قبل أيام من الذكرى السنوية العاشرة لاندلاع الثورة السورية، أعادت وزارة الخارجية الروسية تمسكها برواية النظام السوري حول “التدخل الأجنبي والتصدي للإرهاب الدولي”، ونددت بمحاولات “خنق النظام اقتصادياً”، مجددة مطالبتها بتقديم المساعدات الاقتصادية من دون ربطها بالتسوية.
وفي حين عقد مجلس الأمن الروسي، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، اجتماعاً لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط غداة جولة وزير الخارجية سيرغي لافروف الخليجية، وقبل أيام من زيارة مقررة لوزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي إلى موسكو في 17 من الشهر الحالي، أكد أكاديمي بارز مقرب من الكرملين والخارجية أن روسيا سوف تعترف بنتائج الانتخابات في سورية في حال نظمت هذا العام، معربا عن ثقته بأنها ستنظم وفقاً للدستور القديم.
وقالت الخارجية الروسية، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، اليوم الجمعة، إن “الاضطرابات الجماهيرية تحولت بسرعة بسبب التدخل الخارجي إلى نزاع مسلح، برزت فيه التشكيلات العسكرية غير الشرعية”، معتبرة أن سورية “تعرضت لاعتداء غير مسبوق من قبل الإرهاب الدولي”.
وأضافت: “بفضل المساهمة الروسية الحاسمة تمت هزيمة تنظيم (داعش)، وتوجيه أضرار لا يمكن إصلاحها لبنية تنظيمات الإرهاب الدولي الأخرى”.
وأشادت بتعاون روسيا مع تركيا وإيران ضمن صيغة مسار أستانة، وقالت إنه نتيجة للجهود المشتركة للدول الثلاث “يسود وقف ثابت لإطلاق النار”. لكن البيان أشار إلى استمرار وجود “بؤر توتر منفصلة في إدلب، حيث يحتلها إرهابيو جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، والعصابات المتحالفة معها، وكذلك في مناطق الوجود غير الشرعي للولايات المتحدة في شرق الفرات والتنف”.
ومع إشارة الخارجية إلى أن روسيا خاضت حرباً “لا هوادة فيها” مع “الإرهاب الدولي بجميع أشكاله، وقدمت مساعدات عسكرية من أجل تدميره على الأراضي السورية”، شددت على أن موسكو “تنطلق من ضرورة التوصل إلى حل سياسي لتسوية الصراع الداخلي”، وأعربت عن قناعتها بأن الحل لن يكون عسكرياً، مشيرة إلى أن “الحل يجب أن يكون سورياً على أساس القرار 2254”.
وأكدت أنها تتواصل مع المعارضة والنظام من أجل الدفع بمسار اللجنة الدستورية في جنيف المنبثق عن مؤتمر سوتشي في 2018. وأعادت التشديد على “رفض وضع أي سقوف زمنية لعمل اللجنة، ورفض أي إملاءات خارجية على جدول عملها”.
ورأت الخارجية الروسية، في بيانها، أن “العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين تعد إحدى أهم الخطوات في إطار استعادة الوحدة الوطنية”، وطالبت بـ”مشاركة نشطة من كل المجتمع الدولي من أجل توفير شروط حياة لائقة لملايين السوريين الذي يعانون في الخارج”.
وأعربت عن أسفها لأن “المؤشرات الإيجابية في سورية لا تسعد الجميع”، مشيرة إلى أنه “بعد فشل محاولات الأطراف المعادية لسورية في إسقاط الحكومة الشرعية لعدة سنوات عبر القوة باستخدام قطاع الطرق والإرهابيين، تحوّلت إلى طرق الخنق الاقتصادي والمالي باستخدام العقوبات والتقييدات الأحادية، وسد الطريق أمام تقديم المساعدات الخارجية، ووضع عقبات أمام عودة اللاجئين والنازحين الداخليين”، محذرة من أن “الدعم الانتقائي الذي تقدمه البلدان الغربية لعملائها في سورية يمكن أن تتسبب فقط في زيادة حدة الانقسام في المجتمع السوري، وتشجع المزاج الانفصالي في المناطق التي يسيطرون عليها والمعزولة بشكل اصطناعي”.
