منير الربيع
دخلت البلاد باكراً في موسم الانتخابات، عملياً. لم تعد الحكومة وفق المبادرة الفرنسية قائمة في طروحات القوى اللبنانية. وافتتح جبران باسيل مرحلة سياسية جديدة فيها الكثير من التشعبات، بدءاً من الحسابات الانتخابية مسيحياً، إلى علاقة تياره بحزب الله، وصولاً إلى البحث في النظام وإمكان تعديله.
باسيل يستجدي نصرالله
وفي جوهر موقفه أبقى باسيل أوراقه كلها لدى حزب الله، مفوضاً نصر الله التدخل لنصرة التيار العوني، ومستخدماً عبارة أنه يثق بنصرالله، وكأنه بذلك يطوي صفحة الرسائل القاسية التي وجهها كوادر في التيار العونيّ إلى حزب الله.
وهذا أسلوب باسيلي معروف ويجيد استخدامه العونيون، في محاولاتهم المستمرة استمالة حزب الله على حساب نبيه برّي. وأوضح ما يلتقي فيه باسيل مع حزب الله أيضاً هو طروحاته المتعلقة بالنظام وإمكان تعديله.
والمعادلة التي وضعها باسيل واضحة: إما أن يستعيد التكامل مع حزب الله في إطار اللعبة القائمة حالياً، أو أن يستمر الخلاف الذي يقود إلى الدعوة إلى تعديل النظام وتغييره. والأكيد أن لجوء باسيل إلى مخاطبة نصر الله عبر الإعلام هدفه إحراج حزب الله أكثر فأكثر، وتحميله المزيد من مسؤولية إهدار حقوق التيار العوني أو حمايتها وتعزيزها.
ويحرضه ضد بري
ولا شك في أن هذا الكلام سيكون له وقعه داخل البيئة المسيحية، والتي يحاول باسيل بقدرته الدائمة على اتخاذ مواقف متباعدة ومتناقضة، أن يستخدمها في تجييش الجمهور المسيحي، تحضيراً للانتخابات، بالهجوم على القوات اللبنانية واستخدام الدفاع عن صلاحيات المسيحيين.
وفي خلاصة موقف باسيل الهجومي على نبيه بري، بهدف استعادته حزب الله إلى جانبه، والعودة إلى الصيغة التي يطمح إلى تكريسها دوماً: تخيير حزب الله بين العلاقة معه، أو علاقته ببري.
ولهذا الكلام أبعاد مستقبلية أيضاً تتعلق بالانتخابات والتحالف الانتخابي مع حزب الله. وفي ذلك يحاول باسيل إحراج الحزب باكراً، بعدما رأى أن سعد الحريري يعزز وضعيته السنية من خلال اللقاء بنواب معارضين له. وكذلك سلسلة تحركات سياسية على الساحة السنية في المرحلة المقبلة، التي ستشهد المزيد من اللقاءات والترتيبات. خاصة أن الحريري بدأ بدوره يعد العدة للانتخابات النيابية.
حكومة إنقاذ؟
وهذا الصراع بين الحريري وباسيل يؤدي إلى جعل حزب الله القوة القادرة على اختراق الساحات كلها والتحكم بالتحالفات ونتائج الانتخابات أيضاً.
والأهم في المعادلة التي طرحها باسيل هي نسف صيغة 24 وزيراً، والتي اعتبر أنها تتضمن مثالثة مقنعة. وهذا يقود إلى تقديم رئيس الجمهورية طرح جديد، قوامه – حسب مصادر متابعة – اقتراح تشكيل حكومة إنقاذ.
وحكومة الإنقاذ يفترض أن تكون مصغرة برئاسة شخصية غير الحريري، وتعمل على إدارة الانتخابات النيابية. ويفترض أن يترجم هذا الطرح بخطوة قد يقدم عليها رئيس الجمهورية، إما بتوجيه كلمة إلى اللبنانيين واقتراحها، أو بدعوته إلى حوار وطني في بعبدا. وفي حال لم يكن هناك أي استعداد لتلبية مثل هذه الدعوة، يعمل عون على توجيه دعوات فردية لقوى وشخصيات سياسية لعقد لقاءات ثنائية معها وطرح فكرته.
عملياً، طويت صفحة تشكيل الحكومة في هذه المرحلة. وفتح باسيل آفاقاً على تطورات تعزز من دور حزب الله أكثر فأكثر، وتجعل القوى السياسية كلها تتسابق على استمالته، وتعزيز علاقتها به.
وباسيل هو أكبر المبادرين في رمي أوراقه كلها في يد حزب الله، وصولاً إلى تأمينه على حقوق المسيحيين. وربما هذه في طليعة أمنيات الحزب إياه وأكبر من توقعاته.
المصدر: المدن