمبر / تشرين الثاني 2019 اعتقل الجيش العراقي 27 عائلة استطاعت الوصول إلى قضاء تلعفر في محافظة نينوى(44)، كما سلّمت سبع نسوة تركيّات أنفسهنّ للسلطات التركيّة عند المعبر الرسمي بين تركيا وسورية في ولاية هاتاي(45).
رابعاً: خطورة أوضاع المخيّم الحاليّة على مستقبل سورية والمنطقة
إنّ بقاء الوضع في مخيّم الهول على شكله الحاليّ سيكون له انعكاسات أخرى مختلفة، سواء كانت قانونيّة أو اجتماعيّة أو أمنيّة على سورية والمنطقة وعلى الأطفال أنفسهم.
صرّح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان بأن الوضع في مخيّميّ روج والهول شمال شرق سوريّة أشبه ما يكون بـ “قنبلة موقوتة“(46) كما ذكر “مصطفى بالي“ -مدير المركز الإعلامي للإدارة الذاتية والناطق باسم قسد- أنّ إدارة المخيّم قد تصبح عاجزة عن ضبط قاطنيه فالمخيّم –بحسب تعبيره- “مدينة داعشية، فلا يمكن السيطرة على 70 ألف شخص، وليس هناك من الحراس سوى ما يكفي لصدّ الهجمات الخارجيّة فقط”، وأشار إلى أن “الوضع يزداد خطورةً” خاصة مع تحوّل المخيّم إلى “أكاديميّة تابعة للتنظيم”(47).
- الانعكاسات السياسية
لا تقتصر الآثار القانونية على قاطني مخيم الهول من الأجانب خاصة، بل إنها تشمل جميع المحتجزين والمعتقلين في سورية والعراق وتركيا، وقد أدّت هذه القضية إلى ظهور خلافات بين دول التحالف ضد تنظيم الدولة، وانعكست هذه الخلافات في أرض الواقع على عدد من التعاملات والآثار المباشرة.
تتمثّل أبرز الآثار القانونية بسحب الجنسية من المعتقلين المنتسبين لتنظيم الدولة، أو العمل على استعادة الأطفال دون أمهاتهم مما يؤدي إلى نزع حق الأمومة أو الأبوة من المحتجَز وأخذ أولاده منه، إضافة إلى آثار أخرى تتعلق بقضايا محاكمة هؤلاء المعتقلين والمحتجزين في بلادهم أو في المناطق التي احتجزوا فيها.
أ. الخلافات داخل التحالف الدولي
طالبت الولايات المتّحدة في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 من الدول المشاركة في التحالف الدولي استقبال مواطنيها المنتسبين إلى تنظيم “الدولة الإسلاميّة“ الموجودين في سوريّة أثناء انعقاد اجتماع وزراء خارجيّة دول التحالف الدوليّ في واشنطن لمناقشة الخطوات المقبلة في مواجهة التنظيم(48).
وكان المبعوث الأمريكيّ الخاصّ بسوريّة جيمس جيفري قد صرّح بوجود خلافات بين الدول الأعضاء في التحالف بخصوص استعادة الدول الأصليّة لمواطنيها من مقاتلي التنظيم المحتجزين في سوريّة والعراق(49).
تجلّت آثار هذا الخلاف في القمّة على خلفيّة قرار الانسحاب الأمريكيّ الفجائيّ قبيل انطلاق عمليّة نبع السلام التركيّة، من حيث تأكيد كلٍّ من الأمين العام لحلف الناتو والمنسق الأمريكيّ في وزارة الخارجيّة لمكافحة الإرهاب على وصف الوضع الأمنيّ في سوريّة بأنه “هشٌّ، وصعبٌ”(50) إضافة إلى تأكيد مصادر أمنيّة أمريكيّة بأن وجود مخيّمات الاعتقال في مناطق قسد يشكّل “قنبلة موقوتة”، في ظل وجود نحو عشرة آلاف مقاتل فيها كثير منهم ينتمون للدول الغربيّة(51).
ب. التشدّد في استعادة البالغين
تتبع عدّة دول أوروبّية موقفًا متشدِّدًا تجاه عودة العناصر المنتسبين إلى تنظيم الدولة، مثل الدانمارك –التي أعلنت عن عزمها سحب الجنسيّة منهم لمنعهم من العودة(52)– وبلجيكا –التي تصرُّ على محاكمة مواطنيها في الأماكن التي اعتقلوا فيها وفق القوانين المحلّيّة بحسب تصريحات وزير الخارجيّة البلجيكيّ(53).
