مصطفى محمد
أثار حديث وسائل إعلام موالية للنظام السوري عن عرض صيني لتنفيذ وتمويل واستثمار مشرع نقل الضواحي بالقطار الكهربائي في دمشق ومحيطها، قراءات متفاوتة، وفتح الباب أمام تفسيرات عديدة.
وحسب موقع “سوريا اليوم” الإخباري، تدرس مؤسسة “الخط الحجازي” عرضاً قدمته شركة “CRCC” الصينية لتنفيذ وتمويل واستثمار مشروع النقل بقطارات الضواحي الكهربائية، لحل أزمة النقل بين دمشق وريفها.
وتزامن الكشف عن العرض الصيني، مع الإعلان عن بدء تنفيذ مشروع “مجمع نيرفانا” التجاري المؤلف من فندق خمس نجوم ومجمع تجاري على العقار 748 في منطقة الحجاز، عبر إحدى الشركات الخاصة التي لم يكشف عنها.
الصين التي شكّلت داعماً أساسياً لنظام الأسد على الصعيد الدولي واستخدمت حق النقض (فيتو) مرات عديدة إلى جانب روسيا لإحباط قرارات دولية ضد النظام السوري في مجلس الأمن، تدشن بهذا المشروع أول دخول واضح لها إلى الاقتصاد السوري.
ويرى خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، المستشار بمركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية، ناصر زهير أن الكشف عن محاولة هذه الشركة الدخول إلى السوق السورية، يعطي مؤشراً على توجه صيني للاستثمار في سوريا، حتى قبل بدء مرحلة إعادة الإعمار، لحجز حصة من الكعكة الاقتصادية.
ويضيف ل”المدن”، أن المعروف عن الصين اتباع سياسة إغراق الدول التي تتعامل معها بالديون، وبالتالي تعتبر الصين أن الفرصة مواتية لدخول سوريا باقتصادها المنهك، لإغراق البلاد بالديون التي يجب سدادها، حتى بتغير النظام، ما يعطيها المجال لحجز نفوذ اقتصادي كبير.
ويوضح أن الصين تُعتبر من اللاعبين الجدد في سوريا، واعتزامها الدخول في مشروع للنقل، يؤذن بدخول شركات أكبر، إلا في حال تدخلت الولايات المتحدة، وفرضت عقوبات على هذه الشركة وغيرها، لمنعها من دخول السوق السورية.
ويرى زهير أن هناك تأييداً روسياً لدخول هذه الشركة، موضحاً ان “البوادر تشير إلى تحالف روسي-صيني، استغلالاً للتراجع الأميركي المتوقع مع تسلم إدارة جو بايدن، إذ تقول كل المؤشرات بأن الأخير لن يذهب في حرب اقتصادية بعيدة مع الصين”.
ومن هنا، تحاول الصين بتأييد روسي التوقيع على اتفاقيات اقتصادية مع النظام السوري، ثمنها سندات خزينة، ستكون مستحقة الدفع على المدى الطويل.
لكن للمحلل الاقتصادي والباحث بالشأن السوري يونس الكريم قراءة مغايرة تماماً للخطوة، حيث يرى أن الكشف عن هذا المشروع، لا يعدو كونه محاولة من النظام السوري للتلويح بتطور خارج حسبان روسيا وإيران.
وفي حديث ل”المدن”، يؤكد يونس أن حديث النظام عن دخول شركة صينية في مجال النقل، يتوافق مع محاولاته التملص من تحكم روسيا وإيران الكامل باقتصاده، إذ يحاول الإيهام بأنه لديه القدرة على التغريد بعيداً عن موسكو وطهران.
ويقول الكريم: “من غير المستبعد أن يكون الأسد بصدد التخطيط لمحاصرة النفوذ الروسي، لقطع الطريق على فرض الأخيرة رؤيتها للحل السياسي التي لا توافقه، ولن يجد النظام أهم من الصين كندٍ حقيقي للحلفاء التقليديين” (روسيا، إيران).
تبدو الخطوة مثل غيرها من الخطوات الترويجية التي يقوم بها النظام للترويج بأنه المُتحكم الأول بمرحلة إعادة الإعمار، ويبقى السؤال، هل الصين مستعدة لتحمل كلفة استثمارات ضبابية في ظل عدم ثبات المشهد السياسي، وقابليته للتحول في أي لحظة؟
المصدر: المدن