أكدت الخارجية الروسية أنها تتواصل مع المعارضة والنظام من أجل الدفع بمسار اللجنة الدستورية في جنيف المنبثق عن مؤتمر سوتشي في 2018. وأعادت التشديد على “رفض وضع أي سقوف زمنية لعمل اللجنة، ورفض أي إملاءات خارجية على جدول عملها”
وانتقدت الخارجية الروسية “ازدواجية المعايير” من قبل من “شارك مباشرة في إشعال النار في سورية، ومن يتحملون المسؤولية عن المأساة المستمرة عبر دعم الإرهابيين والمناوئين للحكومة السورية”، وجعل سورية “رهينة لمصالحهم الجيوسياسية الضيقة”.
وانتقدت “مقاربات أولئك الذين يطرحون مطالب سياسية من أجل تقديم المساعدة الإنسانية للسوريين بطريقة غير إنسانية وغير بناءة، خصوصاً في ظل جائحة فيروس كورونا”، ورأت أن “السوريين يعاقبون عمليا لعدم رغبتهم في العيش وفق الأنماط المفروضة عليهم من الخارج”. ودعت في نهاية بيانها “كل من هو مهتم حقا بالتوصل إلى تسوية سريعة للأزمة في سورية إلى التخلي عن المقاربات المسيسة والقيام بدور فعال في تقديم المساعدة الدولية للشعب السوري ، خصوصاً في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الحادة والتحديات الإنسانية”.
وغداة انتهاء جولة خارجية لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ذكر الكرملين أن بوتين بحث مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، وأكد، في بداية الجلسة، أهمية المنطقة بالنسبة للمصالح الروسية، وكشف عن أن الاجتماع سيتضمن تقريرين، الأول لرئيس الاستخبارات الخارجية سيرغي ناريشكين، والثاني لوزير الدفاع سيرغي شويغو.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في إحاطة إعلامية، أن وزير خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي غابي أشكنازي سيزور موسكو في السابع عشر من مارس/آذار، ويعقد جلسة مباحثات مع لافروف.
وأوضحت زاخاروفا أن الاجتماع سيتضمن “تبادلا لوجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية، مع التركيز على أوضاع التسوية في الشرق الأوسط”.
وفي ظل الجدل حول الانتخابات الرئاسية في سورية، أكد فيتالي ناعومكين، رئيس معهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الروسية، والخبير المقرب من الكرملين والخارجية، أن “روسيا سوف تدعم إجراء الانتخابات الرئاسية في سورية وتعترف بشرعيتها”، معربا عن ثقته بأن “الأسد سوف يفوز في حال تنظيم الانتخابات، وأنه لا توجد معارضة حقيقية قادرة على منافسته”.
وقال ناعومكين، لوكالة “نوفوستي”، على هامش مؤتمر لجامعة موسكو للعلاقات الدولية، إن “الأسد سيفوز بطبيعة الحال، وسيحصل على فترة لمدة 7 سنوات”، مرجحا تنظيم الانتخابات في الموعد الذي حدده النظام في مايو/أيار المقبل، لكنه زاد بأنه من “الصعب تحديد ما سيحدث خلال هذه السنوات السبع، وما إذا كان سيغير شيئا بطريقة ما، أو سيجري إصلاحات سياسية في البلاد”.
وأعرب ناعومكين عن اعتقاده بأن الأميركيين لن يعترفوا بنتائج الانتخابات، لكنهم لن يغلقوا باب الحوار مع الأسد. ورأى أن “الأسد لا يمكنه إلغاء الانتخابات أو تأجيلها، لأن العديد من الفاعلين الإقليميين والعالميين ينكرون شرعيته، وإذا لم تكن هناك انتخابات سيفقد شرعيته رسميا”.
وفي تبرير لموقف بلاده الداعم للأسد في حال تنظيم الانتخابات، قال ناعومكين إنه “لا يوجد شيء نستطيع عمله، وإلا ستفقد سورية شرعيتها، وستكون بلا سلطة”.
واستبعد الخبير الروسي حصول تقدم كبير يؤدي إلى الانتهاء من صياغة الدستور الجديد قبل الانتخابات المقبلة، ما يعني أن الانتخابات ستنظم وفقا للدستور القديم الذي أقر في 2012.
المصدر: العربي الجديد