عدنان عبد الرزاق
لم يبرئ مربي الدواجن بمحافظة إدلب، محمود شحود، مسؤولين في حكومة الأسد “من العبث بقطاع صناعة الدواجن لتحطيمه”، متسائلاً خلال اتصال مع “العربي الجديد” عن كيفية الاستمرار بهذه المهنة المخسرة عمداً.
المشتقات النفطية لتدفئة المزارع مفقودة أو أسعارها مرتفعة، ويصل سعر ليتر المازوت بالسوق السوداء، بمناطق سيطرة النظام لنحو ألف ليرة، وكيلو فحم الكوك “لزوم التدفئة” أكثر من 550 ليرة وكذلك ارتفاع أسعار الذرة الصفراء إلى نحو 450 ليرة وكسبة القطن 400 ليرة “إن توفرتا”.
ويضيف صاحب مزرعة الدواجن، شحود: “نحن بالمناطق المحررة، أقلعنا منذ خمس سنوات عن هذه المهنة، ولم يبق إلا عدد قليل جداً من المزارع بأرياف إدلب وحلب، لأن الفروج التركي يدخل المنطقة بنصف سعر التكلفة التي كنا نتكبدها، لكن المشكلة في مزارع حلب وحماة التي تغلق تباعاً”.
واعتبر أن هناك “مؤامرة من تجار اللحوم الذين يستوردون اللحوم المجمدة، وتراخيا من حكومة الأسد التي قلصت دعم الأعلاف والأدوية البيطرية والمشتقات النفطية”.
وتشير مصادر رسمية سورية إلى خروج مزارع الدواجن بمدن شمال شرق سورية “دير الزور، الحسكة والرقة” وإغلاق المداجن بمدن شمال غرب “إدلب وريف حلب واللاذقية” ولم يبق بسورية اليوم أكثر من 1500 مزرعة من أصل أكثر من 12 ألف منشأة عام 2011، وكان يعمل بهذا القطاع نحو 1.2 مليون سوري.
ولم يعد الإنتاج المحلي، بحسب المصادر، يسد أكثر من 20% من حاجة السوق المحلية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، فسجل سعر كيلو الفروج اليوم الإثنين بدمشق 5500 ليرة وكيلو شرحات الدجاج 8 آلاف ليرة، مرتفعاً بأكثر من 800 ليرة خلال أسبوع، ليرتفع بالمقابل سعر صحن البيض”30 بيضة” لنحو 6 آلاف ليرة وتباع البيضة الواحدة بالعاصمة السورية بـ225 ليرة سوية، وذلك بعد توقف 11 منشأة حكومية “مؤسسة الدواجن” كانت تنتج البيض والصيصان والفروج.
في المقابل، كشفت مصادر إعلامية أن التجار المستوردين لمادتي الذرة الصفراء العلفية وكسبة فول الصويا، اللتين تدعمهما وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عبر مصرف سورية المركزي بقطع أجنبي مدعوم بسعر دولار 1260 ليرة سورية لاستيرادهما بغية دعم المربين بأسعار مناسبة، يهربون المستوردات لشمال غرب سورية أو العراق، بالسعر الرائج ويمنعونهما عن السوق المحلية، لتحقيق أرباح كبيرة من فروقات الأسعار على حساب المنتج والمستهلك المحلي.
ويحذر رئيس لجنة الدواجن في غرفة زراعة حلب، رامي ناولو من خروج جميع مداجن المحافظة من الخدمة قريباً “بسبب ارتفاع ثمن الصوص والعلف وفحم الكوك، ما يؤدي إلى موجة غلاء جديدة في أسعار البيض والفروج، لافتاً خلال تصريحات صحافية أمس، إلى أن حلب ومنذ 4 سنوات تستورد بيض المائدة من دمشق والفروج من حماة “لعدم وجود أي مدجنة إنتاج بيض المائدة فيها، أما الفروج من مصدر حلبي فهو في أيامه الأخيرة”.
وبيّن ناولو أن حلب تحوي اليوم 15 مدجنة عاملة مرخصة فقط مهددة بالإغلاق في أي لحظة من أصل 65 مدجنة كانت موجودة قبل شهرين، مقابل أكثر من 700 مدجنة عاملة قبل عام 2011.
وكشف رئيس لجنة الدواجن ناولو أن المزارع التي تعرضت للتخريب أو الدمار، لم يلق أصحابها الدعم وتعويض الخسائر “إذ إن تعويضات الأضرار تشمل 30% من القيمة التقديرية للبناء فقط، علماً أن معدات الإنتاج كلفتها عالية في تأسيس المداجن وهي غير مشمولة بتعويض الأضرار”.
وبيّن أن نحو 90% من رأسمال المداجن هو العلف غير المتوافر، علاوة على مشكلة غياب الكهرباء والمحروقات من مازوت وبنزين وفحم الكوك، وهذا الحال ينطبق على جميع مداجن القطر، بحسب ناولو الذي طالب بتمديد فترة الاستفادة من المقنن العلفي وملاحقة الفساد “بسبب الفساد والتسيب الإداري، جرى تأخير استلامنا مخصصات فحم الكوك من دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية الزراعة بحلب، فحرمت المحافظة من فحم الكوك لنفاد الكمية المخصصة منه للدواجن.
وهذا، برأيه، ما أدى إلى تباين سعره الذي يبلغ عند الحكومة 280 ليرة للكيلو الواحد مقابل 575 ليرة في السوق السوداء، الأمر الذي تسبب بعزوف المربين في فصل الشتاء عن تربية الفروج والبيّاض”، داعياً إلى معالجة وضع قطاع الدواجن في حلب بشكل خاص والمهنة بشكل عام “عبر دعم المربين بفحم الكوك والأعلاف، ومنحهم قروضاً ميسرة طويلة الأمد لترميم المداجن وتمويل إنتاجها”.
وشهدت أسعار الفروج ارتفاعاً بنحو 10% خلال الأيام الأخيرة، ليسجل سعر كيلو الفروج 5500 ليرة والشرحات 8 آلاف ليرة والكستا 7 آلاف ليرة ووصل سعر كيلو الجوانح إلى 4 آلاف ليرة سورية، في حين حافظت اللحوم الحمراء خلال الأسبوع الأخير على ارتفاع أسعارها، مسجلة 23 ألف ليرة لسعر كيلو لحم الخروف و20 ألف ليرة للحم العجل.
ويذكر أن سورية التي تستورد اليوم أكثر من 80% من احتياجات الأسواق، من الفروج والبيض، كانت قبل عام 2011 من الدول المصدرة، إذ تشير مصادر رسمية إلى أن صادرات قطاع الدواجن السوري الذي كان يشغّل نحو 1.2 مليون سوري، بلغت 15 مليار ليرة عام 2010 “كان الدولار 50 ليرة”، كما كان القطاع يوفر حوالي 42% من استهلاك المواطن من البروتين الحيواني.
المصدر: العربي الجديد