أحمد طلب الناصر
منذ إعلان القضاء على آخر معاقل “تنظيم الدولة” في آذار 2019، وبسط سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية/ قسد” على باقي مناطق شرق الفرات المتمثلة بريف محافظة دير الزور الخارج عن سيطرة نظام الأسد وميليشيات إيران، أضحت السمات العامة لتلك المناطق متمثلة بـ:
– مداهمات شبه يومية وحملات اعتقال، إما بتهم التعامل مع تنظيم الدولة أو النظام، أو بهدف التجنيد ضمن صفوف قسد.
-اغتيال شخصيات معارِضة أو قادة فصائل سابقين.
– اغتيال شيوخ ووجهاء العشائر.
– استهداف ناشطين مدنيين وعاملين وموظفين في المنطقة (بينهم موظفون داخل الإدارة الذاتية من أبناء العشائر).
– فلتان أمني وانتشار عمليات القتل والخطف وقطع الطرق والسرقات.
– أزمات اقتصادية وخصوصاً فيما يتعلّق بالمحروقات والدقيق والخبز.
تنتشر كل تلك المظاهر في ظل وجود قوات التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، تلك القوات التي يتعامل معها جزء كبير من أبناء المنطقة كقوى “ناظمة وضابطة” للوضع العام في ريف دير الزور وعموم مناطق سيطرة قسد، ما يدفعهم لاتباع أسلوب الاحتجاجات والتظاهرات للتعبير عن رفضهم ذلك الواقع المأساوي المفروض عليهم.
الاغتيالات.. سياسة تهدد مكونات المنطقة
نشر موقع تلفزيون سوريا يوم السبت الفائت (الـ30 من كانون الثاني 2021) خبراً ذكر فيه أن وفداً من ممثلي مجلس دير الزور المدني تعرّض لإطلاق نار مباشر استهدف موكبهم أثناء مروره بالقرب من حاجز للشرطة العسكرية التابعة لـ قسد، في منطقة الكرامة الواقعة بريف الرقة الشرقي.
ونقل الموقع عن مصادر خاصة به قالت إن عناصر الحاجز أطلقوا النيران باتجاه وفد المجلس المدني متسببين في مقتل أحد مرافقي رئيس المجلس، غسان اليوسف، وإصابة آخر قبل أن تتدخل قوى الأمن الداخلي (الأسايش) للفصل بين الطرفين.
وتابع الخبر أن المصادر تحدثت عن خلاف حصل بين أعضاء الوفد وعناصر الشرطة العسكرية، وتطور الخلاف ليؤدّي إلى إطلاق الأخيرين النار على موكب الوفد، ما دفع المرافقين للرد على مصدر النيران دفاعاً عن النفس، بحسب وصف المصادر التي لم تتمكن من الحصول على تفاصيل الخلاف وأسبابه، حيث طوّق عناصر من قسد موقع الاشتباك واعتقلوا جميع الموجودين ونقلوهم إلى الرقة، بينما تم إيصال رئيس المجلس إلى مقر إقامته.
القارئ لتفاصيل الخبر السالف لن يجد في الحادثة ما يميّزها عن حوادث أخرى تتكرر بين الحين والآخر في مختلف مناطق سوريا، نظراً لانتشار السلاح ومظاهر العسكرة، سواء في مناطق قسد أو المعارضة أو مناطق سيطرة النظام وغيرها. ولكن ما كشفت عنه الوقائع السابقة للحادثة، يضعنا أمام العديد من التساؤلات والفرضيات حول ما يحصل في تلك البقعة السورية الملتهبة.
تجاوز للخطوط الحمراء
مصدر مسؤول في مجلس دير الزور المدني (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أكّد لموقع تلفزيون سوريا أن الحادثة كانت الغاية منها اغتيال رئيس مجلس دير الزور المدني “غسان اليوسف” إلا أن اليوسف نجا منها، بينما قُتل أحد المرافقين.
وأضاف المصدر أن اليوسف تلقى تهديدات مباشرة من قيادات معروفة داخل قسد، حيث تتهمه بالتقاعس في لجم حراك المكون العربي وبأنه منحاز لأبناء قوميته ويعمل على تقوية نفوذهم داخل مناطق الإدارة الذاتية، موضحاً أنها أبلغته في إحدى تهديداتها بالقول إنه “تجاوز الخطوط الحمراء، وليس هناك أسهل من قتلك إذا لم تلتزم بالأوامر”.
واليوسف من أبناء الجيل الثاني ولا ينتمي لطبقة شيوخ العشائر، إلا أن علاقات وثيقة تربطه مع قيادات في التحالف الدولي، ويحظى باحترامها، ويعدّ شخصية توافقية ومحط إجماع لدى الأطراف الدولية في المنطقة. كما تربطه علاقات وثيقة مع سياسيين كبار في إقليم كردستان العراق.
ويُعتبر هذا “تجاوزاً للخطوط الحمراء بالنسبة لقسد التي لا تقبل بنشوء علاقات بين تلك الأطراف وشخصية سياسية بارزة ومثقفة من أبناء المكون العربي كغسان” بحسب المصدر.
ويتابع: “المجلس المدني يتبع أصلاً للإدارة الذاتية/ قسد، إلا أن الأخيرة لا تسمح لرئيسه أو أي عضو فيه التصرف تبعاً لمصلحة العامة وإنما لتنفيذ الأوامر الصادرة منهم فقط”.
وبيّن أن تعيين أحد أبناء البلد في رئاسة المجلس الهدف منه الخداع لا أكثر “فقسد تعيّن شخصاً كردياً يتبع لها في كل مجلس مدني، يحمل صفة (مستشار) يشارك رئيس المجلس في كل شاردة وواردة”.
ويسعي الأميركان إلى منح أبناء المكون العربي في محافظتي الرقة ودير الزور دوراً في قيادة وإدارة مناطقهم، بينما “تسعى قسد لإجهاض أي مشروع عربي في المنطقة، وهذا ما يدفعها للتخلص من اليوسف وغيره من الشخصيات العربية التي يمكن أن تكون مركز استقطاب اجتماعي في المستقبل” يختم المصدر.
الاغتيالات الأولى..
حادثة استهداف غسان اليوسف تدفعنا للعودة إلى قراءة الصفحة الأولى من ملف الاغتيالات، ودراستها في سياق المتغيّرات السياسية التي طرأت على الساحة ولعبت دوراً مهماً في كشف أبعادها.
في الـ2 من آب 2020 استهدف مجهولون موكب أبرز شيوخ عشائر العكيدات في دير الزور، إبراهيم خليل الهفل، بالأسلحة الرشاشة ما أسفر عن إصابة الشيخ إبراهيم ومقتل عمه “مطشر الهفل”، وذلك بعد أقل من يومين على اغتيال أحد شيوخ قبيلة البكارة “علي سلمان الويس” و3 أيام على اغتيال المتحدث باسم قبيلة العكيدات “سليمان الكسار”.
وفي حين تبنى تنظيم الدولة عملية اغتيال الكسار، إلا أنه لم يعلن عن مسؤوليته في اغتيال الهفل، ما دفع الشيخ إبراهيم خليل الهفل لاتهام قسد في اغتيال عمه بالدرجة الأولى، لتتنصّل الأخيرة ببيان من التهمة مدّعية أنها مشغولة في “محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة وخلاياه”.
وبالرغم من عمليتي الاغتيال السابقة، إلا أن اغتيال مطشر الهفل كان الشرارة الأقوى لاندلاع احتجاجات شعبية عمت مدن وبلدات وقرى المحافظة. ولم يكتف المحتجون بالمظاهرات، بل اقتحم قسم منهم مقار عسكرية لـ قسد وطردوا عناصرها، كما سيطروا على آليات عسكرية، وعمّت المظاهر المسلحة الخط الشرقي والشمالي أو ما يطلق عليه (خط العكيدات) بريف دير الزور.
تغيرات الإدارة الأميركية ودورها في سياسات قسد
خلال الإدارة الأميركية السابقة:
سعت قوات التحالف في تلك المرحلة إلى احتواء التوتّر وغضب العشائر الذي أعقب اغتيال الهفل، عبر الطرق الدبلوماسية وامتصاص الهيجان الشعبي تدريجياً. فلم ينقضِ أكثر من يومين على حادثة الاغتيال حتى نشر حساب السفارة الأميركية في دمشق على فيس بوك، بياناً دانت فيه الولايات المتحدة الاعتداء على شيوخ قبيلة العكيدات بمحافظة دير الزور، وآخرهم الشيخ مطشر، و”تقديم الجناة للعدالة”.
