عدنان عبد الرزاق
كشفت مصادر في سورية، الثلاثاء، أن مصرف سورية المركزي رفع سعر الحوالات الواردة من الخارج بالقطع الأجنبي، من 1250 إلى 2500 ليرة سورية للدولار الواحد، مبينة نقلاً عن مسؤول بالمصرف، أن رفع السعر يشمل المنظمات والجهات الدولية، من دون أي تغيير على سعر الصرف الرسمي للدولار الذي يحدده مركزي دمشق بـ1250 ليرة سورية للدولار الواحد لباقي التحويلات والمعاملات.
وتشير المصادر، في وسائل إعلام محلية، إلى أن شركات الصيرفة ستلتزم ببيع حصيلة مشترياتها الواردة من هذه الحوالات إلى المصارف المرخصة خلال يوم عمل واحد، وبسعر الصرف المحدد بتاريخ قيامه بعملية الشراء مضافاً إليه هامش مالي.
ويعتبر المحلل المالي من دمشق، علي الشامي، أن خطوة المركزي “ناقصة” لأن قرار رفع سعر الحوالات، لم يطاول الأموال التي يرسلها المغتربون لذويهم، وهي كتلة التحويلات الكبرى، بل اقتصر القرار على حوالات الأمم المتحدة والسفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية. كما أن القرار برأي الشامي “بعيد عن الواقع” لأن سعر صرف الدولار بدمشق اليوم، بين 4300 و4500 ليرة، بمعنى أنه يزيد عن سعر المركزي الجديد، بأكثر من 2000 ليرة للدولار.
ويضيف المحلل السوري أن “تعنت” نظام الأسد بتسعير الحوالات بأقل من السوق، إنما يفوّت على سورية القطع الأجنبي المقدر بنحو مليوني دولار يومياً حتى عام 2019، إذ أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرسومين رقم “3 و4” مطلع العام الماضي، واللذيّن جرّما التعامل بأي عملة أجنبية، ما زاد من مخاوف المحولين أو ألزمهم بالتحويل عبر الشركات المرخصة التي تسلم بالعملة المحلية حتى الآن، وبسعر 1250 ليرة للدولار حيث لم يشمل قرار المركزي أمس أسعار الحوالات من الأشخاص.
ويبيّن المتحدث عبر اتصال هاتفي أن سعر الحوالات بقيّ 435 ليرة للدولار رسميا حتى ديسمبر/ كانون الأول 2019، رغم أن سعر الدولار بالسوق كان 950 ليرة، ومن ثم رفع سعر دولار الحوالات الخارجية في يونيو/ حزيران من العام الماضي إلى 1250 ليرة وكان السعر بالسوق بنحو 2900 ليرة للدولار “الأسعار دائماً بالمصرف المركزي بنحو نصف السعر الحقيقي بالسوق”.
وتشير مصادر من دمشق، طلبت عدم ذكر أسمائها، لـ”العربي الجديد” أن التشديد والملاحقة الأمنية على شركات ومكاتب الصيرفة وعصا المرسوم 3 الذي يجرّم بالسجن كل من يتعامل بالدولار، دفع المغتربين للتحويل عبر شركات في لبنان أو الأردن، وأحياناً في تركيا، حتى لا يخسر ذووهم نصف قيمة التحويل عبر الإلزام بتسليم الحوالة بالسعر الرسمي للدولار، إذ لا أحد يقبل أن يضيع عليه نحو 50% من قيمة الحوالة حيث يتم إرسال الحوالات بالعملات العالمية لدول الجوار، ومن ثم تحويلها بالليرة إلى سورية.
وتؤكد المصادر أن “التشديد الأمني على أشده هذه الفترة، خاصة بسوقي الحريقة والمرجة بدمشق، ويتم إيصال الحوالات الخارجية بشكل شخصي بعد الاتصال بصاحب العلاقة لكن الوضع خطر وسبق للنظام الشهر الماضي أن اعتقل صرافين وموظفي مكاتب التحويل خلال تسليم الحوالات، بل واقتحم منازل بدمشق وحلب بحثاً عن العملات الأجنبية”، بحسب المصادر.
ويعتبر الاقتصادي السوري، حسين جميل، أن حصر التحويل بالشركات المرخصة وبسعر المصرف المركزي، كان من أسباب تراجع سعر صرف الليرة، لأنه زاد من خلل توازن العرض النقدي بالأسواق، بل تستفيد الدول المجاورة من العملات الأجنبية، المقدرة بنحو 60 مليون دولار شهرياً، وبالتالي يزداد عرض الليرة، لأن الحوالات تدخل سورية من الأردن ولبنان بالعملة المحلية.
وفي جوابه عن سؤال حول أسباب عدم رفع نظام الأسد سعر الحوالات الخارجية ليصل لمستويات سعر السوق، يقول جميل لـ”العربي الجديد” إن فعل النظام ذلك فسيضطر لرفع السعر الرسمي أيضاً ويعترف بالتالي بنسبة التضخم الحقيقية وربما تنهار الليرة، لذا يحاول النظام ضبط السعر بقوة القانون والرقابة الأمنية، بعد فقدانه القدرة على التدخل عبر جلسات أسبوعية لموازنة سعر الصرف بين السوق الهامشية والرسمية.
ويدفع السوريون الثمن الأكبر جراء هذه السياسة، بحسب رأي الاقتصادي السوري، لأن التحويلات ومساعدة الأبناء من الخارج، كانت أهم عوامل سد الفجوة الكبيرة بين الدخل الذي لا يزيد عن 60 ألف ليرة، والإنفاق الذي يتجاوز 750 ألف ليرة للأسرة شهرياً، حسب أحدث الدراسات.
المصدر: العربي الجديد