ريتا الجمّال
أصدر رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب مزهر، الخميس، قراراً بكفِّ يد المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لحين البتّ بالطلب المقدَّم من وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس لردّه.
وينظر مصدر قانوني متابع للقضية بتخوّف إلى تولي القاضي مزهر البت بطلب الردّ بعد إحالته إليه بينما كان عند القاضي نسيب إيليا الذي كان قد رفض طلبين سابقين وردهما شكلاً، واصفاً مزهر بأنه “مصبوغ سياسياً” ومحسوب على “حزب الله” و”حركة أمل” برئاسة نبيه بري. وقد بدأت تظهر بوادر القلق لدى أهالي ضحايا انفجار المرفأ الذين يتحضرون اليوم لوقفتهم الشهرية، بحسب ما أكد بعضهم لـ”العربي الجديد”، وسيكون لهم موقف حاد بوجه الطبقة السياسية ومحاولتها الإطاحة بالبيطار.
واكتفى المصدر القانوني بالقول لـ”العربي الجديد”، شريطة عدم ذكر اسمه: “إذا القرار بيد مزهر الله يستر ما يطير البيطار”.
في الأثناء، قال الوكيل القانوني لفنيانوس، المحامي طوني فرنجية، لـ”العربي الجديد”: “تقدّمت بوكالتي عن وزير الأشغال السابق بدعوى ردّ ضدّ القاضي طارق البيطار سنداً للمادة 120 من أصول المحاكمات المدنية، ومجرد أن يتبلغها القاضي المطلوب رده يتوقف مؤقتاً عن النظر بالملف إلى حين بتّ المحكمة بالطلب”.
ولفت فرنجية إلى أن “المفارقة هذه المرّة أن المحقق العدلي تبلغ دعوى الرد بينما ردّت محكمة الاستئناف برئاسة القاضي نسيب إيليا وكذلك فعلت محكمة التمييز شكلاً مرتين من دون تبليغ القاضي البيطار أي المطلوب رده استحضار الدعوى بعكس ما فعلت المحكمة اليوم بقبولها الطلب وتبليغه”.
وأشار فرنجية إلى أن الوكلاء “سيعمدون إلى تبليغ كل الخصوم وأفرقاء الدعوى بطلب الرد والقرار المتخذ اليوم على أن تبت المحكمة به بعد انتهاء جميع التبليغات”.
وأبدت مصادر في “تيار المردة” (برئاسة سليمان فرنجية) تفاؤلها بالقرار، مشيرة في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أنها “المرة الأولى التي يتخذ القضاء خطوة قانونية ويطبق المبادئ العامة ولا سيما على صعيد التبليغ”، وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات حول مسار الطلب بعدما شكك “تيار المردة”، كما باقي المدعى عليهم والأحزاب السياسية التي يتبعون لها، بالقرارات القضائية التي صدرت عن القضاة ربطاً بطلباتهم لرد أو نقل الدعوى من البيطار إلى قاضٍ آخر.
عدم التدخل بالقضاء
وسارعت وسائل إعلام محسوبة على “حركة أمل” و”حزب الله” إلى نشر الخبر أولاً بصياغة مختلفة تظهر أن القاضي البيطار كفت يده نهائياً عن القضية، الأمر الذي أثار بلبلة كبيرة في الأوساط المحلية والشعبية وفي صفوف أهالي ضحايا الانفجار.
وبالتزامن، أبدت كتلة “حزب الله” النيابية (الوفاء للمقاومة)، بعد اجتماعها الأسبوعي، تمسكها بموقفها من القاضي البيطار “خصوصاً مع إثبات تجاوزه حدّ السلطة”، على حدّ تعبيرها، والذي كما بات معروفاً يدعو لإقالته من منصبه والذي على وقع تهديداته علقت الحكومة جلساتها.
كذلك، شدد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على مسلّمة عدم التدخل بعمل السلطة القضائية أو التحقيقات بانفجار بيروت، لكنه في المقابل لمح إلى سقطات المحقق العدلي الدستورية.
وقال ميقاتي، في كلمة له اليوم: “حاولنا قدر المستطاع وسعينا بكل قوة إلى أن يبقى الملف القضائي لانفجار مرفأ بيروت في عهدة القضاء ورفضنا التدخل فيه مع التشديد على تصويب الشطط الذي وقع فيه المحقق العدلي، وخاصة في موضوع محاكمة الرؤساء والوزراء المناط حسب المادة 80 من الدستور بالمجلس النيابي، إلا أن الأمر لم يغير في موقف البعض شيئاً”، وذلك في معرض حديثه عن الامتحان الأول الذي واجهته حكومته وأدى إلى تعليق جلساتها منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي قبل أن تفاقم الأزمة مع السعودية الوضع أكثر.
تجدر الإشارة إلى أن جلسة استجواب المدعى عليه رئيس الوزراء السابق حسان دياب علقت بفعل تقديمه دعوى مخاصمة الدولة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جلسة استجواب وزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق، ما كف يد القاضي البيطار مؤقتاً عن ملفيهما، في حين كان المحقق العدلي قد أرجأ جلسة استجواب المدعى عليه وزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر إلى 9 نوفمبر/ تشرين الثاني بعد تقديم وكيله القانوني الدفوع الشكلية التي ستحال على النيابة العامة التمييزية للنظر بها.
المصدر: العربي الجديد