كما ترفض عدة دول كبلجيكا وفرنسا وبريطانيا استعادة الأطفال مع أمهاتهم، وتعمل على استعادة الأطفال دون غيرهم، فقد رفضت فرنسا استقبال أيٍّ من عناصر التنظيم البالغين، وتصرُّ على محاكمتهم في البلاد التي اعتقلوا فيها -خاصّة سوريّة والعراق(54). ولا تُظهر فرنسا خطوات مرنة في هذا الجانب، خاصة أن عدد العناصر الفرنسيين المعتقلين في سورية والعراق وتركيا يناهز 500 عنصر، بينهم قرابة 100 مقاتل سابق، ونحو 300 من أُسرهم، بالإضافة إلى قرابة 150 طفلاً (55).
وتقوم فرنسا باستعادة الأطفال إن كانوا أيتامًا أو منفصلين عن عائلاتهم. وقد استعادت في هذا الصدد عددًا منهم(56)، الأمر الذي دفع عددًا من نساء التنظيم إلى رفع دعاوى قضائية ضدّ وزير الخارجية الفرنسيّ بدعوى “رفض تقديم الإغاثة لهُنّ”، وبحسب وسائل إعلام فرنسية فإنّ العائلات تتهم وزير الخارجية بأنه رفض “طوعًا وعمدًا” إعادة نساء وأطفال لعناصر فرنسيين كانوا ضمن صفوف تنظيم “داعش”، وتجاهل مطالب الإدارة الذاتية لباريس بتحمّل مسؤوليّاتها وإعادة مواطنيها(57).
ج. محاكمة عناصر التنظيم في العراق وسورية
تطلب فرنسا من العراق محاكمة عناصر تنظيم الدولة ونساءه في أرضه، وسبق أن حُكِم على أربعة فرنسيّين بالإعدام في العراق إثر اعتقالهم؛ إلا أن فرنسا لم تبذل جهدًا لاستعادتهم وإنما تواصلت مع الحكومة العراقيّة بغية تخفيف الحكم الصادر بحقّهم(58)، بالرغم من ترحيل تركيّا سابقًا لعدة عناصر من الجهاديين الفرنسيين عام 2014(59).
إثر انطلاق عمليّة نبع السلام حطّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2019 في العاصمة العراقيّة -في زيارة تشمل أربيل أيضًا-، تحت عبارة مشروع “بحث آليّة دوليّة لمحاكمة عناصر “تنظيم الدولة“(60).
إلا أن الوزير الفرنسي قدم في حقيقة الأمر جملة مقترحات للعراق للاحتفاظ بعناصر التنظيم الأوروبيين عامّة والفرنسيين خاصة، سواءً من خلال اقتراحه “بناء معتقلات ومخيمات ذات حراسة مشدّدة لنقل 10 آلاف عنصر من “التنظيم” إليها مع عوائلهم، أو باقتراحه إنشاءَ آليّة لمنح بعض العوائل المنتسبة للتنظيم الجنسية العراقية نظرًا لزواج الكثير من عناصر التنظيم الأوروبيين من النسوة العراقيّات اللواتي أنجبن أطفالًا منهم، وهذا كافٍ لمنح أولادهم وأزواجهم الجنسية العراقيّة(61).
وقد لاقى العرض الفرنسي رفضاً عراقياً، حيث قالت وزارة الخارجية العراقية يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر 2019 إنّ “العراق معنيّ بتسلّم الإرهابيين الذين يحملون الجنسيّة العراقية وعوائلهم، وسيُحاكمون في المحاكم العراقية وفق القوانين النافذة، وأنّ بغداد غير معنية بتسلّم عناصر التنظيم الأجانب وأن على دولهم أن تتكفّل بهم”(62).
وسلكت الحكومة البريطانية نهجًا مشابهاً للنهج الفرنسي من حيث رفضها استقبال الحاملين لجنسيتها في المخيم، وعمدت إلى تجريد بعض المواطنين البريطانيّين البالغين من جنسيّتهم، حيث استخدمت الحكومة البريطانية تفسيراً قانونياً مثيراً للجدل للمادّة رقم 40 لقانون التجنيس لعام 1981، ويستند التفسير إلى وجود أصول أخرى لمن تم تجريدهم من الجنسية، بما يمكنُهُنّ من نيل جنسية البلد الأصلي، كالجنسية البنغاليّة التي تعود شميمة في أصولها إليها.
