عدنان عبد الرزاق
كشفت مصادر من العاصمة السورية دمشق لـ”العربي الجديد” أن “نظام بشار الأسد أوكل استيراد النفط من روسيا إلى رجال أعمال سوريين، على أن يتم تسديد السعر بعد البيع بضمانة صندوق الدين العام أو بالليرة وفق سعر السوق السوداء”، ما يعود بأرباح كبيرة على لوبيات رجال الأعمال الذين يرفعون هامش الربح ويستفيدون من فارق سعر الدولار بسورية.
وحسب مراقبين، فإن دائرة أثرياء الحرب تزداد اتساعا حول النظام في وقت تتصاعد فيه أزمات السوريين المعيشية. وحول أهم الأسماء التي سيوكل إليها استيراد النفط، تؤكد المصادر أن سامر الفوز والأخوين قاطرجي (حسام ومحمد براء) هم بالواجهة ويوجد غيرهم، فهؤلاء من يسد عجز القمح والنفط بالسوق. والسبب برأي المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إفلاس نظام الأسد، وإلغاء شركات روسية عقود توريد قمح موقعة مع الحكومة، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويذكر أن فارق سعر صرف الدولار في سورية ضخم، إذ يحدد المصرف المركزي سعر الدولار الرسمي بنحو 1256 ليرة، في حين يصل سعر الدولار بالسوق السوداء حاليا إلى 3270 ليرة بالعاصمة دمشق، مرتفعاً أكثر من مائة ليرة عن سعر أمس الأحد.
في المقابل، كشف وزير النفط والثروة المعدنية التابعة للنظام السوري، بسام طعمة، أنه تم توقيع عقود مع روسيا لتوريد البنزين والمازوت “لتغطي من فبراير/ شباط الحالي إلى نهاية يونيو/ حزيران القادم”. ويأتي توقيع هذه العقود بالتزامن مع توقيع عقود لتوريد القمح.
ولم يوضح وزير النفط الجهة التي ستستورد النفط والقمح من روسيا، ولكنه أكد أن الكميات المتعاقد عليها هي 180 ألف طن مازوت ومثلها بنزين، أي أنه من المفترض أن يصل شهرياً نحو 30 ألف طن، كاشفاً خلال تصريحاته الصحافية، مؤخراً، أنه يوجد عجز في تأمين المازوت بأكثر من 429 ألف طن لم تصل إلى سورية بسبب العقوبات.
ويكشف طعمة، أن خسائر قطاع النفط بلغت 91.5 مليار دولار منها 19.3 مليار دولار خسائر مباشرة بالمعدات بسبب قصف طيران التحالف.
ويلتف حول النظام، رجال أعمال جدد وأثرياء الحرب إذ لم تفككهم العقوبات الأوروبية والأميركية، ولم تفتتهم الإجراءات التي طاولت ابن خال بشار، رامي مخلوف. وفي مقدمة أباطرة المال وشركاء الأسد، بحسب المصادر، الأخوان قاطرجي (محمد براء وحسام) اللذان يعملان في تجارة النفط وكانا وسيطي الأسد مع تنظيم داعش و”الإدارة الذاتية” التي تسيطر على آبار النفط، شمال شرقي سورية حاليا، وينسب إليهما استيراد النفط والقمح لصالح الأسد من الخارج.
لكن سامر الفوز برأي المصادر، هو “رامي مخلوف المرحلة” والذي لم يبرز اسمه إلا بعد الثورة السورية، ليكبر بعد عام 2011 نفوذه عبر الاستفادة من انتهاكات الحرب، لأنه “مدعوم من قبل النظام السوري”.
وحقق الفوز ثروة هائلة من خلال تمرير صفقات القمح بين النظام والأكراد، بل واتهم أيضا بشراء القمح من المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش. وتقول الحكومة الأميركية إن عائلة الفوز تستفيد من نقل وبيع النفط الإيراني إلى سورية عن طريق شركة لبنانية، بالمخالفة للعقوبات المفروضة من قبل واشنطن على طهران.
وعادت أزمة عدم توفر المشتقات النفطية إلى السوق السورية، رغم رفع أسعار البنزين الأسبوع الماضي بمعدل 25 ليرة لليتر المدعوم، ليصبح سعره 475 ليرة والممتاز 675 ليرة، كما رفعت حكومة الأسد نهاية العام الماضي سعر المازوت الصناعي من 296 إلى 650 ليرة سورية.
ويرى الخبير الاقتصادي، حسين جميل، أن تعدد أسعار الدولار (الحوالة الخارجية وبدل الخدمة الإلزامية ودعم المستوردات والرسمي والسوق السوداء) وتعدد أسعار المشتقات النفطية التي أوصلت سعر المازوت بالسوق السوداء إلى أكثر من 1000 ليرة، هي أهم أسباب فشل الدولة والفساد وثراء تجار الحرب وحرمان المواطنين السوريين أصحاب الدخول المحدودة، حتى من التدفئة.
ويضيف حسين لـ”العربي الجديد” أن سيطرة ما يسمى الإدارة الذاتية الكردية برعاية أميركية على آبار النفط شمال شرقي سورية، وبيع الإنتاج للعراق بعد الخلافات مع نظام الأسد، هو أهم العوامل التي كشفت عجز النظام، مشيراً إلى ارتفاع أسعار الوقود خاصة بعد فشل القاطرجي باستجرار النفط من المناطق الكردية، كما كان خلال السنوات السابقة، ما دفع النظام إلى التوجه لروسيا.
وتعاني سورية من عجز كبير بالمشتقات النفطية، بعد تراجع إنتاجها من نحو 380 ألف برميل نفط يومياً عام 2011، إلى أقل من 30 ألف برميل.
وكشف حسين عرنوس، رئيس مجلس الوزراء بحكومة الأسد، أن إجمالي قيمة مستوردات سورية من النفط الخام والمشتقات النفطية والغاز والبنزين بالإضافة إلى المازوت خلال الأشهر الستة الأخيرة من عام 2020 تجاوزت مليارا و66 مليون دولار.
ويؤثر نقص المشتقات النفطية بسورية على قطاع الكهرباء، إذ تصل ساعات قطع الكهرباء عن المنازل في بعض الأحيان، إلى 20 ساعة يومياً.
المصدر: العربي الجديد