وائل عصام
نحى غالبية السوريين في إدلب والشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، الحسابات المتعلقة بعلاقة المقاومة الفلسطينية مع إيران جانباً، وأعلنوا تضامنهم الواضح مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي، ونظموا وقفات ومظاهرات تضامناً مع قطاع غزة والقدس.
ومع أن حالة التضامن مع الفلسطينيين تبدو غالبة، إلا أن المراقب لا يحتاج لكثير جهد ليرصد صمت قسم من الأوساط المعارضة السورية إزاء ما يجري في غزة، تأثراً كما يبدو بإشادة قادة من المقاومة الفلسطينية بموقف إيران، المصنفة على رأس الأطراف المعادية للثورة السورية.
ويقول الكاتب والناشط السياسي، مصطفى النعيمي من إدلب، إن ثوار سوريا يدعمون الشعوب المقهورة والشعب الفلسطيني في المقدمة، بعيداً عن الاصطفاف السياسي الضيق لبعض الفصائل الفلسطينية، وما يتعرض له شعبنا الفلسطيني اليوم من قصف وقتل وتهجير على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي نحن ضده قولاً واحداً.
ويضيف لـ«القدس العربي» إن الموقف تجاه قضايا الأمة العربية المحقة أيضاً ثابت بغض النظر عن المواقف السياسية التي تجري في الكواليس. ويستدرك النعيمي، «لكن، لا يعني موقفنا السابق، تصالحنا مع موقف حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) من إيران، وإنما نحن ضد هذا السلوك بشكل عام، علماً باننا ندرك أن حماس اضطرت مجبرة على الذهاب نحو إيران، بعد التضييق العربي عليها.
الناشط الإعلامي محمود طلحة، وصف لـ«القدس العربي» التضامن السوري الثوري مع الفلسطينيين بـ»الموقف الطبيعي والمعتاد» قائلاً: «أظهرت التطورات الفلسطينية الأخيرة، أن قضية فلسطين لا زالت البوصلة للشعوب العربية، رغم الأحداث العاصفة التي خلفها الربيع العربي». وأضاف أن القضية الفلسطينية لا زالت تتربع على رأس قضايا العرب، رغم الاستبداد الذي مارسته الأنظمة على الشعوب التي ثارت ضدها. وتركيزاً على موقف اوساط المعارضة السورية من التطورات في الشأن الفلسطيني، قال طلحة: «الثوار على موقف واحد من الموقف مع الشعب الفلسطيني، وفي المقابل هناك انقسام تجاه المواقف التي صدرت من بعض قادة المقاومة الفلسطينية التي آلمت السوريين، بمبالغتها في كيل المديح لإيران، وقائد فيلق القدس، قاسم سليماني».
وتابع، أن سليماني «قتل من السوريين عدداً قد يوازي بالكم ما قتله العدو الإسرائيلي من الفلسطينيين، تحت عناوين مذهبية طائفية» على حد تأكيده، ومضى قائلاً: «المؤسف أن مواقف قادة المقاومة الفلسطينية تتجاهل ذلك، وتذهب لوصفه بأنه شهيد القدس» في إشارة من طلحة إلى حديث رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية. وكان هنية قد قال خلال مشاركته في مراسم تشييعه في طهران العام الماضي، إن «الشهيد القائد سليماني الذي ضحى من أجل فلسطين وشعبها هو شهيد القدس» وعلّق طلحة: «لن ننسى هذه الطعنة».
وفي الاتجاه ذاته، دعا مدير «إدارة التوجيه المعنوي» التابعة لـ»الجيش الوطني السوري» الدكتور حسن دغيم، إلى عدم تكليف قيادات المقاومة الفلسطينية ما لا يستطيعون، قائلاً: «قادة المقاومة الفلسطينية ليسوا ثواراً يجلسون في المعسكرات ويسهل عليهم اتخاذ المواقف بل هم سياسيون عندهم الملايين من أبناء شعبهم بين محاصرين وبين مشردين في الدول ويجب على هؤلاء القادة مراعاة حال ومصالح ابناء شعبهم فهم حاضنتهم ومصدر قوتهم الاساسية فلا يجوز تكليفهم بما لا يستطيعون».
وأضاف في سلسلة تغريدات على تويتر، لم تشارك أي من فصائل المقاومة الفلسطينية (حماس، الجهاد الاسلامي، الجبهة الشعبية، حركة فتح) في أي عدوان على الشعب السوري خدمة لإيران او النظام السوري المجرم واقتصرت اخطاء بعض القيادات على تغريدات ومجاملات وبروتوكولات اضطرارية بسبب ظروف الاحتلال والتشرد. واستفاض الدغيم، «لقد خسرت فصائل المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد بدرجة ثانية مكاسب كبرى لمجرد رفضهما المشاركة في قمع الشعب السوري، أو تأييد النظام السوري على شعبه وكلفها هذا الموقف خسارة عسكرية وسياسية كبيرة وأبرزها مقتل عدد كبير من انصارها على يد ميليشيات فلسطينية في دمشق».
وأردف بأن حركات الثورة والمقاومة والتحرر في كل زمان تقع في أخطاء وبعض انتهاكات وتجاوزات وأمور يفرضها الواقع ولكن هذا لا يخرج من يدها حق المقاومة ولا يضعها في صف الباطل، إلا أذا ارتكبت جرائم بشكل ممنهج ومقصود لتحقيق غايات رخيصة تنافي المقصد من الرسالة السامية للمقاومة والثورة.
وأنهى بقوله: «ثناء قادة من حماس على قاسم سليماني وعلى العدو الإيراني أمر مرفوض ومستفز ولا نبرره، واستنكرناه مراراً وتكراراً، ولكن يفسر عند حماس بالضرورات وأنه لا ينعكس على العقيدة القتالية عندهم، وان كان هناك من دعم تقني أو مالي فهو موجه للعدو الصهيوني».
المصدر: «القدس العربي»