- الانعكاسات القانونيّة المباشرة
إنّ أبرز الآثار التي تنجم عن رفض استعادة البالغين من عناصر التنظيم المحتجزين أو المعتقلين هي قضيّة سحب الجنسيّة منهم وإيجاد مبرّرات قانونيّة قد تدفع الكثير من الدول لاتباع هذا الأسلوب، كما في حالات عديدة في بريطانيا والدانمارك، أو من خلال اتباع أسلوب فصل الأطفال عن عائلاتهم كما في حالة فرنسا أو بلجيكا التي صرّحت بأنها تعمل على استعادة الأطفال باعتبارهم بريئين من تهم الانتماء للتنظيم(63) أو العمل على المطالبة بمحاكمة المتّهمين على أرض العراق أو إنشاء محكمة دوليّة في مناطق سيطرة سوريّة، وهذا يقضي بالضرورة –في حال تحقّقه- بالاعتراف القانوني بالوضع الحالي لقسد ومنحها الشرعيّة الدوليّة، الأمر الذي لن تقبل به دول مثل روسيا أو تركيا أو إيران.
إضافة إلى هذه الآثار المباشرة فإنّ الآلاف من مقاتلي التنظيم كانوا قد تزوّجوا وأنجبوا من نسوة سوريّات ثم تركوهنّ دون أن يتركوا أي إثبات رسميّ لزواجهم ، ممّا أوقع النسوة في حالة قانونية مضطربة، من حيث عدم إمكان تثبيت زواجها أو فسخه، إضافة إلى الأوضاع القانونية المعقّدة لأولادهم، والذين أصبحوا إما مكتومي القيد الآن، فلا يتمتّعون بأيّ مزيّة قانونيّة أو مدنيّة، أو أنهم يُنسَبون إلى أقارب آخرين كالأخوال أو الأزواج الجدد لأمهاتهم، إضافة إلى المعاناة الاجتماعيّة التي تعانيها هذه العائلات جرّاء النظرة السائدة عنها داخل مجتمعاتهم باعتبارهم أبناء قتلة أو أسر متطرّفة.
- الانعكاسات الأمنيّة والاجتماعيّة
لم تنجح قوات سورية الديموقراطية – عمليًّا – في إدارة المخيّم، بل إن الفساد المتفشي بين عناصرها الأمنية والإداريّة ساهم في تعقيد الوضع الداخلي في المخيم. كما أنها لم تنجح في ضبط الأوضاع الأمنيّة في مخيّم الهول، ويدلّ على ذلك العنف المتكرّر داخل المخيم وعودة خلايا نساء التنظيم إلى الدعاية لأفكار التنظيم وخططه ونشر أفكاره بين أوساط أطفال المخيّم خاصة في الحلقات التعليميّة التي تشرف عليها النساء، مما ينتج عن ذلك آثار مختلفة، أبرزها:
أ. تفشّي الفكر المتطرف وترسيخه لأجيال قادمة
تعمدُ نساء الحسبة والمواليات لفكر تنظيم الدولة على نشر أفكار التنظيم في صفوف عامّة السوريين والعراقيين القاطنين في المخيّم، مستغلّين بذلك الحالة الخدميّة المتردّية وعدم الانسجام الفكريّ بينهم وبين إدارة المخيّم، إضافة إلى بثّ أفكار التنظيم المتطرّفة في أطفال المخيّم، كما يقمن بمعاقبة الأمهات أو الأسر التي ترفض إرسال أولادها إلى الحلقات التعليميّة التي أنشأتها الحسبة، مما يهدّد –إلى جانب آثار أخرى- بترسيخ مفاهيم التطرّف والغلوّ لدى عناصر كثيرة من السوريين بفعل الاختلاط مع النسوة المؤدلجات داخل التنظيم، وبفعل التأثّر بأفكارهنّ التي ينادين بها، حيث تثبتُ ذلك صورٌ ولقاءات تلفزيونية داخل المخيّم مع أطفال ينادون بشعارات التنظيم خاصة شعاره الشهير “دولة الإسلام باقية”(64).
