في هدأة الليل، وزحمة اللحظات المتتابعة، وانسداد الآفاق، التي كان يمكن أن تتربع على ناصية الأمل المستقبلي، وعدواً عدوًا دون التفات (ولو هنيهة) إلى الوراء، وحيث تتموضع مكنونات النفس البشرية، كعابر سبيل، وفي انفلات الأنا بالكل، وعبر تلاطم الأمواج البحرية.. عالية الارتفاع، تتجلى انبثاقات ضوء خافت بعيد بعيد.. لكنه قادم لا محالة، يمشي الهوينى، وتلف رجلاه على بعضهما أحيانا،ً ثم يصحح ذلك في لحظات أخرى.. يقترب الضوء، وتنجس الأشياء بعد انسحاب خصلات الظلام عنها.. ليتبين الشيء وضده، ويتعدى الفاعل لمفعولين اثنين.. لا ثالث لهما. ومن ثم فإن التفاتة سارقة وبارقة إلى عيون طفل لم يشب عن الطوق بعد، تجعلك إنسانا آخر، وفي تكويعة تاريخية أخرى، ليست آنية ولا ماضوية.. بل مستقبلية بامتياز… إنه الفجر الذي لا بد آتٍ.. والصبح الذي سينبلج رغما عن الرغم نفسه …وهو الضحى الذي يتبع بزوغ شمس لا غرو ساطعة في آن قادم وليس ببعيد.
اللون الأحمر الذي صبغ كل الألوان، حتى لم تعد ألوان قوس قزح ناصعة أو واضحة أو آتية.. نراه اليوم وأكثر من أي وقت مضى، آفل ومولي وجهة أخرى.. تتعجله القلوب والأفئدة.. أن كفى هدراً.. كفى انسفاحاً، على تراب، كان أبيضاً، فأضحى كشقائق النعمان.
يقول البعض: إن ذلك أضغاث أحلام، وتغريدة تويترية ليس إلا، ونقول نقول: هو الطمي بعد الفيضان، وهو حبات التوت التي تملأ الأرض بعد هزة وهزات.. وهو عودة (انتصاب) السنابل بعد عاصفة هو جاء، وهو عقد القران بعد عاصفة غرامية عشقية قل مثيلها.. وهو كل ذلك وقبله وبعده.. فجر وشمس وضحى، وقيلولة وعصرية و مغربية و عشائية أخيرة..هي ليست العشاء الأخير .. بل الأمل المستطير.. والحسن المحلوف بيوسفه. والضوء في زمن انقطاعات الكهرباء.. والماء الزلال في زمن الشح والعطش …فهل ننعم بصبح قريب؟ وهل نغرد مع أصوات البلابل، وأحلام الصغار وأنات الكبار؟