أبدت بريطانيا وفرنسا وألمانيا قلقها، الأربعاء، 14 أبريل (نيسان)، إزاء أحدث خطوات إيران لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك، “تتابع حكومات فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بقلق بالغ إعلان إيران أنها ستبدأ تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 بالمئة باستخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة حسبما أخطرت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 13 أبريل (نيسان) الحالي”. وأضاف البيان “هذا تطور خطير لأن إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب يشكل خطوة مهمة في إنتاج سلاح نووي. إيران ليس لديها حاجة مدنية حقيقية تتطلب تخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى”.
رد على إسرائيل
وصرّح اليوم أيضاً الرئيس الإيراني حسن روحاني أن قرار إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة بعد الانفجار في محطة نطنز هو “رد” الجمهورية الإسلامية على “الإرهاب النووي” لإسرائيل، وقال روحاني في مجلس الوزراء، “إنه الرد على خبث الأعداء”، وأضاف، “ما فعلتموه يسمى إرهاباً نووياً وما نقوم به مشروع”، في إشارة إلى اسرائيل التي تتهمها طهران بتخريب مفاعلها لتخصيب اليورانيوم في نطنز بوسط إيران.
إيران كانت أبلغت وكالة الطاقة الذرية عزمها على تخصيب اليورانيوم لدرجة نقاء تصل إلى 60 في المئة في محطة تجريبية فوق الأرض في نطنز، وذلك طبقاً لتقرير للوكالة حصلت عليه “رويترز”.
وقال سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن بلاده تتوقع تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60 بالمئة الأسبوع القادم. وكتب كاظم غريب أبادي على تويتر قائلاً “نتوقع جمع المنتج الأسبوع القادم”.
في المقابل، أكد البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن لا يزال مستعداً لمواصلة المفاوضات مع إيران على الرغم من إعلانها “الاستفزازي”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، “نحن بالتأكيد قلقون حيال هذا الإعلان الاستفزازي. نحن واثقون بأن المسار الدبلوماسي هو الطريق الوحيد لإحراز تقدم في هذا الصدد، وبأن إجراء محادثات، حتى لو كانت غير مباشرة، هو السبيل الأفضل للتوصل إلى حل”.
الرئاسة الفرنسية نددت من جهتها بإعلان إيران، معتبرة أنه يشكل “تطوراً خطيراً” يستدعي “رداً منسقاً” من جانب الدول المشاركة في المفاوضات حول النووي الإيراني. وأوضح الإليزيه أن هذا التنسيق “قائم”.
يأتي هذا الإعلان مع اقتراب استئناف محادثات في فيينا بهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، والذي تعارضه إسرائيل بشدة. وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب انسحب من الاتفاق قبل ثلاث سنوات.
وقال عباس عراقجي، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، إنه فضلاً عن التعويض عن أجهزة الطرد المركزي المتضررة في نطنز ستتم إضافة 1000 جهاز آخر بطاقة أكبر بنسبة 50 في المئة.
ونقلت وكالة أنباء “فارس” شبه الرسمية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي قوله “بناء على الإيعاز الصادر من رئيس الجمهورية أصبحت منظمة الطاقة الذرية مكلفة بتدشين خط إنتاج اليورانيوم بنسبة 60 في المئة… والذي يستخدم في إنتاج عنصر الموليبدن لاستعماله في صنع مختلف أنواع الأدوية المشعة”.
وقال كبير المفاوضين الإيرانيين لقناة “برس تي في” الحكومية في فيينا إنه تم إخطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقرار.
وقال متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ”رويترز”، “رأينا التقارير الإعلامية التي تشيرون إليها. ليس لدينا تعليق حالياً”.
“رهان سيء جداً”
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الإسرائيليين، الذين تتهمهم طهران بحادث تخريب في مصنع نطنز لتخصيب اليورانيوم في وسط إيران، الأحد، قاموا “برهان سيء جداً”، وأضاف ظريف في مؤتمر صحافي في طهران، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، “ظنوا أن ما قاموا به في نطنز سيلعب ضد إيران، أوكد لكم أن نظنز ستنتقل في المستقبل القريب إلى أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً، لقد قام الإسرائيليون برهان سيئ جداً.
وحذر وزير الخارجية الإيراني، في الوقت نفسه، من أن “عمليات تخريب” وفرض “عقوبات” لن تدعم موقف الولايات المتحدة في المفاوضات. وقال “ليعلم الأميركيون أن لا العقوبات ولا أعمال التخريب ستزودهم بأدوات للتفاوض، وأن هذه الأعمال من شأنها أن تجعل الوضع أكثر تعقيداً بالنسبة لهم”.
إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني
في الوقت نفسه، أكدت روسيا أنها “تعول” على إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني في حال عادت الولايات المتحدة إليه، متهمة الاتحاد الأوروبي بتعريض المحادثات الجارية للخطر من خلال فرض عقوبات على إيران في مجال حقوق الإنسان.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي يزور طهران، “نعول على إمكان إنقاذ الاتفاق، وعلى أن واشنطن ستعود لتطبق قرار الأمم المتحدة ذات الصلة بالكامل”. ودعا الولايات المتحدة مجدداً إلى رفع العقوبات المفروضة على طهران منذ خروج واشنطن من الاتفاق في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
كذلك، حمل وزير الخارجية الروسي بقوة على الاتحاد الأوروبي الذي يهدد برأيه الجهود الجارية راهناً، بعد أن أعلن، الاثنين، فرض عقوبات على مسؤولين أمنيين إيرانيين لدورهم في القمع العنيف لتظاهرات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وأضاف، “في الاتحاد الأوروبي لا تنسيق بتاتاً، فاليد اليمنى لا تعرف ما تقوم به اليد اليسرى، هذا أمر مؤسف”. وتابع، “إذا كان القرار اتخذ عمداً في خضم محادثات فيينا الهادفة إلى إنقاذ الاتفاق النووي، فهذا ليس مؤسفاً، بل هو خطأ أسوأ من جريمة”.
تفقد موقع نطنز
في هذا الوقت، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مفتشيها تفقدوا موقع تخصيب اليورانيوم في نطنز، الأربعاء، من دون أن تعلق على حجم الضرر الناجم عما تصفه إيران بأنه عمل تخريبي.
وقالت الوكالة في بيان، “يواصل مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنشطة التحقق والمراقبة في إيران، وكانوا اليوم في موقع التخصيب في نطنز”، وأضافت، “ستستمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في رفع تقاريرها عن التطورات المتصلة ببرنامج إيران النووي إلى مجلس محافظي الوكالة”.
محادثات فيينا
واتهمت طهران إسرائيل بعملية تخريب حدثت، في منشأة نطنز النووية لتخصيب اليورانيوم في وسط إيران، وتزامنت مع المحادثات الجارية في فيينا لمحاولة إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني المبرم في فيينا عام 2015.
وتشارك في محادثات فيينا الدول التي لا تزال طرفاً في الاتفاق النووي، أي ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وإيران وروسيا، برعاية الاتحاد الأوروبي، وواشنطن معنية أيضاً بهذه المحادثات، لكن من دون أي لقاء مباشر مع الإيرانيين.
وانسحبت الولايات المتحدة في عهد دونالد ترمب من الاتفاق النووي الإيراني من جانب واحد عام 2018، وأعادت فرض عقوبات على طهران كانت قد رفعت بموجب هذه الاتفاقية.
ورداً على ذلك، بدأت إيران في عام 2019 التنصل من غالبية التزاماتها التي تحد من نشاطاتها النووية بموجب الاتفاق.
وتطالب طهران أولاً بأن ترفع واشنطن العقوبات قبل أن تعود هي إلى التزاماتها، في حين تشترط واشنطن أولاً التزام إيران بكل بنود الاتفاق لرفع العقوبات عنها.
المصدر: اندبندنت عربية