ب. ظهور جيل جديدٍ من الجهاديّين
أبرز المخاطر الأمنيّة التي تتشكّل في مخيّم الهول هو اجتماع هذا العدد الكبير من حاملات الفكر الجهادي مع أطفالهنّ (بين 7-12 آلف) في بقعة جغرافيّة واحدة، مع أكثر من 30 ألف طفل ممن عاش في مناطق سيطرة التنظيم سابقًا، في تطوّر لم يتحقّق طوال سيطرة التنظيم الجغرافيّة.
ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الأطفال الذين يعيشون داخل المعسكر من أبناء “التنظيم”، يقيمون في المخيّم منذ سنوات، وبعضهم ولِد في كنف التنظيم وحكمه، وتربّى –وما يزال- على إرث أفكاره الجهاديّة الأمر الذي يتيح لنا أن نتوقع كونهم مهيّئين للعيش على مظلوميّة الآباء وإرثهم والعمل على الانتقام لهم مستقبلاً.
ج. المخاطر الأمنيّة الناجمة عن الفرار من المخيّم
إضافة إلى خطورة تفشّي الفكر المتطرّف، يبدو الأثر المباشر أمنيًّا أكثر خطورةً الآن، وذلك بسبب هروب أعدادٍ من أبناء التنظيم وعناصره من المخيّم، واتّجاههم نحو مناطق خلايا تنظيم الدولة في العراق وسوريّة أو المناطق الهشّة أمنيًّا شمال غرب سوريّة.
خامساً: السيناريوهات المحتملة لمصير المخيم
في ظل الواقع الحاليّ للمخيّم يمكن القول إن السيناريوهات التي قد يؤول إليها مخيّم الهول تظهرُ في أربع احتمالات:
- خروج عائلات التنظيم من المخيّم
يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى كلمة أبي بكر البغدادي قبيل مقتله في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، حيث ناشد أنصار التنظيم بالعمل على تخليص المعتقلين والمحتجزين من السجون ومخيّمات الاعتقال، وذلك يدلّنا على إدراك التنظيم لأهمية قضيّة المعتقلات والمخيمات التي تغصّ بمؤيديه، حيث إنّ تحرير هذه المجتمعات التي يتفاعل فيها “الأرامل واليتامى والمسجونون” من أنصار التنظيم، ستدفعهم ليكونوا الجيل الجديد من حملة الفكر الجهاديّ المتطرّف.
بناء على ذلك فإنه من المحتمَل أن يعمل التنظيم على مسارين:
أ. دعم خروج العائلات بشكل فردي من مخيم الهول: وذلك عبر التنسيق مع الخلايا الفاسدة والمتعاونة معه من إدارة المخيم أو أجهزة قسد الأخرى، ليستمرّ خروج العائلات من المخيّم تجاه مناطق مختلفة، بحيث يستطيع تجنيد عدة خلايا له في تلك المناطق.
ب. العمل على إحداث بلبلة أمنيّة تمكّن عائلات التنظيم من الهرب: إلا أن هذا الأمر مرتبط بالواقع الأمني عمومًا في منطقة الهول، ولنجاح هذه الخطّة لا بدّ من حدوث مؤشّرات على ذلك، كسيطرة التنظيم على مساحات واسعة في العراق أو سوريّة، لتكون مكانًا بديلاً لاستقبال العائلات والأطفال الفارّين من المخيّم، كما أنّ ذلك سيضمن له تجديد دمائه العسكريّة والأمنيّة إلا أن الأمر مرهون بإجراءات وإشارات سابقةٍ، وهي لم تتشكّل بعدُ إلى الآن.
- الاتفاق على استعادة عائلات التنظيم وأطفالهنّ
يقضي هذا السيناريو بتحقّق اتّفاق بين الدول المعنيّة على استعادة كافّة مواطنيهم من أماكن اعتقالهم أو احتجازهم، سواءً كانوا في العراق أو سورية أو تركيّا، إلا أن الواقع يشير إلى أن الدول الغربية جميعاً غير معنية باستعادة حاملي جنسياتها، وأنها تعمل كل ما بوسعها سياسياً وقانونياً من أجل بقائهم حيث هم، وتكتفي مضطرة باستعادة بعض الأطفال دون البالغين.