وفي الـ11 من آب 2020، عقد شيوخ العكيدات اجتماعاً طارئاً في منزل الشيخ إبراهيم الهفل ببلدة ذيبان، وأصدروا فيه بياناً وجهوه لقوات التحالف، حمّلوا من خلاله “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، المسؤولية الكاملة عن حالة الفلتان الأمني والاغتيالات، وطالبوا بأن تكون إدارة المنطقة لأبنائها العرب حصراً وإخراج قسد من مناطقهم. وأمهل البيان قوات التحالف شهراً لتنفيذ المطالب، على اعتبار أنه -التحالف- هو مَن أسّس لسلطة الأمر الواقع في شرقي الفرات.
وفي محاولة للالتفاف على اجتماع الـ11 من آب، دعت قسد لعقد اجتماع في منتصف الشهر نفسه، بقرية “الربيضة” التابعة لبلدة “الصور” في ريف دير الزور الشمالي، يضمّ أبناء عشائر العكيدات المقيمين في تلك المنطقة، وحضره بالإضافة إلى ممثلين عن قسد وفدٌ من التحالف الدولي.
وأوردت وسائل إعلام قسد أن الاجتماع تمّ بدعوة من وجهاء عشيرة البْكـيّـر إحدى عشائر قبيلة العكيدات الكبرى، إلا أن شيخ العشيرة، عبد العزيز الحمادة، نفى عبر اتصال مع موقع تلفزيون سوريا أن تكون عشيرته دعت لهكذا اجتماع.
وقال الحمادة في ذلك الوقت إن “قسد تقصّدت إقحام اسم العشيرة التي تقطن غالبية مدن وبلدات الريف الشمالي بدير الزور، لسبب يعلمه غالبية أبناؤها، ومرده أن (أحمد حامد الخبيل) الملقب (أبو خولة)، قائد ما يُعرف بـ (مجلس دير الزور العسكري) والمنضوي تحت إمرة قسد، ينحدر من عشيرة البكيّر وهم يريدون بذلك إضفاء شرعية على اجتماعهم أمام الإعلام من خلال إقحام اسم العشيرة”.
فشلت محاولة قسد في الالتفاف على اجتماع ذيبان والمطالب التي وجهها المجتمعون في بيانهم، وفشلت بالتالي في إقناع وفد التحالف الدولي أنها -قسد- تحظى باحترام المكوّن العشائري أو الاعتراف بسيادتها.
وبالرغم من عدم تلبية مطالب العشائر، إلا أن التحالف (المُدار من قبل الولايات المتحدة) حرص على التواصل مع ممثلي العشائر وعقد الاجتماعات معهم، بهدف تهدئتهم وامتصاص غضبهم، مع تقديم وعود بمنع قسد عن التدخل في أمور مناطقهم، بالإضافة إلى إطلاق مشاريع تنموية بهدف تحسين البنى التحتية وتطوير المنطقة.
أجبر الموقف الأميركي قسد على تغيير سلوكها في استهداف الرموز العشائرية وتصفيتها، فاتّبعت أساليب أخرى تمثلت في مداهمات اعتقال أبناء القرى والبلدات بتهمة التعامل مع خلايا لـ تنظيم الدولة تارة ومع النظام وميليشيات إيران تارة أخرى، بالإضافة إلى حملات التجنيد المتكررة.
إلا أنها استهدفت بعض قادة فصائل المعارضة سابقاً، فاغتالت في أواخر شهر تشرين الثاني 2020، القيادي السابق في الجيش السوري الحر، إبراهيم العطية “أبو بكر قادسية” مع “محمود الحمد” الذي كان نائباً له في السابق، بريف دير الزور الشمالي.
وأفادت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا، أن أهالي القتيلين وجهوا اتهامات لـ قسد بالوقوف وراء عملية الاغتيال. كما نشر أحد أصدقاء “أبو بكر” محادثة جرت بينهما عبر تطبيق واتساب، تشير إلى أن “أبو بكر” كان يتوقع أن تقوم “قسد” بتصفيته، بسبب رفضه لسياساتها في المنطقة.
