جوان القاضي
أكثر من شهر على افتتاح المدارس في مناطق سيطرة النظام السوري، وما تزال معظم مدارسه تعاني نقصاً في الكتب المُسلمة للطلاب، خصوصاً كتب اللغة الانجليزية، ذلك رغم طباعة وزارة التربية في حكومة النظام 40 مليون كتاب لهذا العام بدلاً من طباعتها في بيروت كما كان يحدث سابقاً.
تعذر على محمد، وهو أب لثلاثة أولاد يعيشون في العاصمة دمشق، شراء كتب اللغة الإنجليزية لولده في الصف السادس، لعدم توافرها لا في مستودعات الكتب المدرسية، ولا حتى في المكتبات الخاصة.
يقول الرجل الأربعيني لموقع تلفزيون سوريا: “مضى أكثر من شهر وولده من دون كتب لغة إنجليزية، ومن دون مدرس لتلك المادة أيضاً”.
ويضيف أن حصة اللغة في مدرسة ابنه الواقعة في قلب العاصمة دمشق تحولت إلى حصة “فراغ” يلهو بها الطلاب في باحة مدرستهم.
وفي الخامس من أيلول الفائت بدأ العام الدراسي في مناطق سيطرة النظام، وسط نقص حاد تشهده معظم المدارس في توزيع الكتب المدرسية.
والعام الحالي، بلغ عدد الطلاب المسجلين في المدارس الحكومية أكثر من 4 ملايين طالب موزعين على 14 ألف مدرسة، بحسب “الوزارة”.
ويشتكي أولياء طلاب في دمشق وريفها من عدم توافر الكتب المدرسية، ومن قِدم واهتراء الكتب الموزعة على أبنائهم إضافة لازدحام الشعب الصفية إذ يوجد في بعض الأحيان أكثر من 50 طالباً في شعبة واحدة.
وشهد العام الدراسي الحالي تكراراً وتفاقماً لمشكلات الأعوام السابقة من حيث نقص الكتب واهتراء القديم المُسلم للطلاب بدلاً من الكتب الجديدة الغائبة حتى اليوم، إضافة لمشكلة أعمق وهي نقص المدرسين في معظم مدارس دمشق وريفها، وسط كلام مسؤولي النظام عن نجاحاتهم في افتتاح المدارس واستمرار العملية التدريسية.
تعليم بلا كتب ومدرسين
حالة عصام وابنه ليست فريدة، هذا حال معظم أولياء الطلاب، فسهير (45 عاماً) لم يستلم ابنها في الصف الثالث الثانوي لا كتب لغة إنجليزية ولا فرنسية حتى اليوم.
وتقول سهير التي تقطن في جديدة عرطوز بريف دمشق، لموقع تلفزيون سوريا إن أمين المستودع في مدرسة ابنها لا يزال ينتظر اكتمال تسجيل الطلاب على الكتب التي يُريدونها، كي يذهب ويشتريها من مستودع الكتب المركزي بدمشق.
وقالت مصادر خاصة من وزارة التربية في حكومة النظام لموقع تلفزيون سوريا إن توزيع كتب المرحلة الثانوية غير مجانية وفي حال لم يسجل الطالب على نسخته من الكتب ودفع ثمنها مسبقاً لا يستطيع أمين المستودع شرائها على حسابه الشخصي.
ويتقاضى أمين المكتبة في بعض المدارس مبالغ زائدة عن السعر الرسمي للكتاب المدرسي، بحسب سهير التي ذكرت أن أمين المكتبة في مدرسة ابنها يبيع الكتاب المدرسي الذي يبلغ سعره 1200 ليرة، بسعر 2000 ليرة بحجة كلفة إيصاله من مستودع الكتب المركزية إلى المدرسة.
وهذا ما دفع الأهالي إلى الانكفاء عن شراء الكتب من المدارس وانتظار توافره في المكتبات الخاصة.
