أحمد محمود
جددت هولندا تهديدها لنظام بشار الأسد باللجوء إلى محكمة العدل الدولية في حال لم تؤد المفاوضات معه إلى “نتائج”، مؤكدة التزامها بوضع حد لـ”الجرائم المستمرة حتى اليوم” ومشددة على ضرورة “إنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهولندية، فريتس كيمبرمان، لـ موقع تلفزيون سوريا، رداً على سؤال حول موعد ومكان المفاوضات المزمع إجراؤها بين هولندا والنظام السوري حول انتهاكات الأخير لحقوق الإنسان: “يتم العمل الآن على كيفية ومكان وموعد إجراء المحادثات بعد أن استجابت سوريا لذلك”، مضيفاً أن بلاده تريد العمل على ذلك بالتعاون مع كندا.
والشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الهولندي، ستيف بلوك، في بيان صحفي أن حكومة النظام “وافقت على الدخول في هذه المحادثات”.
وأشار بلوك إلى أنه “سيتم تقديم الشكوى ويمكن للنظام الرد”، لافتاً إلى أن “مثل هذه المحادثات يمكن أن تستغرق أكثر من عام”، وواصفاً ذلك بـ”الأمر المعقد”.
المحادثات مع النظام “سرّية”
ورفض كيمبرمان في تصريحاته لـ تلفزيون سوريا الإدلاء بأية تفاصيل عن المحادثات قائلاً إن “العملية بما في ذلك تفاصيل المفاوضات هي سرية (..) ونحن لا ندلي بأي تصريحات حول ذلك”.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الهولندية بأن “هولندا ملتزمة بوضع حد للجرائم التي لا تزال تحدث بشكل يومي”، مشدداً على ضرورة “إنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة”.
اللجوء إلى المحاكم الدولية في حال فشل المحادثات
ورداً على سؤال حول الجدوى من المفاوضات في ظل إنكار النظام المتكرر لارتكابه أية انتهاكات لحقوق الإنسان على مدار السنوات العشر الماضية، قال كيمبرمان إن “هولندا ستدخل في مفاوضات مع سوريا بحسن نية، ولكن إذا لم يؤد ذلك إلى نتائج (..) فلن تتردد هولندا وكندا في اللجوء إلى المحاكم الدولية”.
وفي بداية الشهر الماضي، تم الإعلان عن انضمام كندا إلى الإجراءات القانونية مع هولندا لمحاسبة النظام، واعتبر وزير الخارجية الهولندي حينها أن “ذلك التكاتف يجعلنا أقوى”.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الهولندية لتلفزيون سوريا بأن بلاده “لن تقبل عدم الامتثال لأي نتيجة من نتائج المفاوضات”.
هولندا وملف حقوق الإنسان في سوريا
في السنوات الماضية، عملت هولندا بشكل جاد من أجل العدالة الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب، كما أنها جمعت الكثير من الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
والعام الماضي، قدمت هولندا مذكرة لنظام بشار الأسد، تدعوه فيها لأداء مسؤولياته الدولية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، مثل عمليات التعذيب واستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وتم تقديم مذكرة إلى البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، تدعو فيها النظام إلى محادثات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها في البلاد، وأكد مجلس النواب الهولندي في بيان حينذاك أن النظام خرق اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984، من خلال انتهاكات حقوق الإنسان ضد مواطنيه منذ العام 2011.
ودعا البيان النظام لقبول مسؤوليته عن تلك الانتهاكات، وتعويض الضحايا عن الأضرار التي ألحقها بهم، كما طلب من النظام إعطاء ضمانات لهولندا لوقف عمليات التعذيب وباقي انتهاكات حقوق الإنسان وعدم تكرارها.
واستشهدت هولندا في دعواها على تعهد سوريا باحترام اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها دمشق في 2004.
وقررت هولندا اتخاذ تلك الخطوة بعد أن عرقلت روسيا عدة مساعٍ في مجلس الأمن الدولي لإحالة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب ومقرها لاهاي أيضاً.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للنظام قالت إن الحكومة الهولندية تستخدم محكمة “العدل” الدولية لخدمة الأجندات الأميركية، معتبرة أن حكومة هولندا هي آخر من يحق لها الحديث عن حقوق الإنسان ومعاناة المدنيين في سوريا، لكن النظام عاد ووافق على الدخول في مفاوضات مع هولندا حول انتهاكات حقوق الإنسان.
إجماع أوروبي
وقبل أيام، قال وزير الخارجية الهولندي في بيان مشترك مع وزراء خارجية سبع عشرة دولة أوروبية “إن مكافحة الإفلات من العقاب ليست مسألة مبدأ فحسب، بل هي أيضاً التزام أخلاقي وسياسي، ومسألة تتعلق بأمن المجتمع الدولي”.
وأكد البيان على ضرورة “عدم الإفلات من العقاب كشرط ضروري لتحقيق سلام دائم في سوريا”.
كما أشارت الدول الأوروبية في بيانها إلى أن “الاتحاد الأوروبي أقر عقوبات محددة الهدف ضد أفراد وكيانات قريبة من النظام الذين يقفون وراء اضطهاد الشعب السوري”، مؤكدة “نحن نرفض رواية النظام بأن هذه العقوبات هي سبب معاناة الشعب السوري الحالية (..) إن سوء الإدارة الاقتصادية للنظام السوري هو الذي أدى إلى الأزمة الاقتصادية التي يواجهها السوريون الآن”.
كما طالبت الدول الأوروبية بوضع “حد لمأساة السجناء وأكثر من 000 100 مفقود، ومن الضروري أن تبذل الأمم المتحدة كل الجهود اللازمة لتحقيق نتائج ملموسة”، مؤكدة على “ضرورة اتخاذ خطوات في المقام الأول من جانب النظام السوري”.
وشددت الدول الأوروبية في بيانها على أن “العدالة للضحايا ضرورية لمستقبل سوريا مستقرة وسلمية على أساس حل سياسي ذي مصداقية وقابل للتطبيق وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
وأشار البيان إلى أن الدول الأوروبية تريد “ضمان عدم إفلات مجرمي الحرب والجلادين من العقاب”، مؤكدة على أن جرائمهم “لن تتغلب على رغبة الشعب السوري في الكرامة والعدالة”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا