وسام سليم
حدد مشاركون في ندوة حوارية لتوثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية أخطر الجرائم التي ارتكبت، والأهداف قصيرة المدى والبعيدة التي يجب العمل عليها لمحاسبة مرتكبي الجرائم.
وشارك في الندوة الحوارية الافتراضية، التي نظمت مساء السبت ودعا إليها مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية، كاثرين مارشي أوهال، القاضية السابقة في محكمة الجنايات الدولية، رئيسة الآلية التي أسستها الأمم المتحدة لضمان تحقيق العدالة فيما يتعلق بجرائم الحرب في سورية، ومدعي عام محكمة الجنايات الدولية، وسفير الولايات المتحدة المتجول السابق للعدالة الجنائية العالمية ستيفين راب، والرئيس السابق لبعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ليني فيليبس، ورائد الصالح مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، ونضال شيخاني مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية، وأنور البني مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين والصحافيين.
وأقيمت الندوة، التي حضرها مراسل “العربي الجديد”، بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة لضحايا مجزرة الغوطة الشرقية الواقعة في 21 من شهر آب/ أغسطس عام 2013، التي سقط ضحيتها أكثر من 1400 مدني من الأطفال والنساء.
وحدد القائمون على الندوة الأهداف قصيرة المدى، وهي توعية الضحايا والشهود بأن استخدام الأسلحة الكيميائية “لم يُنسَ”، وتذكير المجتمع الدولي بأن الأسلحة الكيميائية قد استخدمت دون عقاب في سورية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2012، بما في ذلك تسليط الضوء على النجاحات في توثيق استخدام الأسلحة الكيميائية وتحديد الجناة، وتحديد بعض الصعوبات في تقديم الجناة إلى العدالة، كما تم طرح أفكار للحد من الإفلات الحالي من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية.
وأشار القائمون إلى الأهداف طويلة المدى، وهي ضمان احتفاظ الشهود والمنظمات غير الحكومية بالأدلة المحتملة لاستخدامها في المحاكم الوطنية أو المحاكم الدولية، وسد الفجوات بين وجهات النظر المختلفة لتحديد الجناة وتقديمهم للعدالة.
كما أكد الحاضرون على ضرورة الاستمرار في الضغط على المجتمع الدولي ومجلس الأمن بشكل خاص لتوفير وسائل المساءلة الدولية، وتسليط الضوء على تحديات إيصال الحقائق في منطقة الصراع الممتدة، وآثار الأسلحة الكيميائية على السكان المعرضين للخطر، وكذا مناقشة السبل الممكنة لاستخدام المحاكم الوطنية لمحاسبة الجناة في غياب أي محكمة دولية.
وقال ليني فيليبس، الرئيس السابق لبعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بين عامي 2015 و2017، خلال الندوة، إن بعثة تقصي الحقائق كانت ولا تزال جزءًا من الجهود الدولية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، والتي بدأت في 2014 بعد أكثر من 6 أشهر من الهجوم على الغوطة الشرقية.
وأضاف فيليبس: “لم أكن أتوقع وجود أي اختلافات في جهود المساءلة من قبل المجتمع الدولي على الرغم من أن فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد قرر في المزيد من الحالات أن النظام السوري قد استخدم أسلحة كيميائية (..) لا توجد حتى الآن آلية للمساءلة”.
وأشار أن بعض الدول الأوروبية بدأت في تقييم ما إذا كان بإمكانها مقاضاة الجناة في محاكمها الوطنية، مؤكدًا أنهم “إذا تمكنوا من المضي قدمًا في هذا الأمر، فسيكون ذلك مؤشرا واضحا على أن بعض البلدان على الأقل مستعدة للوقوف وقول لا لاستخدام الأسلحة الكيميائية”.
وأوضح أنه “من غير المرجح مثول العديد من الجناة حتى لو تقدمت القضايا إلى الأمام في هذه المرحلة”، داعيًا المجتمع الدولي إلى “ضرورة تكليف محكمة دولية أو محكمة خاصة لهذه القضايا”.
من جانبها، قالت كاثرين مارشي أويل، رئيسة الآلية التي أسستها الأمم المتحدة: “أشعر بالإحباط بنفس القدر من شلل مجلس الأمن لإحالة الوضع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولتمكين المساءلة الشاملة عن هذه الانتهاكات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي ارتكبت في سورية”.
وأضافت: “علينا جميعا أن نعمل معا لبناء أقوى القضايا الممكنة وجمع واستكمال الأدلة لضمان إمكانية محاسبة الجناة في حالة وجود محاكم وهيئات قضائية للقيام بذلك (..) هذه هي بالتحديد مهام الآلية التي منحتها لي الجمعية العامة باختصار، وهي المساعدة في التحقيقات والمحاكمات في الجرائم الدولية الأساسية المرتكبة في سورية، حيث تم إنشاء الآلية في عام 2016 بعد فشل جهود أخرى”.
وتابعت: “يحتوي إجمالي مقتنياتنا على أكثر من مليوني سجل من مصادر متعددة (..) بالنسبة للأعمال المتعلقة بالأسلحة الكيميائية، تُستخدم المواد من المنظمات الدولية الأخرى أساسًا رئيسيًا لإثبات وجود الجريمة نفسها (..) المواد الأساسية مقرونة بمعلومات إضافية من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني السوري”.
وأوضحت أن الهدف من جمع الدلائل على نطاق واسع ليس فقط تحديد الحالات العديدة التي استخدمت فيها المواد الكيميائية السامة، ولكن أيضا لتحديد كيفية نشرها على مدار النزاع، مؤكدة السعي إلى جمع الأدلة التي تتناول كيفية إنتاج الأسلحة الكيميائية، أو الحصول عليها وكيفية اتخاذ القرارات المتعلقة باستخدامها من مرحلة التطوير إلى مرحلة الاستخدام.
بدوره، قال نضال شيخاني، مدير مركز التوثيق ومُضيف الندوة، إن “النظام السوري تجاوز الخطوط الحمراء التي تحدث عنها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عشرات المرات، ليس فقط من خلال توثيق استخدامه للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وإنما بسبب كشف عملية التحايل التي قام بها على المجتمع الدولي من خلال إخفاء مخزون هائل من المواد الكيميائية، بما في ذلك المعدات والمنشأت غير المعلنة”، بحسب قوله.
وأضاف: “لقد أثبتنا في عدة حالات وجود شركات وهمية تعمل على دعم أنشطة البحوث العلمية، بما في ذلك استغلال شركات الأدوية الموجودة في سورية لاستيراد المواد الأولية (مزدوجة الصناعات)”.
ووفق تقرير صدر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الجمعة الماضي بمناسبة الذكرى الثامنة لمجزرة الغوطة، فقد قتل في ذلك اليوم 1144 شخصاً اختناقًا، بينهم 119 مدنياً، بواقع 99 طفلًا و194 امرأة، كما أصيب 5935 شخصاً بأعراض تنفسية وحالات اختناق.
المصدر: العربي الجديد