أدت الصواريخ الإيرانية التي تساقطت على أربيل، الأحد، إلى زيادة الفوضى السياسية في العراق الذي يستعد لاختيار حكومة جديدة، لكنها أيضا أدت إلى تعقيد الأوضاع الإقليمية والدولية في الوقت الذي تتفاوض فيه طهران والقوى الأوروبية والولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي.
وقال الحرس الثوري الإيراني إنه استهدف مقرا تابعا للموساد الإسرائيلي، وفق وكالة أنباء فارس شبه الرسمية الإيرانية. ونفت سلطات أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، وجود مقار إسرائيلية فيها.
ووصف الرئيس العراقي، برهم صالح الهجوم، الإيراني بأنه “عمل إرهابي”، واستدعت وزارة الخارجية العراقية السفير الإيراني احتجاجا على الهجوم.
هجمات سابقة
وتقول مجلة National Interest الأميركية إن هذه ليست المرة الأولى التي تدعي فيها إيران أنها تمتلك معلومات عن وجود أصول استخباراتية إسرائيلية في إقليم كردستان العراق، فقد تم نشر تقارير مماثلة في كل من أبريل وسبتمبر 2021.
وتقول المجلة إنه مع ذلك، فإن الغارة الأخيرة ليست سوى أحدث تصعيد في المواجهة الإيرانية والإسرائيلية المستمرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتضيف أن ” إيران أصبحت أكثر حساسية بشكل ملحوظ للوجود الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، خاصة منذ أن اغتالت الولايات المتحدة قائد الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بمساعدة من القوات الخاصة الكردية العراقية والاستخبارات الإسرائيلية في يناير 2020″.
وتقول المجلة إن هذه الرؤية تساعد هذا في تفسير السبب الذي دفع “الحرس الثوري” الإيراني إلى إطلاق أكبر تدريبات عسكرية له حتى الآن على حدود إيران مع أذربيجان في أكتوبر 2021، حيث أدت المخاوف الإيرانية بشأن الوجود الإسرائيلي في جنوب القوقاز إلى تضخيم نزاع حدودي صغير مع أذربيجان إلى شيء أكبر.
وتحذر المجلة من أن نوايا إيران في تحدي الوجود الإسرائيلي المزعوم في العراق تشكل مخاطر على الولايات المتحدة.
ووصفت الولايات المتحدة الهجوم بأنه “انتهاك صارخ لسيادة العراق”، لكنها قالت إنه “لا مؤشرات على أن الهجوم كان موجها ضد الولايات المتحدة”.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، لبرنامج “واجه الأمة” على شبكة سي بي إس إنه “لم يصب أي مواطن أميركي بأذى … ولم تصب أي منشآت أميركية”.
وتقول المجلة إن هذه التصريحات جديرة بالملاحظة لسببين. أولا، لأنها تشير إلى أن قدرات إيران الصاروخية أصبحت الآن متقدمة لدرجة أن الحرس الثوري الإيراني يمكنه تدمير أهداف على مقربة من الأميركيين بدقة دون التسبب في أضرار جانبية غير مرغوب فيها أو تدمير الصواريخ من قبل الدفاعات الأميركية.
والثاني، بحسب المجلة، هو إن إيران أظهرت قدرا ملحوظا من ضبط النفس في الرد، مما خلق مساحة لكل من الانتقام وخفض التصعيد اللاحق.
ويضيف الموقع أنه مع ذلك قد تشير الضربات أيضا إلى أن إيران تزداد جرأة واستعدادا للانتقام المباشر بالصواريخ الباليستية ضد خصومها.
ونقلت المجلة عن، جون كرزيزانياك، الباحث المشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قوله إن إيران ضربت أهدافا في العراق وسوريا بالصواريخ الباليستية ست مرات منذ عام 2001، مع حدوث خمس من هذه الحالات بعد عام 2017.
ونقل عن المحلل الإيراني، علي رضا أحمدي، أن الانتقام سيكون أكثر تواترا ومباشرة”. وبغض النظر عن ذلك، يشير الأحمدي إلى أن “إيران تعمل على تطوير تطور ودقة أسطولها الصاروخي لمثل هذا العمل الرادع بالضبط بدلا من القدرة على تحديث جيشها التقليدي بشكل صحيح”، لذلك فإن “من المرجح أن تستمر إيران في الاعتماد على الصواريخ الباليستية في ردع ومواجهة التهديدات الأكثر فظاعة لأمنها”.
مصير المفاوضات
وتقول شبكة CNN إن اختتام المحادثات النووية باتفاق مع طهران قد يؤدي إلى وصول أكثر من مليون برميل يوميا من النفط الإيراني الخاضع للعقوبات حاليا إلى السوق العالمية، مما يمنح مهلة لارتفاع أسعار النفط في الوقت الذي تتدافع فيه الدول الغربية لإيجاد بدائل لصادرات الطاقة الروسية.
وسجلت أسعار الخام الأسبوع الماضي أعلى مستوى في ثمان سنوات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وما تلاه من عقوبات غربية على موسكو.
وفشلت الولايات المتحدة حتى الآن في إقناع حلفائها المنتجين للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بزيادة الإمدادات والمساعدة في ترويض ارتفاع الأسعار.
ونقلت الشبكة عن، سامان فاكيل، زميل مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن قوله إن “الاستقرار الإقليمي ليس شيئا يجب أن نعتبره أمرا مفروغا منه وأن إيران كدولة إقليمية تستعرض قوتها خارج حدودها لتقول إن لديها القدرة على زعزعة الاستقرار.”
ودعا سياسيون جمهوريون، مثل ليزا ماكلين، إلى “وقف فوري للمفاوضات مع إيران”، في حين قال السناتور توم كوتون إن تخفيف العقوبات يجب أن يكون “غير مطروح على الطاولة”.
ونقلت الشبكة عن، تريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن العاصمة، قولها إن “من المرجح أن الإيرانيين كانوا يرسلون رسالة إلى إسرائيل لأنهم كانوا يتلقون الكثير من الضربات في سوريا، حيث كان الإسرائيليون يستهدفونهم”.
وقالت فرنسا إن توجيه إيران لضربة وسط المحادثات النووية فعل “متهور” لكنها أضافت أنه قد لا يكون للضربة تأثير على المفاوضات.
وكان مصير المحادثات النووية غير مؤكد الأسبوع الماضي بعد طلب مفاجئ في اللحظة الأخيرة من روسيا ضمانات بأن تجارتها مع إيران لن تتأثر بالعقوبات الغربية على موسكو. ورفضت الولايات المتحدة الطلب وتوقفت المحادثات.
ويزور وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، روسيا، الثلاثاء، لإجراء “محادثات صريحة متطلعة”، حسبما ذكرت صحيفة نور نيوز الإيرانية.
وعلى الرغم من مماطلة موسكو، ألقت طهران، الاثنين، باللوم في التأخير على الولايات المتحدة، قائلة إن قرار إنهاء المحادثات يقع على عاتق واشنطن.
وعلقت إيران المفاوضات مع المملكة العربية السعودية، الأحد، وهو قرار جاء قبل الجولة الخامسة من المحادثات الثنائية المقرر عقدها في بغداد ه ذا الأسبوع، حسبما ذكرت صحيفة نور نيوز.
المصدر: الحرة. نت