- بقاء المخيّم على وضعه الحاليّ
يعتمدُ هذا السيناريو على جهود المنظمات الإنسانيّة والتحالف الدولي لإنشاء مراكز وبرامج لإعادة التأهيل خاصّة للأطفال والشباب الذين يعيشون حتّى الآن مع ذويهم في المخيّم، وعاشوا سنواتهم السابقة تحت حكم التنظيم، إضافة إلى دعم قسد في تعزيز حراسة المخيّم وتطوير أنظمة المراقبة فيه بتزويده بالكاميرات الحرارية وتمويل إدارة المخيّم بهدف بناء مرافق خدميّة جديدة فيه، إضافة إلى تعزيز الكوادر المحلية بتدريبها على برامج مكافحة التطرف.
كما يتطلّب هذا السيناريو التكفّل بتغطية النفقات المادية سنويًّا سواء على الحراسة والطعام والدواء بالإضافة إلى تأمين مصاريف لوجستية لشراء أجهزة أمن ومراقبة متطورة، وهذه الأموال تقدمها واشنطن ولندن وتحاول إقناع شركائها الأوروبيين والحكومات العربية بالمساعدة في تقديم هذه المصاريف.
ويعني هذا السيناريو أن مخيم الهول يمكن أن يتحول إلى “معسكر غوانتنامو” بإدارة كردية. ويبدو أن هذا السيناريو هو المفضل بالنسبة للدول التي ينتمي إليها القاطنون الأجانب، حيث يجنبهم صداع التعامل مع الآثار الأمنية والقانونية لاستعادة هؤلاء، كما يمنح الإدارة الكردية ورقة قوة، بحيث تأخذ أهمية متزايدة على الساحة الدولية باعتبارها “حارس المخيم الذي لا يرغب أحد باستلام قاطنيه”.
ويمتلك النظام السوري في هذا الصدد رغبة بالقيام بهذا الدور، والذي سيساعده في إعادة التأهيل دولياً، مستفيداً من خبراته الطويلة في اعتقال غير المرغوب بهم غربياً، بل واستقبال المعتقلين وتعذيبهم بالنيابة عن هذه الدول. ولذا فإنّ النظام سيتطلع إلى السيطرة على المخيم في حال انهيار الإدارة الكردية، نتيجة لانسحاب أمريكي مثلاً، أو ضمن اتفاق مع الإدارة.
- إنشاء محكمة دوليّة خاصّة بمواطني تنظيم الدولة الأجانب
ظهرت عدد من الدعوات الأوروبية لإنشاء محكمة دولية لمحاكمة الأجانب القاطنين في المخيم. لكن هذه الدعوات لم تصل إلى مرحلية جدية، نتيجة للإشكالات القانونية والسياسية التي تواجه مثل هذه المحكمة، أهمها غياب الصفة القانونية الدولية للإدارة الكردية، والترتيبات اللوجستية التي تتطلبها محاكمة آلاف من الأشخاص، بكل ما يحتاجه ذلك من موارد مالية وبشرية ضخمة.
سادساً: خاتمة
يشكّل مخيّم الهول الحاضنة الأهم لأبناء عناصر تنظيم الدولة وقادته المستقبليّين، كما أنه يضمّ أوسع مجتمع من المتأثّرين بفكره في مكان واحد، وهو ما لم يحصل في أوج قوة التنظيم.
يضمّ المخيّم حوالي 40,000 طفل، وهم ثلثا قاطني المخيم، معظمهم يتيم الأب، أو يتيم الأبوين، كما أن معظمهم ولد أو نشأ في مناطق سيطرة التنظيم، وتعرّض بدرجات مختلفة لفكره وسياساته قبل أن يدخل إلى المخيم، حيث أصبح يتلقى جرعات مكثّفة من هذه الأيديولوجيا، وفي ظروف لا يمكن أن تتوفر للتنظيم في أي مكان آخر في العالم.
تُسجّل بشكل دوري عمليات فرار من المخيم لعناصر مرتبطة بتنظيم داعش، حيث تتم هذه العمليات نتيجة للفساد المستشري في داخل المنظومة الأمنية المسؤولة عن حراسة وإدارة المخيم، حيث يقوم عناصر من هذه المنظومة بتهريب القاطنين في المخيم مقابل مبالغ كبيرة.
ويُمثّل القاطنون في المخيم مشكلة سياسية وقانونية للدول التي ينتمون إليها، وهي تُقدّر بحوالي 60 دولة، نظرًا لأن السماح بعودتهم تعني نقل المخاطر الأمنية إلى هذه الدول، والدخول في متاهات قانونية للتعامل مع الأطفال الذين لا يملكون أية أوراق ثبوتية، إلى غير ذلك من المشاكل.
