رندة تقي الدين
صورة الرئيس الأميركي جو بايدن يحيط بذراعه نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو أيضاً يحيطه بذراعه على شاطئ الكورنوال في بريطانيا خلال قمة مجموعة السبع، عكست علاقة الود بين الزعيمين وتفاهمهما على عدد من المواضيع، منها إيران وليبيا وأيضاً لبنان الذي غاب عن نقاشاتهما في القمة، ولكنه كان موضوع تفاهم بين كبار مستشاريهما عشية القمة في واشنطن.
فقد زار كبير مستشاري ماكرون السفير إيمانويل بون مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في البيت الأبيض للتحضير للقمة ومناقشة المواضيع المشتركة. وساد التفاهم التام حول ما تقوم به فرنسا في لبنان. ويبدي سوليفان، بحسب مصدر فرنسي مسوؤل اهتماماً بقضايا الشرق الأوسط، ولو أن الخط العام للإدارة الأميركية هو محاولة البقاء على مسافة من قضايا الشرق الأوسط، مشيراً الى أن المسؤول الأميركي يتميز بكفاءته ومهنيته وقدرته على فهم الملفات، إضافة الى لطف شخصيته.
وتؤيد واشنطن مطالبة فرنسا بتشكيل حكومة مهمتها الإصلاحات لإنقاذ البلد وتطبيق خريطة الطريق الفرنسية، وإلا انهار لبنان كلياً ولا يعود يمكنه الحصول على أي مساعدات دولية. وبالنسبة الى دعم الجيش اللبناني ومنع انهياره، فالبلدان على اتفاق كامل، علماً أن فرنسا جمعت مؤتمراً لدعم مطالب قائد الجيش اللبناني جوزف عون بإسعاف الجيش ومنع انهياره. ولكن المؤتمر لم يسفر عن هبات مالية جديدة من الدول المشاركة، واقتصر على الحصول من قطر على معدات طبية ومن إيطاليا على وقود ومن إسبانيا على 20 طناً من المواد الغذائية. أما بالنسبة الى الملفين الإيراني والليبي، فساد أيضاً التوافق بين الرئيسين بايدن وماكرون على ضرورة عودة ايران الى الالتزام بقرارات الاتفاق النووي مع الدول الست الذي تم توقيعه في 2015، وكذلك التفاوض الموسع على سياسة إيران في المنطقة.
وأوضح المصدر نفسه أن هناك مفاوضة صعبة على رفع العقوبات الأميركية، لأن إيران تريد رفعها كلياً. وفرنسا ترى أنه ينبغي رفع العقوبات الأميركية التي وضعت منذ 2017، وإدارة بايدن لا يمكنها أن تحصل على موافقة الكونغرس لرفع عقوبات 2017 إلا إذا وافقت إيران على العودة الى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي والتفاوض على دورها في منطقة الشرق الأوسط. وبات واضحاً أن إيران حالياً تريد رفع كل العقوبات التي وضعت قبل 2017 كما ترفض التفاوض على قضايا الأمن ودورها في منطقة الشرق الأوسط.
أما بالنسبة الى ليبيا فهناك توافق على الانتخابات وتوحيد الجيش، ولكن بما أن الانتخابات لن تجرى في موعدها ينبغي إيجاد خطة جديدة تمنع انفجار الوضع مجدداً. وفي خصوص خروج القوات الأجنبية من ليبيا، فأردوغان يقول إن خروج المرتزقة الذين أتى بهم لن يتم إلا بسحب روسيا مرتزقة فاغنير. والروس يرفضون هذا المبدأ ما دامت مرتزقة تركيا موجودة في طرابلس.
عموماً، أثبتت قمة بايدن مع الأوروبيين أن هناك ملفات توافق بين فرنسا والإدارة الأميركية الجديدة، وأن التفاهم والعمل المشترك بين الطرفين سيكون ممكناً، وأن بإمكان الدولتين العمل معاً على أكثر من ملف في السياسة الدولية، برغم أن ملفات أخرى مثل مقاطعة الصين لا تناسب الجانب الأوروبي الذي هو بحاجة الى السوق الصينية، والصين بحاجة الى الاستثمار في أوروبا. الخلاصة أن هناك مجالاً كبيراً للعمل المشترك بين إدارتي بايدن وماكرون.
المصدر: النهار العربي