شهور قليلة تفصل السوريين عن استحقاق الانتخابات الرئاسية، وتذهب أقوى التوقعات والمعطيات، إلى سعي المجرم الكوني لتجديد فوزه بالرئاسة لدورة رابعة، مدتها سبع سنوات أخرى، إذا مكنته الظروف الإقليمية والدولية.
يحدث ذلك في ظل استمرار معاناة السوريين، بل وتفاقمها المطرد، ومخاطر كبيرة تحيق بمصير سورية- الدولة، وتهدد وحدتها، أرضاً وشعباً.
يقابل هذا التحدي الكبير، الجديد، حراك ثوري وسياسي جاد، من طيف واسع من الفصائل والمجموعات الوطنية الملتزمة بالثورة مبدأ وغاية ونهجًا، والتي ما زالت مؤمنة بالثورة، وأهدافها المشروعة والنبيلة، ومناهضة لكل إفرازات نظام العائلة، وتبذل جهودًا جبارة لإعادة تنظيم صفوفها وقواها، وتصحيح مسيرتها، للخروج من حالات التشرذم والتشتت، وإسماع صوت شعبها السوري الرافض لبقاء واستمرار نظام القتل والطغيان إلى العالم، والمجتمع الدولي المستغرق في صمته إلى درجة التواطؤ مع أطراف المقتلة المستمرة، والمنشغل بمصالحه، وفي أحسن الأحوال التعاطي مع المحنة السورية من منظور ملفات إقليمية أخرى كالملف النووي الإيراني، ومشروع التوسع الإيراني في المنطقة.
ومن المفارقات العجيبة أن يكون الفضل في تفعيل الهبة الشعبية الجديدة، أو الانتفاضة من داخل الثورة، لما يسمى (ائتلاف قوى الثورة والمعارضة) حين أقدمت رئاسته، قبل عدة شهور، على اتخاذ قرار بتشكيل ما يسمى (اللجنة العليا للانتخابات)، الأمر الذي عكس اتجاهًا خطيرًا للضلوع في صفقة ما تزال غير واضحة بالقدر الكافي تعتزم زمرة الائتلاف، مسبقة الصنع ومغتصبة قرار السوريين وطموحاتهم وأحلامهم، على الانغماس بها بشكل أو بآخر.
إن إعادة تعويم الطاغية بشار الأسد وإبقاءه رئيسًا مفروضًا على الشعب السوري يتم التهيئة له منذ مدة طويلة بغطاء من المحتل الروسي أفصح عنه صراحة وزير الخارجية الروسي لافروف حين قال في زيارته الأخيرة لدمشق ” إن الانتخابات القادمة لا علاقة لها بصياغة دستور جديد تتكفل العمل عليه اللجنة الدستورية” التي لم تنجز من عملها خلال عدة سنوات شيئًا يذكر، في إشارة واضحة إلى عدم الاكتراث بالعملية السياسية كلها، التي تتم، كما يفترض، وفق الشرعية الدولية وقرارها 2254 وبيان جنيف1، وفي رسائل ذات معنى ومغزى واضح للسوريين والمجتمع الدولي توحي ببقاء الأسد في حمايتها حاكمًا مسلطًا على رقاب السوريين لأغراض وأهداف لا يعلمها إلا الله.!
من المؤسف جداً أن التحدي الجديد، بل الصفاقة في الأمر، يأتي في ظل حالة من الصراع بين مؤسسات المعارضة السورية وصلت حدًا من الانحدار الأخلاقي، يسابق النظام ومؤسساته في فضائحيتها، وسط تسريبات أو معلومات عن استعداد بعض الشخصيات لخوض ما يسمى العملية الانتخابية في مواجهة بشار الأسد، بترتيب روسي مخابراتي، في عرض مسرحي هزيل كهزال شخوصه، وانحطاطهم.
إن الاستحقاق القادم يرتقي إلى مصاف لحظة تاريخية فائقة الأهمية، فضلًا عن أهميتها في رفض الطغيان وتأبيد التوريث، وطموحهم للانتقال الى حياة ديمقراطية سليمة تداولية، هي لإعادة اجتماع السوريين على برنامج وطني جامع، يحفظ سورية، ويصون وحدتها المجتمعية والجغرافية، ويعيد صياغة العقد الاجتماعي بين مكوناتها على أسس المواطنة والمساوة والعدالة.
إنا نضم صوتنا إلى كل ثوارنا وشعبنا في قول لا لإعادة بقاء بشار الأسد حاكمًا مفروضًا، على وطننا العزيز مشددين على أن هذا المجرم التاريخي مكانه في قفص الاتهام في محكمة العدل الدولي لا قصر الشعب في دمشق.
ما يزال في يد السوريين الكثير من أوراق القوة التي يمكن توظيفها، وما يزال لديهم مساحات واسعة للتحرك والتعبير عن مواقفهم من مختلف قضاياهم، ومايزال في هذا العالم من هو مستعد لنصرة قضيتهم العادلة، ولكن كل ذلك يتوقف على وحدتهم أولًا وأخيرًا، والتعبير عن أنفسهم، بشكل يلي بحجم قضيتهم وتضحياتهم.
يدرك السوريون والعالم أنه في ظل هذه “السلطة المتوحشة” لا يمكن التفكير والحديث عن انتخابات نزيهة وشفافة، فقد جربوه وخبروه خلال نصف قرن من حكم الأب والابن، خصوصًا في العشرية الأخيرة.
التحدي الجديد سيرسم معالم مستقبلنا ومصيرنا، وعلينا نحن مجتمع الثورة أن نجعل منها لحظة للعمل والوحدة، وتتحد أصواتنا:
لا لبشار الأسد وطغمته.
لا لبقاء حكم العائلة.
لا لأكبر طاغية عرفه التاريخ.
المصد: موقع ملتقى العروبيين