وعلى ما يبدو، فإنّ سيناريو بقاء وضع المخيم على حاله هو السيناريو الأكثر ترجيحًا على المدى المنظور، حيث يُقدم هذا السيناريو حلاّ لأزمة الدول التي ينتمي إليها الأجانب القاطنون في المخيم، كما أنه يمثل ورقة قوة تحتاجها الإدارة الذاتية الكردية بشدة، إذ إن استمرار الإدارة أصبح مطلبًا دوليًّا باعتبارها “حارس المخيم الأخطر في العالم”.
كما يمتلك النظام السوري هو الآخر رغبة بالقيام بهذا الدور، والذي سيساعده في إعادة التأهيل دوليًّا، مستفيدًا من خبراته الطويلة في اعتقال غير المرغوب بهم غربيًا، واستقبال المعتقلين وتعذيبهم بالنيابة عن هذه الدول، ولذا فإنّ النظام سيتطلع إلى السيطرة على المخيم في حال انهيار الإدارة الكردية، نتيجة لانسحاب أمريكي مثلاً، أو ضمن اتفاق مع الإدارة.
ومع استمرار الأوضاع الحالية في المخيم، واستمرار المجموعات المتطرفة الموجودة بداخله بنشر فكرها بين الأطفال والشباب، فإنّ المخيم هو قنبلة موقوتة تزداد خطورتها يومًا بعد يوم، وقد يؤدي أي تغير أمني في المنطقة، مثل انهيار الإدارة الذاتية نتيجة لانسحاب أمريكي مفاجئ، إلى خروج الآلاف من المنتمين أو المتعاطفين أو المتأثرين بفكر تنظيم داعش، بما يمكن أن يُشكل نقطة تحول للتنظيم، كما كانت لحظة هروب أو تهريب مئات من المعتقلين في سجن أبو غريب عام 2013.
وإلى جانب قاطني المخيم من المنتمين أو المتعاطفين مع التنظيم، يتواجد آلاف من الأشخاص السوريين الذين لا ذنب لهم إلا أنهم تواجدوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. ويشكل بقاؤهم في هذه الظروف عقابًا لهم للمرة الثانية، بعد أن عُوقبوا بالعيش تحت حكم التنظيم، كما تُشكّل مصادرة حريتهم دون عرضهم لمحاكمة عادلة انتهاك للقواعد الدنيا للحقوق الأساسية التي كفلتها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
الهوامش
1- ينظر: مخيم الهول، الملاذ الأخير لعناصر ونساء تنظيم الدولة الإسلامية، بي بي سي عربي، على الرابط الآتي: https://bbc.in/2RF9HWq
2- ينظر: تحسباً لأمواج لجوء جديدة، الأمم المتحدة تحضّر مخيم “الهول” في الحسكة، شبكة شام الإخبارية، على الرابط الآتي: https://bit.ly/3enRN3U
3- ينظر: قوات للمعارضة السورية الأمريكية تدعمها أمريكا تسيطر على بلدة قرب الحدود العراقية، وكالة رويترز، على الرابط الآتي: https://bit.ly/2V7llv9
4- ينظر: تحسباً لأمواج لجوء جديدة، الأمم المتحدة تحضّر مخيم “الهول” في الحسكة، مصدر سابق.
5- نقلاً عن شيروان خليل، (اسم مستعار) إعلامي مستقل ينشط في مناطق قسد، أجريت المقابلة معه في تاريخ: 12 أبريل/نيسان 2020.
6 – مخيم الهول: أرقام وإحصاءات، الشرق الأوسط، 23/3/2020: https://bit.ly/2K3DWCf
7- Islamic State in Syria, June 2020, Ministry of Immigration and Integration, The Danish Immigration Service, P11: https://bit.ly/3hKQeOS
8- Eight children die in Al Hol Camp, Northeastern Syria in Less than a week, UNICEF, 12/8/2020:https://bit.ly/3hX5YyF
9- The Kurds’ Prisons and Detention Camps for ISIS Members, Explained, New York Times, 13/10/2019: https://nyti.ms/34KnguZ
10- من مصادر داخل المخيم قامت وحدة المعلومات في مركز جسور للدراسات بالتواصل معهم.
11- نقلاً عن شيروان خليل.
