أحمد مظهر سعدو
كما كان متوقعًا فقد خرجت نتائج أستانا 16 (كسابقاتها) بخفي حنين، ولم تؤت أي أُكل جدي وحقيقي ومفيد لثورة الشعب السوري، ثورة الحرية والكرامة، ويبدو أن مآلات كل اللقاءات والمؤتمرات التي رعتها وترعاها إدارة بوتين الغارقة والوالغة في دم الشعب السوري، والمصطفة كلية إلى جانب نظام الإجرام الأسدي، منذ أيلول/سبتمبر 2015 وحتى الآن، ناهيكم عن الاصطفاف الأكثر عنصرية وطائفية من قبل الضامن الثاني الايراني صاحب المشروع الطائفي الفارسي الذي بات يهدد المنطقة برمتها، وليس سورية فقط، ورغم ذلك وبالرغم من كل اللقاءات والمؤاتمرات الأخرى الدولية والمحلية المشابهة والتي تعاقر الوضع السوري، وتحاول إعادة إنتاج حالات جديدة ومتجدة، إلا أن لسان حال السوريين مابرح وبكل مصداقية وتصميم وإرادة قوية يتكيء إلى الإتكال على الله أولًا ووعي السوريين وإمكانياتهم ثانيًا، وبعض من تبقى من الأصدقاء وهو ماانفك يقول: في هدأة الليل، وزحمة اللحظات المتتابعة، وانسداد الآفاق، التي كان يمكن أن تتربع على ناصية الأمل المستقبلي، وعدوًا عدوًا دون التفات- ولو هنيهة- إلى الوراء، وحيث تتموضع مكنونات النفس البشرية، كعابر سبيل، وفي انفلات الأنا بالكل، وعبر تلاطم الأمواج البحرية. عالية الارتفاع، تتجلى انبثاقات ضوء خافت بعيد بعيد. لكنه قادم لا محالة، يمشي الهوينى، وتلف رجلاه على بعضهما أحيانا،ً ثم يصحح ذلك في لحظات أخرى. يقترب الضوء، وتنبجس الأشياء بعد انسحاب خصلات الظلام عنها. ليتبين الشيء وضده، ويتعدى الفاعل لمفعولين اثنين. لا ثالث لهما. ومن ثم فإن التفاتة سارقة وبارقة إلى عيون طفل لم يشب عن الطوق بعد، تجعلك إنسانًا آخر، وفي تكويعة تاريخية أخرى، ليست آنية ولا ماضوية. بل مستقبلية بامتياز. إنه الفجر الذي لا بد آتٍ. والصبح الذي ينبلج عاجلًا أم آجلاً رغمًا عن الرغم نفسه. وهو الضحى الذي يتبع بزوغ شمس لا غرو ساطعة في آن قادم وليس ببعيد.
اللون الأحمر الذي صبغ كل الألوان، حتى لم تعد ألوان قوس قزح ناصعة أو واضحة أو آتية. نراه اليوم وأكثر من أي وقت مضى، آفل ومولي وجهة أخرى. تتعجله القلوب والأفئدة. أن كفى هدراً. كفى انسفاحاً، على تراب، كان أبيضاً، فأضحى كشقائق النعمان.
يقول البعض: إن ذلك بات أضغاث أحلام، وتغريدة تويترية ليس إلا، ونقول نقول: هو الطمي بعد الفيضان، وهو حبات التوت التي تملأ الأرض بعد هزة وهزات. وهو عودة (انتصاب) السنابل بعد عاصفة هوجاء، وهو عقد القران بعد عاصفة غرامية عشقية قل مثيلها. وهو كل ذلك وقبله وبعده. فجر وشمس وضحى، وقيلولة وعصرية ومغربية وعشائية أخيرة. هي ليست العشاء الأخير. بل الأمل المستطير. والحسن المحلوف بيوسفه. والضوء الساطع في زمن انقطاعات الكهرباء المتوالية. والماء الزلال في زمن الشح والعطش. فهل ننعم بصبح قريب ؟ وهل نغرد مع أصوات البلابل، و أحلام الصغار، و أنَّات الكبار؟!!. سؤال مازال ماثلاً بين أيدينا جميعًا كسوريين، متفائلين ومصممين، وهو وقفة لابد حقيقية نحو غدٍ أفضل، ومستقبل أكثر إشراقًا، يستوعب كل العثرات وجل أنواع العثار الكبير الذي مر ويمر على أنساق المجتمع السوري، ولف ويلف كل منعرجات الواقع السوري الصعب، لكن الإرادة السورية الشعبية المؤمنة بربها ونفسها وأصدقائها الصدوقين، لابد ستمسك بالمسألة من جديد، وتشير بكل وضوح إلى أن القادم مازال أفضل، ولا يمكن أن ينتكس كليًا لأنه الأمل لشعب ضحى بمايزيد عن مليون إنسان، كشهداء على مذبح الحرية، وهي أولًا وقبل كل شيء، ولا تراجع عنها وعن الكرامة المفتقدة في زمن العصابة الأسدية ومن يواليها، أو يدعمها من روس وفرس ومن شابههم أو وافقهم في غيهم وإجرامهم ضد الشعب السوري العظيم في قيامته المشرقة الآنية والقادمة.
المصدر: اشراق