أحمد طه
عادة ما يطلق مصطلح (التيس المستعار) على الرجل الذي يكون وسيطًا في استرجاع المطلَّق لطليقته طلاقًا نهائيًا – حيث يحرم شرعًا استعادتها – فيأتي هذا التيس المستعار ليتزوج بها زواجًا ديكوريًا ثم يطلقها لتعود إلى طليقها الأول، في لعبة تحايل على الشرع والقانون، وبقدر ما في تلك الألعوبة نذالة وخسة فيها أيضًا الكثير من الامتهان لمؤسسة الزوجية ورباطها المقدس.
لا يمكن للمتابع فيما يجري الآن من مسرحية الانتخابات السورية إلا أن يخطر بباله وبدون عناء تفكير ألعوبة التيس المستعار الآنفة الذكر. فقد أعلنت المحكمة الدستورية العليا عن قبول مرشحين اثنين ارتضيا أن يلعبا لعبة الشرعنة (التحليل) هما عبد الله سلوم عبد الله، ومحمود أحمد مرعي إضافة لبشار الأسد الذي لايكاد يختلف إثنان على فوزه في انتخابات هذه الدوره وللمرة الرابعة على التوالي، بعد أن ورث حكم سورية عن أبيه في منتصف عام 2000.
فيما يتعلق بعبد الله سلوم عبد الله فهو أحد أعضاء مجلس الشعب وأحد أعضاء جبهة النظام التي يدعوها بالجبهة الوطنية التقدمية والتي رشحت بشار الأسد أصلًا لخوض هذه الانتخابات!، فكيف تُرشح بشار الأسد ثم تعود لترشح عبد الله؟
أما محمود مرعي فذاك حديث آخر، فهو التابع المقرب من علي مملوك، وهو الذي لم يحضر مؤتمرًا أو اجتماعًا للمعارضة إلا واستُدعي غالبية من حضر الاجتماع لأفرع الأمن للتحقيق في كل كلمة قيلت، اكتشفه البعض في وقت مبكر بعد ربط الأحداث والاستدعاءات للأفرع الأمنية ولم تكتشفه بقية مجموعته المقربة في المعارضة إلا في عام 2013 حيث أصدرت قرارًا بفصله.
وبالطبع لن يفوته كأي مخبر مأجور أن يكون متواجدًا في مظاهرة دوما الأولى في 25 آذار/مارس 2011 فقد حضر جمعٌ كبير من الريف الدمشقي إلى تلك المظاهرة إضافة لحضور أصدقاء آخرين معارضين للنظام من محافظات أخرى، كما حضر المظاهرة أيضًا كثير من المخبرين والجواسيس المندسين، لكن شتان بين حضور الثائرين المطالبين بالحرية والكرامة وحضور المخبرين كتبة التقارير للفروع الأمنية.
أما ثالثة الأثافي هو وصاحب هذا العرس ” الديموقراطي ” بشار الأسد والذي استخدم هذين ” المشرعنين” لانتخابات أقل ما يقال فيها أنها على أشلاء الشهداء، ورائحة التهجير الكيماوي، وأنقاض البيوت المدمرة والوطن المستباح.
لايمكن تسمية ما يجري الآن في سورية بالانتخابات، بل إن ما يجري هو محاولة طمس جرائم نظام قصف ودمر وقتل واعتقل وشرد نصف أبناء وبنات سورية، عبر صناديق الاقتراع ، وإن ما يجري الآن هو اغتصاب لسورية مِن قبل مَن دمرها وشرد أهلها وأعادها إلى عصور ما قبل التاريخ، يساعده في ذلك جوقة من المهللين والمطبلين، والتيوس المحللين.
أما شعب سورية الذي خرج مطالبًا بحريته وكرامته فإنه يرى أن هذه الانتخابات كسابقاتها هي استمرار لذات النهج منذ 50 عامًا الذي ليست مشكلته أنه لايعترف بالآخر وحسب، بل ويهزأ بالعقول وبكل آلام السوريين عدا عن سرقته لوطنهم وأحلامهم ودماء أبنائهم.
المصدر: اشراق