12- ينظر تقرير لجنة الإنقاذ الدولية عن مخيم الهول، على الرابط الآتي: https://bit.ly/2wHLg3i
13- ينظر: وفاة 517 في مخيم الهول، بروكار برس، على الرابط الآتي: https://bit.ly/2XAkDIE
14- حوار مع سلافا شيخو الرئيسة المشتركة لإدارة مخيم الهول، ينظر الحوار على موقع قوات سورية الديموقراطية (sdfpress) عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/3baaPsM
15- ينظر: الخدمات الطبية في مخيم الهول: ضعف كفاءة وتمييز وحصار، ماهر الحمدان، موقع syriadirect على الرابط الآتي: https://bit.ly/3a9Ad0c
16- ينظر السابق نفسه.
17- ينظَر: الأوبئة والأمراض تفتك بمخيم الهول، تقرير لشبكة الخابور عن مصادر طبّيّة من داخل المخيّم، على الرابط الآتي: https://bit.ly/2V7vp7j
18- نقلاً عن شيروان خليل، ويقارَن أيضًا بـ في مخيم الهول المكتظّ، إيديولوجية داعش تنتشر من جديد، شبكة فَنَك، على الرابط الآتي: https://bit.ly/3enKHfS
19- ينظر الهامش السابق ذاته، إضافة إلى: “رايتس ووتش”: الإدارة الذاتية تحتجز 11 ألف امرأة وطفل أجنبي بظروف مروعة بمخيم الهول، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2yj1CQ4.
20- نقلاً عن الإعلامي أحمد الحسين، مصدر سابق.
21- ينظر الخبر على شبكة شام عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/3cmUtgn
22- نقلاً عن الإعلامي أحمد حسين، مصدر سابق.
23- نقلاً عن أحمد الحسين، مصدر سابق.
24- ينظر: PYD يعتقل عشرات النازحين في مخيم الهول، شبكة الخابور، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/3a8b4TK
25- نقلاً عن أحمد الحسين، مصدر سابق، وينظَر: مخيم الهول يفتح الباب لعودة النازحين إلى مناطقهم، عنب بلدي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/3eis90C
نقلاً عن وكالة هاوار التابعة للإدارة الذاتية: https://bit.ly/3eouLKf
26- ينظر الخبر على شبكة شام، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/3em9p0o
27- ينظر الخبر على وكالة هاوار التابعة للإدارة الذاتية، عبر الرابط: https://bit.ly/3a8xSTv
28- ينظر الخبر على شبكة شام، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2yinwmU
29- نقلاً عن شيروان خليل، مصدر سابق.
30- هذه الأرقام مستخلصة من أخبار تسليم عائلات وأطفال للتنظيم لدولهم من عدة مصادر متفرقة، يمكن المقارنة معها حسب الآتي:
- وكالة هاوار التابعة للإدارة الذاتية: https://bit.ly/3a85wc6
- بروكار برس: https://bit.ly/2V83UKS
- عنب بلدي: https://bit.ly/2XA5tD6
- بروكار برس: https://bit.ly/3bbt1Cd
- وكالة روداو: https://bit.ly/2RxIUez
- بروكار برس: https://bit.ly/3a6dYbD
- شبكة شام: https://bit.ly/2V6LkmC
- قناة الحرّة: https://arbne.ws/3cntscZ
- الشرق الأوسط: https://bit.ly/3abjdGY
- هلسنكي تايمز: https://bit.ly/2wBC14u
- بي بي سي إنكليزية: https://bbc.in/2RAx57u
- تايمز: https://bit.ly/2VqWotC
- الغارديان: https://bit.ly/3ccHL3Q
31- ينظر: 40 ألف عراقي يعيشون في مخيم الهول، وأكثر من نصفهم يريد العودة، الشرق الأوسط، تحقيق صحفي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2VxEvtn
32- أشار أبو البراء محمّد الشبلي –ناشط من مدينة الطبقة- في مقابلة معه بتاريخ 14 أبريل/نيسان إلى أنه أحصى قرابة ألف فتاة تزوّجت من مقاتلين مجهولين من التنظيم في مدينة الطبقة وريفها، وقد تركهنّ أزواجهم مع أطفالهم، حيث يرى أنهم قتلوا على الأرجح.
33- The Terrorist Threat Posed by Beglect and Indifference, Foreign Policy Research Institute, 19/9/2019: https://bit.ly/34Daa0D
34- نقلاً عن شيروان خليل، وأحمد الحسين، إضافة إلى مصادر إخبارية متفرقة، كشبكة فرات بوست، وشبكة الخابور المحلية.
