حسام جبلاوي
بقرع الطبول ورفع صور رئيس النظام بشار الأسد وبحضور مسؤولين في اللاذقية وممثلين عن حزب البعث فاق عدد الأهالي، سمح النظام لسكان 6 قرى في ريف اللاذقية الشمالي بالعودة إلى منازلهم بعد أكثر من 5 سنوات من سيطرته عليها.
وقالت مصادر في اللاذقية وناشطون لـ موقع تلفزيون سوريا: إن موافقة النظام على عودة السكان بعد الكثير من الطلبات جاءت مشروطة واقتصرت فقط على ثلاث قرى في جبل الأكراد هي دورين والمريج والكوم. وثلاث مثلها في جبل التركمان وهي الغنيمية والعوينات والقصب.
وأوضحت المصادر، أن النظم سمح فقط للسكان المقيمين في محافظة اللاذقية بالعودة على أن يحصلوا على موافقة أمنية مسبقة.
وتأتي موافقة النظام على عودة السكان المحليين بعد 5 سنوات من سيطرته على المنطقة بدعم روسي، حيث منعت قوات النظام طوال تلك المدة الأهالي من العودة إلى منازلهم والاستفادة من أرزاقهم، رغم بعدها عن مناطق المواجهات العسكرية.
وما زال النظام يحرم سكان بلدة سلمى مركز جبل الأكراد وربيعة مركز جبل التركمان وهما مركز الثقل السكاني من العودة حتى اليوم، الأمر الذي اعتبره الكثير من سكان المنطقة بأنه عقوبة جماعية شملت حتى السكان الذي لم يشاركوا في الحراك السلمي.
ويضم جبلا الأكراد والتركمان خليطا من سكان عرب وتركمان، وخرجت معظم قرى الجبلين منذ بداية الثورة السورية عن سيطرة قوات النظام في العام 2012، قبل أن تشن روسيا في بداية تدخلها العسكري في روسيا نهاية العام 2015 حملة عسكرية واسعة أدت إلى سيطرة النظام على معظم مساحات ريف اللاذقية الشمالي.
ما أسباب القرار؟
وفي هذا السياق أرجع وليد صهيوني، وهو من سكان قرية دورين بجبل الأكراد ممن شملها القرار (يقيم حاليا في مخيم على الحدود السورية- التركية)، قرار النظام الأخير إلى حملة دعائية تتزامن مع ترويج النظام لانتخاباته الرئاسية القادمة.
وأوضح “صهيوني” في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن معظم سكان قرى ريف اللاذقية يقيمون في المخيمات وعدد قليل منهم نزح إلى اللاذقية، مضيفا: “لن يعود في كل قرية إلا عدد قليل من العائلات وحتى أولئك لن يتوافر لهم أبسط مقومات الحياة كالكهرباء والماء بحجة أن المنطقة عسكرية”.
وأكد “صهيوني” أن النظام لم يمنع عبثا سكان ريف اللاذقية طوال تلك المدة من العودة إلى منازلهم رغم أن بعضهم كان من الموالين، فقد شهدت المنطقة خلال السنوات الخمس السابقة سرقة ممنهجة للأراضي وأرزاق سكان المنطقة، والتي تعتبر من أخصب الأراضي وأجودها في المحافظة من قبل ميليشيات وقادة أفرع أمنية.
من جانبه أوضح إبراهيم خليلو من سكان قرية طعوما بجبل الأكراد، أن خطوة السماح لبعض السكان بالعودة هي إعلامية بالدرجة الأولى وترتبط بدعاية النظام التي يحاول أخيراً أن يبرزها بالتزامن مع الانتخابات، في إدلب وفي مناطق أخرى مثل مخيم اليرموك. مشيراً في الوقت ذاته أن هذه القرى لا تشكل أي خطر على عودة الأهالي لأن مناطق الاشتباكات بعيدة جداً وهناك قرى موالية بقربها لكن القرار كان عبارة عن انتقام جماعي.
ولفت “خليلو” النازح في ريف اللاذقية، أن من أسباب منع النظام لعودة الأهالي أيضا ضغوطا روسية تخوفا من قصف قاعدة حميميم التي تم استهدافها سابقا من هذه القرى، مشيراً إلى أن روسيا تدرك أن سكان الجبلين بمعظمهم معارضون.
انتقام طائفي:
يتذرع النظام حتى اليوم بمنع عودة باقي السكان إلى المنطقة بأنها منطقة عسكرية وأنه يتخوف من عودة هجوم “الإرهابيين”، في حين أن بلدة سلمى مثلا تقع في محيط قرية موالية أعاد النظام سكانها بمجرد سيطرته على المنطقة.
يؤكد أبو محمد، وهو من سكان بلدة سلمى ويقيم حاليا في اللاذقية، أن النظام لا يريد عودة النازحين لأنه يستثمر أراضيهم، ويضيف: “رزقنا وتعبنا ومستقبل أطفالنا، يسرقه شبيحة النظام، يكذب علينا ويقول: إنه يرحب بعودة النازحين، لكنه يرفض عودتنا لأننا معارضون له” .
ويتهم الرجل الأربعيني النظام بمحاولة إحداث تغيير ديمغرافي ويدلل على كلامه بالقول: “النظام سمح لسكان مدينة كسب وهم من المسيحيين بالعودة رغم أنها لا تبعد سوى كيلومترات عن مناطق سيطرة قوات المعارضة في جبل التركمان، وكذلك أعاد سكان قرى مركشيلة وجب الأحمر وهم من العلويين رغم أنهم أقرب من بلدة سلمى على الجبهات”.
ولفت أبو محمد في حديثه، إلى أن القرى التي تم إهمال زراعتها خلال السنوات الخمس الماضية سيحتاج الأهالي إلى سنوات لإعادتها إلى سابق عهدها، لأن الأراضي التي كانت غنية وتزود معظم المناطق السورية بأهم أنواع الفواكه باتت اليوم عبارة عن أحراش أكلها الإهمال.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا