كعادتها واستمرارًا لسيناريو الانتخابات أو “تجديد البيعة” و”الاستفتاء” لعهدي الأسد الأب والابن، أدارت المنظومة الأمنية للنظام سير “العملية الانتخابية” الأخيرة، منهية بنتيجة محسومة سابقًا بالنسبة للسوريين بفوز رئيس النظام بشار الأسد.
وسادت الأجواء المعهودة سابقًا من تنظيم حفلات وخيم “للرقص والدبكة” وما يقابلها من إعلام موجه تتحكم به الأجهزة الأمنية، إلا أن لمحافظة درعا كان لها رأي آخر، وأسلوب اختلف عن بقية المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
ونظمت في درعا خلال الانتخابات ثلاث مظاهرات مركزية بمدينة طفس في الريف الغربي، ودرعا البلد، وبصر الحرير شرقي المحافظة، إضافة إلى إضراب عام طبق في مختلف المدن والبلدات، وسط تنظيم وتنسيق لكامل المحافظة.
الحاضنة تحتاج لتنظيم وجهة موجهة
أحد منظمي تنسيق المظاهرات والبيانات في درعا البلد، قال لعنب بلدي إن عملية مقاطعة الانتخابات جرت “بطريقة منظمة وتنسيق عالٍ بين كل مكونات حوران الثورية”.
وصدر بيان موحد يضم اللجان المركزية في درعا وأعيان المناطق والوجهاء، بالإضافة إلى منطقة الجولان وكناكر، وكان له “صدى كبير لدى الحاضنة الشعبية”.
وفي 23 من أيار الحالي، أصدرت “اللجان المركزية” في المحافظة، مع الفعاليات الثورية والعشائرية، بيانًا ، يدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، جاء فيه أن حوران تعتبر يوم الانتخابات “يوم حزن وحداد”، والمشاركة بها “خزي وعار”.
وأشرف الناشطون على تنسيق المظاهرات وتنظيمها بأوقات مختلفة مع تحديد الشعارات، وكان هناك إقبال طوعي على الإضراب، حسب الناشط.
ومن الفعاليات الشعبية الرافضة أيضًا بيان لـ”مجلس عشيرة درعا” (الذي يضم ممثلين عن عشائر المحافظة)، في 21 من أيار الحالي، دعا فيه السوريين لعدم المشاركة بالانتخابات الرئاسية، مؤكدًا عدم شرعيتها، ووصفها بـ”المسرحية الهزلية”، لأنها خارجة عن قرارات الشرعية الدولية.
كذلك صدرت، منذ منتصف نيسان الماضي، بيانات في غالبية مناطق محافظة درعا، ترفض الانتخابات وتهدد من يروج أو يشارك فيها، مثل البيان الصادر عن ثوار مدينة الحراك.
نقيب المحامين الأحرار في درعا سابقًا سليمان القرفان، أوضح في حديثه لعنب بلدي، أنه على “الراغبين بمعرفة حقيقة العملية الانتخابية (…) يجب عليهم دراسة ما سارت عليه الأمور في محافظة درعا، التي كانت التجسيد الحقيقي لرصيد هذا النظام فيما لو أتيح للشعب السوري الانتخاب بكامل الحرية وفي ظل بيئة آمنه ومحايدة”.
وما ظهر من خلال الموقف الموحد لأبناء محافظة درعا (المتمثل بالمظاهرات والإضراب) الاستفادة من دروس الماضي وخذلان المجتمع الدولي لهم، و”بات خيار التوحد وتنظيم وتنسيق الجهود هو الخيار المعمول به”، حسب سليمان القرفان.
ويرى القرفان أن ردة الفعل في درعا على الانتخابات “يقودنا للتفاؤل باعادة توجيه البوصلة نحو الطريق القويم”، لتحقيق أهداف الشعب السوري، والانتقال نحو بلد ديمقراطي يسوده القانون والمساواة.
الرد بالرصاص
ردت قوات النظام بإطلاق النار المباشر على مظاهرة في مدينة درعا شارك بها العشرات للتنديد بالانتخابات الخميس الماضي، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص، واندلاع اشتباكات استمرت لساعات، استخدم فيها النظام مضادات الصواريخ وقذائف “آر بي جي” نحو المتظاهرين.
ونفذت قوات النظام صباح الخميس الماضي حملة اعتقالات في داعل، شملت عشرة أشخاص، بينهم سيدة، وأفرجت عنهم بعد ساعات، كما أغلقت مداخل ومخارج المدينة وأحرقت ثلاثة منازل فيها، حسب شهادة ناشطين فيها.
واندلعت اشتباكات عشية الانتخابات، الأربعاء الماضي، في داعل بريف درعا الغربي، إثر مهاجمة مجهولين مقر الفرقة الحزبية، الذي تتحصن فيه المخابرات الجوية، بعد انتهاء الانتخابات، التي كان ناشطون ثوريون طالبوا بإغلاق مركز الاقتراع الخاص بها في المدينة.
وسبق أن فجر مجهولون الأربعاء أيضًا، مركز بلدية نمر بريف درعا الشمالي، بعد إصرار قياديين بحزب “البعث” فتح صناديق الاقتراع فيه.
المصدر: عنب بلدي