35- نقلاً عن شبكة سمارت نيوز، ينظر الخبر على الرابط الآتي: https://bit.ly/3emOjPh
36- نقلاً عن حوار مع أيلول رزكار مسؤولة الحراسة والأمن في المخيم، ينظر موقع وكالة أنباء هاوار، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2K6TEfG وينظر انتهاكات نساء داعش، شبكة شام، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2XB5fvn
37- نقلاً عن شبكة سمارت نيوز، ينظر الخبر على الرابط الآتي: https://bit.ly/2K4jzoj
38- نقلاً عن شبكة فرات بوست، ينظر الخبر على موقع بروكار برس: https://bit.ly/2K2HiVW
39 – نقلاً عن حوار مع أيلول رزكار مسؤولة الحراسة والأمن في المخيم، مصدر سابق.
40- نقلاً عن قناة أورينت نيوز، ينظر الرابط الآتي: https://o-t.tv/E57
41- نقلاً عن كلٍّ من أحمد الحسين، وشيروان خليل.
42- نقلاً عن شبكة فرات بوست، ينظر كيف اختفت امرأة أوزبكية من مخيم الهول، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2K2uA9N
43- نقلاً عن شيروان خليل، وأحمد الحسين، وقد ذكرت جريدة المدن عن أحد مصادرها تهريب بعض مقاتلي التنظيم من معركة الأجانب الباغوز بمبلغ 25 ألف دولار، ينظر الخبر في تحقيق “داعشي وتريد الهروب، انتظر المهرب في مخيم الهول” على الرابط الآتي: https://bit.ly/3efUWTs
44- ينظر الخبر على شبكة القدس العربي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/34zQ47c
45- ينظر الخبر على وكالة الأناضول، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Va6UGK
46- ينظر: فرنسا تحذر مخيمات النازحين شمال سورية “قنبلة موقوتة”، قناة العربية، عبر الرابط: https://bit.ly/2XBZ0rq
47- ينظر: مخيم الهول قنبلة موقوتة، إندبندت عربي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2K8lXKU
وينظر: تغريدة لمصطفى بالي على تويتر يصف فيها تكثيف داعش جهودها في المخيم، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2V9eq4y
وينظر تحقيق شبكة كردستان 24 عن الوضع الأمني في المخيم عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2xmadSj
48- ينظر تواصل الخلاف الأمريكي الأوروبي حول مصير مقاتلي “داعش” المعتقلين، دويتشه فيله عربي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/35eNsuG
49- ينظر خلاف داخل التحالف الدولي بسبب مقاتلي داعش، سكاي نيوز، عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2pwtlJa
50- ينظر السابق ذاته.
51- ينظر: مسؤول أمريكي في الولايات المتحدة، الوضع في المخيمات شمال سورية قنبلة موقوتة، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2pD3XSg
52- ينظر الدنمارك تتجه لتجريد المتشددين من الجنسية خشية عودتهم، قناة الحرة، عبر الرابط الآتي: https://arbne.ws/2r6co92 .
53- ينظر التصريح على الشرق الأوسط، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Xspn0E
54- ينظر الخبر على موقع بي بي سي، الرابط الآتي: https://bbc.in/35ivLuh
55- ينظر الخبر على موقع دويتشه فيله عربي عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2XrKtw8
56- ينظر: فرنسا تستعيد خمسة أطفال وترفض إعادة المواطنين البالغين، شبكة شام، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/3cfrX08
57- ينظر: عائلات “دواعش” فرنسا المحتجزين في سوريا تتقدم بشكوى ضد وزير الخارجية، بروكار برس، نقلا عن عدة وكالات، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/3eqLtsv
58- ينظر الخبر على وكالة الأناضول، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2QuURC1
59- ينظر الخبر على موقع بي بي سي عربي، عبر الرابط الآتي: https://bbc.in/35hS7w0
60- ينظر الخبر على وكالة الأناضول، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2qgrnND
61- ينظر الخبر على موقع العربي الجديد، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/32W3rw8
62- ينظر التصريح على وكالة سبوتنيك عربي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2KCoy05
63- ينظر: بلجيكا تربح دعاوى قضائية ضد نساء “الدواعش” سكاي نيوز عربي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2K992IB
64- Inside al-Hawl camp, the incubator for Islamic State’s resurgence, The Guardian, 31/8/2019: https://bit.ly/2XEqCfs
المصدر: جسور
Comments 1