آلاء العابد
عقب قرار الائتلاف الأخير إنشاء مفوضية للانتخابات بشكل يبدو ليس مدروسًا بشكل كافي وعبارات فيها بعض الضبابية، ثم إلغاءه فيما بعد، ثارت ثائرة الكثيرين بتفسيرات عجيبة وخيالية رغبوية مبنية على تقديم سوء النية لزملائهم في المعارضة من السياسيين ممن ناضل واعتقل وتهجّر، لاسيما القسم الكبير منهم، لكن طالما هذا الزميل في قيادة المعارضة فهو بائع وخائن …!!
وهذا منطق غير سليم والبعض جمعتهم زنزانة واحدة وهدف واحد لكنه تنافس الأقران والهشاشة في التفكير والأداء، وهذا لا يبني قوة ولا يحقق غاية بل يظهرنا بحالة صراعات بينية يستفيد منها النظام فقط.
لنفترض أن القرار ليس بالصحيح أو غير قانوني لكن بكل تأكيد ليس من قبيل بيع للقضية وليس تسليم البلد للأسد وليس الإقرار له.
وليس سِمة الصف الواحد هذا النوع من الصراع والاتهام بشكل لاعقلاني.. صحيح أن القرار السياسي دوماً له أثره وله التغذية الراجعة التي أحياناً تكون إيجابية وتخلق حالة رضى وينعكس أثره للمستقبل، وأحياناً تكون التغذية الراجعة أو الارتداد سلبياً، وذلك عندما يكون سبب القرار ليس مدروسًا مهنياً ومنطقياً أو مكتوب بطريقة نخبوية تفتقر الوضوح.
لكن لنسأل أنفسنا هل نحن بحاجة إلى هدم الترخيص الدولي لقوى الثورة والمعارضة لتضحي فيه، هل هذا يخدم القضية …؟
وهل عقلية المزاودة الشعبوية التي تتسبب وتسببت بخسارة لقضايا عظيمة تاريخية وهناك عقلية منطق أنا أو لا أحد ممكن تبني وطن وتحرر بلد. منطق المزاودة الشعبوية لا يعترف بالحقيقة والواقع، ويرفع صوته عاليًا رافضًا للهزيمة، فيما الواقع يكسره ويحطمه يوميًا، ومن دون أن يكون قادرًا على فعل أي شيء لتغييره لأنه يستمر في المواجهة بالمنطق نفسه والآليات ذاتها.
يتكلمون عن الحاضنة الشعبية، من يصنع الحاضنة أليست النخب؟ فإذا دخلت النخب في الصراعات فكيف ستكون حال العامة ممن نسميهم حاضنة.
لهذا فإن مهمة النخبة وأصحاب القرار مهمة صعبة وحساسة وفيها أمانة كبيرة للناس بمختلف توجهاتهم.
لست أكتب بمنطق المدافع عن أحد لكن بموقف الناقد والناظر لما جرى ويجري
ونحن بحاجة أن نفكر بمنطق التكامل وليس التآكل ومنطق الناقد المصحح للأخطاء والمستفسر عن الغموض وليس موقف الهدم.
ولهذا أرى أن على النخبة الواعية واجب كبير من البناء والتوجيه الصحيح للمجتمع والعامة والسعي لنهضته وتحرير أغلال تفكيره وليس لغة المزاودات والصراعات التي تتغلف غالباً باللغة الوطنية فالهدم والصراع البيني لن يفيدنا في صراعنا الاستراتيجي الكبير مع النظام وحلفاؤه.
حلفاؤنا يتآزرون ويتخادمون ويحشدون ونحن نتفرق ونتصارع، بكل تأكيد لدينا الكثير من الأخطاء في كل مؤسساتنا لكن الحل بالعلاج والإصلاح للأفراد والمؤسسات، فما نفع الحالة هدم فصائل ونهبها بل أضعفنا. فنحن بحاجة إلى كل صوت وكل جهد وكل عمل في هذا التدافع العنيف.
المصدر: اشراق