هبة محمد
تستكمل الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية أعمالها في مدينة جنيف، والتي ينتظر أن يعلن عن نتائجها يوم الجمعة، بعد اختتام الجلسة الرابعة والأخيرة، والخروج بملخص لأربعة موضوعات «الجيش والقوات المسلّحة والأمن والاستخبارات، وسيادة القانون، وسيادة الدولة، والإرهاب والتطرف» والتي قدمتها الأطراف المشاركة في اجتماعات اللجنة، وتحديد مواعيد الجولة المقبلة.
وسترفع اللجنة المصغرة التي تضم 45 عضواً موزعين بالتساوي بين أطراف المعارضة والنظام والمجتمع المدني، تقريراً إلى لجنة موسعة تضم 150 عضواً، مكونة من خمسين عضواً عن كل من الأطراف الثلاثة.
خطوة مفخخة
وحول قراءته والتوقعات المأمولة من مباحثات صياغة الدستور، أبدى الخبير والمستشار السياسي محمد سرميني اعتقاده بأن وفد النظام وحلفائه يعملون على تفريغ المسار من محتواه، مع عدم الممانعة في تقديم تنازلات في الشكل، بهدف منع توقف المسار بشكل نهائي.
ومن وجهة نظر روسية، يرى سرميني في حديث مع «القدس العربي» أن موسكو تعمل على اختزال مسار الإصلاح الدستوري بمجرّد تعديل على دستور عام 2012، يخلص إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، فيما كانت التصورات الأولية للمسار تتحدث عن صياغة جديدة للدستور تمهّد للانتقال إلى مناقشة بقية القضايا وفق القرار 2254 (2015).
حيث أن روسيا بدأت منذ عام 2017 بفرض رؤيتها على مسار العملية السياسية، مستفيدة من تراجع نفوذ المعارضة السورية في خارطة السيطرة والنفوذ لصالح النظام السوري، والذي تمت ترجمته بتقديم مناقشة سلة الدستور على الحكم والانتقال السياسي الذي كانت تتمسّك به المعارضة السورية سابقاً، وأضاف المتحدث «ان بقاء المسار حياً ولو بالحد الأدنى يساعد روسيا في ترويج ادعاءاتها عن وجود رغبة منها ومن النظام في التوصل إلى تسوية سياسية، في الوقت الذي تعمل فيه على تمرير رؤيتها للحل من خلال مسارات أخرى موازية، بعضها ذو طابع دولي وإقليمي وآخر ذو طابع محلي».
وحول أهداف ونوايا النظام السوري، أشار الخبير السياسي إلى سلسلة من التغريدات التي كتبها وأوضح فيها أن هذا الأخير عمد إلى تعطيل الدورة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية السورية، بعد توقفها لأكثر من تسعة أشهر، لكنه اصطدم بضغوط روسية للانخراط في جولة جديدة من مباحثات اللجنة الدستورية، بغرض إعطاء المزيد من التطمينات حول استمرار قدرتها على التأثير في العملية السياسية، بالتزامن مع الجهود التي تبذلها لاستكمال مسار التطبيع العربي والدولي.
ورغم الانتقال إلى نقاش المضامين الدستورية، التي بدت وكأنها خطوة إلى الأمام، استبعد سرميني حدوث اختراقات كبيرة في عملية كتابة الدستور، عازياً السبب إلى عدم وجود أيّة مؤشرات لتخلي النظام السوري عن سياسته في هدر الوقت، ما لم يضمن اقتصار عملية إصلاح الدستور على مجرّد تعديلات على دستورية.
واعتبر الخبير السياسي أن النظام السوري يمارس في هذه الدورة ما مارسه في كل الدورات السابقة من سياسة إضاعة الوقت من خلال تفخيخ اللقاء بطرح القضايا التي يُدرك تماماً أن الطرف الآخر لا يمكنه الموافقة عليها. وقد استغلّ النظام حادث تفجير حافلة في دمشق بالأمس لممارسة هذه السياسة بشكل مكثف.
وناقشت اللجنة الدستورية الخميس ورقة تقدم بها أعضاء عن المجتمع المدني، حول سيادة القانون في الدولة السورية، مشيرين إلى ضرورة خضوع كل مؤسسات الدولة إلى القانون وضرورة تنفيذها لجميع القوانين المنبثقة عن الدستور.
وقف العنف في سوريا
بينما تقدمت هيئة التفاوض السورية أمس، بورقة بحثت موضوع الجيش والقوات المسلحة والشرطة وقوى الأمن، والأسس التي يجب أن تخضع لها في دولة سوريا المستقبل، حيث تباحث المجتمعون في طرح وفد المعارضة وفق «أسس موضوعية، حيث يتم إعادة صياغتها لإعادة تقديمها يوم الجمعة خلال الاجتماع الموسّع».
وقدم الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية هادي البحرة، الخميس، إحاطة عقب انتهاء أعمال اليوم الثالث لاجتماعات اللجنة تقدم فيها بالتعازي للأهالي في إدلب، مخصصاً ذوي الضحايا في بلدة أريحا، «الذين سقطوا اليوم من المدنيين الأبرياء، أطفالاً ونساءً ورجالاً» واعتبر أن «هذا الحادث يؤكد أن وقف إطلاق النار الشامل في سوريا هو مطلب أساسي، ولا يمكن الخوض في عملية سياسية جدّية قبل تأسيس نوع من وقف العنف في سوريا ككل، وأيضاً أقدم أحر التعازي لكافة المدنيين السوريين الذين سقطوا في كل أرجاء سوريا منذ العام 2011 وحتى يومنا هذا».
ووجه بعض أعضاء اللجنة رسائل إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة، من أجل مضاعفة جهوده للسعي إلى وقف إطلاق نار شامل في سوريا، طالبين منه – أثناء تواجد الوفود الرئيسية من روسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية – أن يتوصل معهم لتفعيل الجهود في هذا الاتجاه، بعد ذلك تم البدء في النقاشات.
ووفقاً لبيان اللجنة الدستورية فقد قال البحرة «هناك إشارة واضحة أن هناك بعض القوى في جميع أنحاء سوريا باتت متحالفة ضد أي عملية سياسية في سوريا، وهذه حالة أفرزها اقتصاد الحرب، فباتت هناك جهات تنتفع سواء من دوائر الفساد أو دوائر الإرهاب، في نفس الوقت الذي تنتفع من استمرار حالة سفك الدماء والدمار والحرب في سوريا، وبالتالي في نفس الوقت فإن هناك ضرراً لها في وجود أي حل سياسي، يُنهي الأوضاع السيئة في سوريا، ويؤدي إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وبالتالي نجد أن هناك تزامناً لهذين الحادثين في اليوم والتوقيت نفسهما، أحدهما في دمشق وأحدهما في إدلب، مع الفارق الكبير أن من استهدف في إدلب هم المدنيون الأبرياء الذين لا علاقة لهم بأي عمل عسكري من أي نوع كان». وأضاف «سننتظر إلى الجلسة الأخيرة يوم الجمعة، ويوم الجمعة سيكون واضحاً نوايا كل طرف والجهد الذي بذله سواء للتفاهم أو لإضاعة الوقت».
المصدر: «القدس العربي»