جنا العيسى
يجري التحضير لجولة جديدة من أعمال اللجنة الدستورية السورية، وسط حديث عن تغيير متوقع في مسار أعمالها بعد مماطلة طويلة في الجولات السابقة.
أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في 31 من آذار الماضي، التوصل إلى اتفاق يقضي بأن يعقد رئيسا وفدي النظام السوري والمعارضة في اللجنة الدستورية السورية لقاء مباشرًا بينهما.
وتوقع لافروف أن تكون الجولة المقبلة من اللجنة الدستورية السورية “جديدة ونوعية”، مقارنة بالجولات السابقة.
لقاء رئيسي وفدي النظام والمعارضة من واجباتهما
رئيس اللجنة المشتركة لوفد المعارضة في محادثات اللجنة الدستورية، هادي البحرة، قال، في حديث إلى عنب بلدي، إن اجتماع الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية بتيسير من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، هو من واجباتهما ومنصوص عليه بشكل واضح ضمن “الاختصاصات والعناصر الأساسية للائحة الداخلية” لعمل اللجنة الدستورية المتفق عليها من قبل الأطراف السورية كافة، في اتفاق تشكيل اللجنة الذي يسّرته الأمم المتحدة.
وبالتالي، فإن الاجتماع ليس جديدًا، إلا أن عدم تنفيذه سابقًا كان يعوق عمل اللجنة، والطرف الذي كان يرفض تنفيذه يتحمل مسؤولية إعاقة العمل، بحسب البحرة.
وأوضح البحرة أن الأهم من اجتماع الرئيسين المشتركين لوفدي المعارضة والنظام، بتيسير من المبعوث الأممي إلى سوريا، هو “وجود الإرادة لدى الجميع لتذليل العقبات وإنجاز المهام الموكلة للرئيسين المشاركين، وأهمها ما اتُّفق عليه، وهو تسهيل واقتراح جدول أعمال وخطط عمل تمكّن من تناول كل المسائل ولا تجعل تناول مسألة ما متوقفًا على الاتفاق حول مسائل أخرى”.
أحمد العسراوي، ممثل “هيئة التنسيق الوطنية” في اللجنة الدستورية، والذي يشغل منصب الأمين العام لحزب “الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي” في سوريا، اعتبر، في حديث إلى عنب بلدي، أن قبول الفريق المرشح من الحكومة السورية باجتماع مباشر للرئيسين المشتركين من فريق “هيئة التفاوض السورية” والحكومة السورية “خطوة متقدمة إلى الأمام”.
موعد الجولة السادسة من اللجنة قيد التشاور
أكد هادي البحرة، في حديثه إلى عنب بلدي، أنه لا بد من الاتفاق على المنهجية المنتجة قبل تحديد موعد انعقاد الجولة السادسة لضمان الإنجاز.
وأضاف، “طالبنا بضرورة تسريع وتيرة العمل، وصولًا إلى جعله عملًا مستمرًا لإنجاز مهمة اللجنة، وضرورة تنفيذ ما جاء بقرار مجلس الأمن رقم (2254)، الذي نعمل بولايته، وتنفيذًا لما جاء فيه بخصوص العملية الدستورية، إذ نص بشكل واضح في المادة الرابعة منه على تحديد جدول زمني وعملية لصياغة دستور جديد”.
وتحدث وزير الخارجي الروسي، سيرغي لافروف، عن مساعي موسكو لمحاولة عقد الجولة السادسة من اللجنة الدستورية قبل حلول شهر رمضان.
بينما أوضح أحمد العسراوي، ممثل “هيئة التنسيق” في اللجنة، أنه لم يجرِ الاتفاق حتى الآن على انعقاد الجولة السادسة قبل حلول شهر رمضان، وهذا ما ينافي الشروط التي وضعها وفد النظام بأن يكون الموعد قبل شهر رمضان.
واعتبر العسراوي أن السوريين لا يمكنهم التذرع بتوقيت شهر رمضان، إن كانوا جادين للعمل على إنجاز الدستور.
وقال المبعوث الأممي، غير بيدرسون، في 15 من آذار الماضي، خلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي، إن اللجنة الدستورية تحتاج إلى “إعداد متأنٍّ” لجولة سادسة من المفاوضات، موضحًا عجز اللجنة بمفردها عن حل النزاع في سوريا.
المتحدث باسم “هيئة التفاوض السورية”، يحيى العريضي، كان قد أوضح، في حديث سابق إلى عنب بلدي، أنه في حال انعقاد جولة سادسة، فلن تكون إلا بوجود توافق دولي والخروج بنتائج، و”في أوساط المعارضة هناك توجه بأنه إذا لم تكن هناك ضمانات من نوع معيّن، لا لزوم لها (الجولة)”.
مساعي المبعوث الخاص
أبدى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، ترحيبه بالاتفاق على لقاء الرئيسين، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية الروسي.
وأوضح هادي البحرة، أن بيدرسون يبذل جهودًا للتوصل إلى تفاهم بخصوص منهجية عمل اللجنة الدستورية ونقاشاتها بشكل يؤدي إلى مخرجات تتوافق مع ولايتها المحددة بشكل واضح.
وأضاف البحرة لعنب بلدي، “لقد قدمنا اقتراحات لتلك المنهجية قبل الجولة الخامسة للاجتماعات وفي أثنائها، كما قدم المبعوث الخاص باقتراح منه وقبلناه كممثلين عن هيئة التفاوض السورية، لكن بكل أسف لم يتم التوافق عليها”.
ولكن بيدرسون تابع جهوده لمحاولة التوصل إلى اتفاق على المنهجية بعد انتهاء الجولة الخامسة أيضًا، وما زالت جهوده مستمرة حتى الآن بهدف التوافق قبل انعقاد الجولة السادسة، بحسب البحرة.
بعد خمس جلسات “دون نتائج”.. هل السادسة ستكون مجدية؟
أشارت اللائحة الداخلية من عمل اللجنة الدستورية، إلى الالتزام بعمل اللجنة بشكل سريع ومتواصل بما يؤدي إلى تحقيق نتائج، بحسب ما قاله هادي البحرة، موضحًا أن هذه المواضيع التي ينبغي وضع آليات واضحة لإنجازها، لضمان إنجاز ولاية اللجنة بأسرع وقت ممكن.
وأضاف، “هذا واجب علينا، ولا يمكن القبول بالمضي دون إنجازات تحقق في كل دورة من اجتماعات اللجنة، الشعب السوري يعاني من مأساة خطيرة ومعاناة تتفاقم يوميًا، وهذا يقتضي مضاعفة الجهود من قبل الأطراف كافة، لا قبول بالتعطيل فهو جريمة بحق كل السوريين”.
ولم يرَ العسراوي حتى الآن أي “بوادر إيجابية” يمكن أن يتوقعها للجولة المقبلة، وربط نجاح مخرجات الجولة، “بالفريق المرشح من هيئة التفاوض السورية، والفريق المرشح من الحكومة السورية الذي لم يتجاوب فعليًا في الوقت السابق، دون استثناء لدور وفد المجتمع المدني المنقسم بآرائه بين الفريقين”.
وكان المبعوث الأممي وصف الجولة الخامسة من أعمال اللجنة، التي انتهت في 29 من كانون الثاني الماضي، بأنها “فرصة ضائعة ومخيّبة للآمال”، مشيرًا إلى عدم وجود “أي خطة عمل مستقبلية من أجل سوريا حتى الآن”.
وأضاف، في إحاطته لمجلس الأمن بشأن الجولة، “استمر العمل كما في الجولات السابقة، والنهج لم يكن مجديًا، ولا يمكننا التقدم دون تغيير طريقة العمل”.
وفي 9 من شباط الماضي، قدم بيدرسون في الإحاطة توصيات حول أهمية تغيير طريقة التعاطي في اللجنة الدستورية، إضافة إلى رأب الصدع في الانقسامات الدولية التي تعرقل التوصل إلى حل للملف السوري، بينما فشلت الجلسة في التوصل إلى بيان مشترك.
وفي زيارة إلى دمشق، في 21 من شباط الماضي، قال بيدرسون، إن مباحثاته مع مسؤولي النظام السوري في دمشق ستركز على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254”، مشيرًا إلى وجود العديد من القضايا التي يأمل الحديث عنها، وعلى رأسها الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري.
ولم يتطرق بيدرسون في تصريحه إلى اللجنة الدستورية السورية، خاصة أنه كان قد ألمح سابقًا إلى مسؤولية وفد النظام عن “تعطيل” اجتماعات الجولة الخامسة في جنيف.
وتتكون اللجنة الدستورية من ثلاثة وفود (المعارضة والنظام والمجتمع المدني)، بهدف وضع دستور جديد لسوريا وفق قرار الأمم المتحدة “2254”، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي، وتنظيم انتخابات جديدة.
المصدر: عنب بلدي