التغيرات في ظل الإدارة الأميركية الحالية
لا شك أن إعلان فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، ساهم في ظهور تغيّرات طرأت على سياسات الدول والأطراف والقوى الفاعلة في سوريا. ولعل قسد من أكثر القوى الموجودة داخل سوريا التي تتأثر بالتغيرات الأميركية، كونها الراعية الرئيسة لوجودها في شمال شرقي سوريا.
وبإلقاء نظرة سريعة على القرارات الأولى التي أصدرها بايدن، وعلى أعضاء فريق إدارته فيما يخص الملف السوري، يتضح لدينا أن قسد من أكثر الأطراف المحظوظة والمدللة في فريق الرئيس الأميركي الجديد، بعد إيران.
فما إن أعلن بايدن عن تعيين المبعوث السابق للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة “بريت ماكغورك” مديراً لملف الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الأمن القومي، حتى انفرجت أسارير قيادات ومسؤولي قسد الذين يعتبرونه “حليفاً استراتيجياً” وأن عودته “مكسباً” لقسد ولـ الإدارة الذاتية، و”خيراً” لـ “روج آفا” على حد وصفهم.
ومنذ أيلول 2014 كان ماكغورك المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة، وأعلن استقالته في كانون الأول 2018 احتجاجاً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا.
ويُعرف عن ماكغورك معاداته لتركيا ولـ الجيش الوطني، وتأييده المطلق لـ قسد ولكل ما يرتبط بها من قوات الحماية والإدارة الذاتية وغيرها.
ترافق ذلك التعيين لـ ماكغورك مع تغيّر واضح في نبرة وقوة تصريحات قيادات ومسؤولي قسد، سواء الموجهة إلى نظام الأسد وحليفه الروسي أو إلى تركيا، وكذلك انعكس ذلك التغيّر على سلوكها وسياساتها تجاه المكونات الاجتماعية المقيمة داخل مناطق سيطرتها، وخصوصاً العشائرية في ريف دير الزور.
مع النظام والمعارضة: انقلاب في المواقف
من جهة التصريحات، رفعت قسد بشكل واضح سقف هجومها وتهديداتها لكل من تركيا وفصائل المعارضة بعد أن كانت تبدي استعدادها سابقاً لعقد اتفاقات مع أطراف المعارضة وإنجاز مشاريع مشتركة معها، وكذلك الأمر بالنسبة للنظام الذي كانت قسد تشاركه السيطرة على مدن الجزيرة السورية وإدارتها، وتواصلت معه مراراً طمعاً بالحصول على مكاسب منه.
ومن الجانب الميداني، جددت قسد قصفها المدفعي تجاه نقاط تموضع الجيش الوطني السوري في الشمال السوري، بالإضافة إلى تكثيفها عمليات التفجير عبر السيارات الملغمة داخل مختلف المدن الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني، بمعدل تفجير يومياً وأحياناً اثنان، منذ مطلع السنة الحالية.
وفي مدنها التي تتقاسم السيطرة عليها مع قوات النظام، تفرض قسد حصاراً على المربعات الأمنية الخاضعة لسيطرة النظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، وسط توتر كبير تشهده المدينتان تطور إلى تبادل عمليات اعتقال لعناصر الطرفين واشتباكات بالأسلحة.
مع المكونات السورية: عودة الاغتيالات
بعد توقف مؤقت فرضته مرحلة الإدارة الأميركية السابقة، عادت عمليات استهداف وجهاء ورموز العشائر والشخصيات المناوئة لسياسة قسد في ريف دير الزور مجدداً، بعد بدء الإدارة الأميركية الجديدة تسلّم مهامها.
ففي الـ 11 من شهر كانون الثاني الماضي، اغتيل الشيخ طليوش شتات اللافي أحد وجهاء عشيرة العكيدات، مع ابنه، في منزلهما بقرية الحوايج بريف دير الزور الشرقي.