لكن المشكلة لا تكمن فقط في آلية الحصول على الكتب المدرسية، إنَّما تتعداها إلى وجود نقص في كتب التعليم العام الحكومي وعدم توافرها حتى في مستودعات الوزارة، وفقاً لعدد من مديري المدارس الحكومية التقاهم موقع تلفزيون سوريا.
ويقول مدرس في إحدى مدارس ريف دمشق لموقع تلفزيون سوريا إن معظم مدارس الريف تغيب عنها الكتب سواء في مرحلة التعليم الأساسي ذات الكتب المجانية، أو الثانوي التي كتبها غير مجانية.
ويضيف المدرس الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن هناك “مواد لم يعطَ فيها درس واحد وذلك إما لعدم توافر الكتاب أو لعدم توافر المدرس”.
وشدد على أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم توافر المواصلات للذهاب للمدرسة وغلائها في كثير من الأحيان والتي لا تكفي في نهاية الشهر راتب المدرس بكامله ،ما ينتج عنها من تغيب العديد من المدرسين، وهذا بدوره ينعكس سلباً على العملية التدريسية، بحسب المدرس.
أزمة المحروقات تطول الكتاب المدرسي!
رغم طباعة 40 مليون كتاب من قبل المؤسسة العامة لطباعة وتوزيع الكتب الحكومية، إلا أن مدارس النظام تعاني من غياب الكتب المدرسية لبعض الصفوف.
وفي وقتٍ سابق، صرح علي عبود، مدير المؤسسة العامة لطباعة وتوزيع الكتب المدرسية لوسيلة إعلامية موالية، أن المؤسسة طبعت كتب لجميع المراحل بما فيها سلسلة اللغات الأجنبية، ووزع على مستودعات فروع المؤسسة في المحافظات والتي بدورها تقوم بتوزيعه على المدارس في القرى والنواحي والبلدات والمناطق.
بينما الواقع يقول عكس ذلك. إذ تكمن المشكلة إضافة للنقص في الكتب، في سوء التوزيع الحاصل بين المستودعات وإدارات المدارس.
وكشف مصدر خاص من مؤسسة المطبوعات لموقع تلفزيون سوريا أن أزمة المحروقات التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام أثرت حتى على توزيع الكتب المدرسية، إذ تعاني آليات نقل الكتب من عدم توفر المازوت نتيجة قيام سائقيها بسرقة مخصصاتها.
وقال المصدر الذي نتحفظ على ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته إنه يوجد بريف دمشق وحدها 35 مستودعا فرعيا يوزع الكتب عبر لجان استلام من المدارس.
وأوضح أن تلك اللجان تتأخر في استلام الكتب لحين تسجيل كل الطلاب على النسخ المطلوبة من المواد الدراسية توفيراً للمازوت وتجنباً للاختناقات الحاصلة في المواصلات العامة”.
وذكر أن بعض مواد التعليم الحكومي طبعت نسخاً منها بأعداد قليلة على دفعات عبر مطابع الوزارة، وأن عملية الطباعة تستمكل اليوم رغم مرور شهر على افتتاح العام الدراسي الحالي.
الازدحام بالشعب سيد المشهد
ولا تنتهي معاناة طلاب المدارس في مناطق دمشق وريفها عند غياب الكتب وتسليم المهترىء منها والنقص الحاد في الكادر التدريسي، إنما تتعداها إلى ازدحام الصفوف المدرسية واكتظاظها بالطلاب وسط غياب الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا.
وفي نهاية شهر أيلول الماضي، أعلنت مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية هتون الطواشي عن تسجيل 392 حالة إيجابية بين الكوادر التربوية والطلاب منذ بداية العام الدراسي وحتى الثالث والعشرين من أيلول/سبتمبر في جميع المحافظات.
وذكرت في تصريح لوكالة “سانا” التابعة للنظام، أنه أُغلق 9 شعب صفية جراء تسجيل إصابات كورونا بين الطلاب.
وأضافت، أن نسبة الكوادر التعليمية التي تلقت اللقاح من العدد المستهدف بلغت 20 بالمئة.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا