تناقلت وكالات الأنباء مؤخرًا تصريحات لمحسن رضائي أمين عامّ مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني من أن بلاده ” ستأخذ أضعاف ما أنفقته على حماية بشار الأسد ونظامه” وذلك رداً على منتقدي التدخل الإيراني العسكري في سورية.
وكان أوضح “رضائي” أن بلاده دفعت من الأموال في سورية قرابة 22 مليار دولار” مشيرًا ” أن طهران إذا أعطت لأحد دولارًا واحدًا فستسترده أضعاف ذلك “.
وأضاف “أنا آسف أن أقول بأننا حاضرون هناك ولكن صناعتنا واقتصادنا ليس لهما أيّ تواجُد، وعلينا أن نتواجد اقتصاديًا أيضًا كما نتواجد عسكريًا وعلى اقتصادنا أن يتحرك جنبًا إلى جنب مع القائد سليماني في سورية والعراق”. ثم قال “في الحرب بسورية والعراق نقلنا خبرتنا وتجاربنا العسكرية وأنفقنا ودعمنا أيضًا ولكننا سعينا إلى تحقيق مصالحنا الخاصة، بجانب الشأن الإنساني الذي تابعنا هناك “. وقد حملت جيرون هذه التصريحات الحساسة إلى بعض السياسيين الأحوازيين المعارضين، وكذلك بعض الباحثين الأحوازيين والسوريين وسألناهم إلى أي حد يمكن أن يكون هذا الكلام جديًا؟ وهل سيتحول النظام الإيراني إلى مستثمر في سورية أم أن هناك طرقًا أخرى لإعادة ما خسره الإيراني؟ ومن أجل امتصاص غضب الشارع الإيراني، لما يفعله حكم الملالي من إنفاق كبير في سورية واليمن ولبنان؟
الباحث الأحوازي الدكتور جعفر الهاشمي تحدث عن هذه التصريحات لجيرون بقوله ” مثل هذه التصريحات سمعناها في الآونة الأخيرة من شخصيات عديدة مسؤولة في النظام الايراني منهم (رحيم صفوي) المستشار الأمني العسكري الأعلى لخامنئي، اذ صرح أيضًا بأن إعمار سورية يتطلب ٤٠٠مليار دولار، وإن إيران ستكون حصتها كبيرة في ذلك، كما ذكر بأن الاستثمار في سورية، قد بدأ، وايران الآن تستثمر مناجمًا للفوسفات السورية، روحاني أيضًا وفي تصريح أخير له تساءل قائلاً (من دعم العراق وسورية بالمال والسلاح تحت وطأة الحصار والظروف الصعبة؟!أليست ايران؟) بتصوري أن هذه التصريحات تحمل رسائل عدة أبرزها موجهة للاستهلاك الداخلي لامتصاص الغضب في الشارع، والبرهنة على أن التدخل في العراق وسورية لم يكن عبثيًا، وإنما يأتي لجلب مصالح اقتصادية كبيرة”. لكن الهاشمي يرى أن الرسالة الأخرى موجهة إلى دول المنطقة بقوله ” تصريحاته موجهة لدول المنطقة والمجتمع الدولي ومفادها بأن إيران مستعدة للمقايضة اقتصاديًا على اتفاقها النووي وتدخلاتها في المنطقة ما إن تضمن مصالح اقتصادية تعوضها ما أنفقته نتيجة تدخلاتها في المنطقة، ومما يعزز ذلك ما أطلقه (عراقچي) مساعد وزير الخارجية الايرانية منذ أسبوع في لندن رابطًا بقاء إيران في الاتفاق النووي بضمان مصالحها الاقتصادية وعليه يمكن القول بأن اللهجة الايرانية قد تبدلت قليلًا بعد الاحتجاجات ورمي ترامب كرة الاتفاق النووي في ملعب ايران عبر وساطة أوربية، وتحولت أولوياتها إلى اقتصادية بعد ما كانت سياسية، ناهيك عن أنهم يعرفون أن تلك الأنظمة في العراق وايران غير قادرة أن تسدد فاتورة التدخلات الإيرانية، لذلك تعمد ايران للتذرع بها لتحويل استراتيجية تدخلها السياسي والعسكري لاستعمار طويل الأمد في هذين البلدين”.
السيد محمود أحمد الأحوازي الأمين العام لجبهة الأحواز الديمقراطية(جاد) أكد لجيرون أن
” التجربة مع هذا النظام الإيراني أثبتت أنه يحلم بإمبراطورتيه التي هدمتها قادسية الإسلام وطبيعة الإمبراطوريات تبقى في أذهان أجيالها والحل فقط في تفكيكها مرة أخرى، حيث إن طبيعة علاقة الإمبراطوريات مع أطرافها هي طبيعة سلطوية وليست سياسية اعتيادية، والدليل أمامنا عبر علاقة النظام مع الشعوب غير الفارسية، التي كانت حليفة له لمواجهة الأخطار وبالنهاية ضمها، واليوم ايران وبشكل طبيعي تعلن العراق وسورية واليمن ولبنان أنها تابعة لإيران ولم يعلنهم حلفاء، وشكل فيها مليشيات تابعة له، وسلط على شعوبها حكام ينفذون أوامره على غرار الشعب الأحوازي والكردي والبلوشي والأذري، وحتى الجزر الإماراتية التي كان الشاه استأجر بعضها لصالح سياسة الغرب في عصر التهديد الشيوعي للمياه الدافئة ثم ضمها لإيران”. ثم قال الأحوازي ” سورية اليوم يعتبرونها جزءً من ايران، والتغييرات الديمغرافية بدأت بعد السيطرة السياسية والاقتصادية على سورية، وسليماني شكل جيش ويقود مليشيات سورية وأفغانية وعراقية وفارسية وباكستانية في سورية، وهؤلاء تم توطين عوائلهم أطراف دمشق، وحتى في قلب دمشق، وأتم سليماني الهلال، وأسس الفرس الجامعات والكليات الطائفية، ومراكز متعددة للتشييع، وقريبًا يعلن عن حوزة صفوية هناك على غرار قم والنجف، فما يقوله رضائي رسالة للداخل يعلن من خلالها أنهم أعادوا الامبراطورية وأعادوا هيبة الفرس وهذا يرضي النفوس الفارسية المريضة”.
الباحث السوري الدكتور أحمد الحمادي قال لجيرون ” ﻹيران مشروعها التوسعي العدواني في حكم الملالي، وهو قائم على تسييس الدين لتحقيق أجنداته وأهدافه، خاصة المذهب الشيعي من خلال حشد أتباعه، وخلق أتباع جدد عبر حركة التشييع العامة في الدول العربية. فولاية الفقيه التي يرفعها أنصار وأتباع حكم الملالي عبارة عن مشروع متكامل بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية واﻻيديولوجية، وأنفقت مئات المليارات ليصبح واقعًا قائمًا وتجلى ذلك بترديد الكثير من القادة اﻹيرانيين في تصريحاتهم السيطرة على أربع عواصم عربية بيروت وبغداد وصنعاء ودمشق كما يبشرون بالمزيد، لذا ﻻ أستغرب ما قاله محسن رضائي من أن بلاده ستأخذ أضعاف ما أنفقته على حماية بشار اﻷسد ونظامه ، ولكن هذا الأمر سيتحقق في حالة واحدة، وهي استمرار بشار اﻷسد ونظامه، ولكن إيران هنا تراهن على حصان خاسر سلفًا و بشار اﻷسد سيسقط ﻻ محالة ومصيره إلى الزوال، وسيكون صنع القرار السياسي بأيدي من يكن العداء ﻹيران، التي قتلت شعبنا ودمرت بلادنا، وبالتالي لن تكون مصالح إيران محققة ﻻ اﻻستثمارات ولا التسهيلات ولا اﻻمتيازات التي حصلت عليها نتيجة تدخلها لصالح بشار اﻷسد، وﻻ في استثمارات إعادة البناء و إعادة الإعمار في سورية، ولا حتى تملكها للعقارات في سورية، سواءً المنهوبة من المواطنين عنوة، أو المدفوع ثمنها بشكل بخس، أو التي مُلِّكت لهم من أملاك الدولة ” ويعتبر الحمادي أن هذه التصريحات ” تأتي ﻻمتصاص غضب الشارع اﻹيراني، وبأن الضحايا والثمن الذي قدم ويقدم في سورية سيعود عليهم أضعاف مضاعفة، نعم سيعود عليهم أضعاف مضاعفة كخسائر بشرية واقتصادية وسياسية ﻷن السوريين لن يقبلوا إﻻ باجتثاث الوجود اﻹيراني ومصالحه من سورية ولن ينعكس تدخلهم في سورية، إﻻ قتلى ومعوقين وخسائر، لكل ما أنفقوه على حماية بشار الأسد ونظامه والسبب هو اصطفافهم ضد الشعب العربي السوري وعداوتهم له بتدخلهم الجائر الذي خلف القتل والدمار، ونحن لن ننسى ما فعلته إيران بنا، لذا ﻻ مستقبل لها في سورية الثورة سورية الحرية والكرامة”.
أما صلاح أبو شريف الأمين العام للجبهة الديمقراطية الأحوازية فقد قال ” إني أجزم أن حديث رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام للاستهلاك الداخلي، والدولة الايرانية وحكومتها الخاسر الأكبر بعد الشعب السوري فيما جرى ويجري في سورية، وإنها استخدمت بشكل جيد من قبل الدول الكبرى واستنزفت طاقاتها الاقتصادية والبشرية وكذلك مكانتها وسمعتها الإقليمية، بعد ما ارتكبت من جرائم بشعة بحق الشعب السوري”. وأضاف أبو شريف ” ليس بمقدور نظام محسن رضائي أَن يحرك ساكنًا في سورية دون رخصة روسيا، وروسيا لا تسمح لإيران تجاوز خطوط مرسومة لا تضر بمصالحها وأمن إسرائيل الاستراتيجي، كما أن قادم سورية لازال غائم، وإن التعويل والرهان على نظام بشار الأسد/ السفاح رهان خاسر، وهو ذاهب لا محالة، ولَم يعد يصلح لتمرير أَي سياسة خارجية في سورية والمنطقة، وكما أن الادارة الأميركية الترامبية تختلف تمامًا عن إدارة أوباما، رغم تلكؤها، لكنها أكثر وضوحًا وحزمًا في الملف الإيراني، ولن تسمح لإيران بالاستقرار في سورية ولديها ملفات كبيرة يمكن أن تزعزع عبرها الوضع الداخلي الايراني المتزعزعة أصلًا
المصدر: جيرون