الشيخ اللافي لم تكن له أي علاقة مع “الإدارة الذاتية”، بحسب ما أفاد عضو “تنسيقية الحراك في الشعيطات” بدير الزور، عدنان المحمد، لموقع تلفزيون سوريا، مؤكداً أنه مدني ولا ينتمي لأي جهة من الجهات الفاعلة في ريف دير الزور.
وتزامنت عملية الاغتيال مع محاولة اغتيال شيخ عشيرة (الخواتنة) وعضو “مجلس القبائل والعشائر السورية”، محمد عبود السلطان، في اليوم نفسه. وهذه المرة لم تكن العملية خارج جغرافيا سيطرة قسد فحسب، بل خارج سوريا، إذ جرت محاولة الاغتيال في مدينة ماردين التركية، وأدت إلى إصابة السلطان بجروح بليغة.
مجلس القبائل والعشائر السورية، ومقره مدينة أورفا التركية، أصدر على الفور بياناً أدان فيه “النهج” الذي تتبعه “قوات سوريا الديمقراطية في الآونة الأخيرة عبر استهداف شيوخ ووجهاء العشائر العربية”.
وأعادت حادثتا اغتيال اللافي ومحاولة اغتيال السلطان إلى الواجهة أيضاً، عمليات الاغتيال السابقة التي طالت شيوخ العشائر في ريف دير الزور.
10 عمليات اغتيال في أقل من 3 أيام!
بعد اغتيال الشيخ اللافي بأقل من 4 أيام، اغتيل “حسين شيخ الجميل” وهو أحد وجهاء عشيرة “البكيّر” إحدى كبرى عشائر قبيلة العكيدات، على يد مجهولين أيضاً، في منطقة العزبة شمالي دير الزور.
شيخ عشيرة البكير، عبد العزيز الحمادة، علّق على حوادث الاغتيال الأخيرة في حديث لموقع تلفزيون سوريا، بالقول: “هم يريدون أن تكون هذه المنطقة ملتهبة على صفيح ساخن من القتل والدم”.
وأضاف الحمادة: “الجريمة تدل على الجاني الذي بات مكشوفًا وواضحاً للعيان، وأقصد سلطة الأمر الواقع، قسد بالتأكيد”.
بينما يكشف نجله، حسام عبد العزيز الحمادة، عن سلسلة اغتيالات شهدها ريف دير الزور الشرقي انطلاقاً من اغتيال اللافي لتشمل نحو 9 شخصيات مدنية أخرى خلال أقل من 3 أيام.
وقال حسام الحمادة لموقع تلفزيون سوريا إن “هذه العمليات تؤكد أنّ ثمّة جريمة منظّمة تُدار في المنطقة، إذ نُفّذت ضمن نطاق جغرافي اصطلح على تسميته في الآونة الأخيرة بـ (مثلت الموت) لأنه لا يكاد يمر يوم دون أن يكون هناك استهداف لشخص أو أكثر”.
ويضيف الحمادة أن “هذا المثلث يشمل مناطق (الصور، البصيرة، الشحيل، الحوايج) والأرياف المحيطة. بالإضافة لعمليات متفرقة في عموم ريف دير الزور الشرقي”.
ويشير الحمادة إلى أن “المفارقة الملفتة أن هذه المنطقة التي يُفترض أن تكون الأكثر استقراراً لكونها تضم أهم نقاط التمركز لقوات التحالف الدولي، تُعتبر اليوم الأكثر فوضى والأكثر فلتاناً على الإطلاق. وبالنظر إلى الانتماء العشائري والمناطقي للضحايا المدنيين، وجدنا أن الهدف الوحيد القابل للتحقق هو تحويل المنطقة إلى بؤرة من الفوضى بعد إفراغها من ثقلها الاجتماعي المتمثل بكبار ووجهاء العشائر ما يسهّل السيطرة عليها من قبل قوات الأمر الواقع”.
وفي معرض تعليقه على مقتل اللافي، يلفت الحمادة إلى أن الأخير “عُرف عنه الحياد وبلغ به العمر مبلغه من الكبر، لذلك نجد أن الغاية المرجوّة من هذه العمليّة، هي تغيير معالم المكان الثقافيّة والاجتماعيّة من خلال استهداف البُنية القبليّة وإضعافها، وهذه سياسة تتّبعها قسد في منطقتنا، كأي سلطة احتلال أخرى”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا