ابراهيم احمد العسعس
قبل أكثر من ساعة كان هناك على الجزيرة برنامج حواري عن الوضع في فلسطين وكان من ضمن الضيوف أستاذ في العلوم السياسية في جامعة الأزهر فرع غزة هو الدكتور مخيمر أبو سعدة .. كان من ضمن ما قاله الدكتور : أن الجميع يسعى إلى إنهاء احتلال أراضي ٦٧ وتفكيك المستوطنات .. قال والجميع يعني : السلطة وحماس ! وغيرهم !
بالطبع الدكتور مخيمر لا يُمثِّل حماس وليس ناطقاً رسمياً باسمها ، ولكن الرجل لا يجرؤ على هذا القول من رأسه لأنه تصريح خطير .
معنى الكلام هو ما قلناه أكثر من مرة : من أن الخطوة القادمة هي طرح حلِّ الدولتين وبقوة .. وإليكم رؤيتي لهذا الأمر ، والتي هي مجرد تحليل وتوقع :
عندما زار وزير خارجية أمريكا المنطقة بلَّغ عباس بأن عليه أن يرتاح وأن المرحلة القادمة ليست مرحلته .
هناك انتخابات مستحقة في فلسطين والبدهي أن حماس وفصائل المقاومة ستفوز فيها بلا منازع .
التصعيد الأخير يتمُّ توظيفه لإقناع المجتمع الصهيوني بالحلِّ المقترح لأن البقاء على هذا الوضع سيكلف الكيان كثيراً وها قد رأيتم قدرات المقاومة .
إذا كانت حماس وغيرها من الفصائل موافقين على حلِّ الدولتين فإنهم عندما يصلون إلى السلطة سيعتبرون هذه الخطوة مرحلة من مراحل التحرير ، ومقدمة ضرورية تُخرجنا من عنق الزجاجة ، وتحرك الوضع الراكد منذ عقود .
والقول بأن هذا مستبعد فقد يكون كذلك ، لكن المؤشرات جميعها تدل عليه ؛ ومن كلا الطرفين ، وقد تعلمتُ مما عشته من تقلبات سياسية خلال خمسين عاماً ومما قرأته في التاريخ السياسي أنه لا مستحيل في السياسة بل ليس هناك ما هو مستبعد ! وقد تعلمتُ في مدرسة الوالد رحمه الله السياسية أن أنظر في أبعاد أي خطوة آنية حتى لو كانت هذه الأبعاد مُستهجَنة في حينها ، كما كان رحمه الله يرى بأن إعلان منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني هو خطوة لتسليم فلسطين باسم الشعب الفلسطيني في الوقت الذي كان يرقص فيه كبار الشعب الفلسطيني في الشوارع فرحاً بهذه الخطوة !
ومما يدعم هذا التحليل البند العشرون من وثيقة المبادئ والسياسات العامة لحركة حماس والصادر عام ٢٠١٧ ، وهذا هو نصُّ البند :
20- لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال. وترفض حماس أي بديلٍ عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها.
ومع ذلك -وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية – فإن حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة.
نعم .. فقد أكدت الوثيقة على عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني ، وعلى أن القدس عاصمة فلسطين الأبدية ، وأنه لا تنازل عن حقوق اللاجئين .. ولكن موضوعي في هذا المقال هو التدليل على أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الدولتين . ثم الإشارة _ وتفصيله فيما بعد _ إلى أن أي ثورة تدخل في اللعبة السياسية في غير أوانها ستضطر إلى التصويت على مبادئها الثورية ، وعلى ثوابتها . فهذه الوثيقة تخالف ميثاق حماس الأول عام ١٩٨٨ ، وهذا ما حصل مع فتح عام ١٩٨٧ في اجتماع الوطني الفلسطيني في عمان عندما مرَّر عرفات التصويت على مبادئ الحركة على الأعضاء مستغفلاً بعضهم ، ومشترياً الآخرين بشنطة الدولارات التي كانت تدور على الذين حدَّدهم عرفات ، فقد كان يعرف سِعرَ كل واحد منهم !
هذه رؤية وتحليل ، نسأل الله الثبات للجميع والرحمة للشهداء …
المصدر: صفحة د- مخلص الصيادي
قراءة مختلفة، وإشكالية للحدث الفلسطيني الراهن، لكنها ممكنة، لولا أنها تذهب إلى ترجيح توجه جميع المشاركين في هذه التطورات إلى “الدولتين”، وهو ترجيح لا دليل عليه، ثم إنه غير قابل للتطبيق، إذ أن مثل هذا الحل لا يجد له تصور حقيقي عند أي من أطراف القضية المحليين والدوليين، بل إن التطورات على الأرض منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام. 1995 تسير في اتجاه معاكس لمثل هذا الحل في حده الأدنى الذي رسمته تلك الاتفاقية. ثم إن وحدة الأرض والشعب الفلسطيني التي ظهرت مؤخرا تضع فكرة حل الدولتين في زاوية خانقة.
ويشير تطور الوضع السياسي في الكيان الصهيوني إلى استمرار صعود القوى الأكثر تشددا اجتماعيا وسياسيا، وبالتالي التوسع الأكثر لحركة المستوطنات، واغتصاب المزيد من الأرض الفلسطينية.
ومع ذلك فإن مطالعة هذه الرؤية مفيدة للمزيد من التدقيق في تطور من أهم التطورات التي كشفت عنها المعركة الأخيرة مع الاحتلال الصهيوني في عموم فلسطين من غزة إلى يافا واللد مرورا بالمدينة المقدسة.
د- مخلص الصيادي