علي ديمير
أجمع عدد من المحللين السياسيين أن لدولة قطر أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما دفع بالرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى إصدار قرار بتصنيف قطر كحليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي الـ”ناتو”.
وقال بايدن في مرسومه الرئاسي إن “قراره أتى بموجب السلطة المخولة له كرئيس وفقا لدستور وقوانين الولايات المتحدة الأمريكية وعملا بالمادة 517 من قانون المساعدة الخارجية لعام 1961″، مؤكداً أن “دولة قطر أصبحت حليفاً رئيسياً من خارج الـ(ناتو) للولايات المتحدة”.
وتعليقاً على هذه الخطوة الأمريكية، تحدث ماجد الخطيب المحلل السياسي والباحث في الشؤون الدولية في جامعة نانتير في باريس لـ”وكالة أنباء تركيا”، حيث قال “دعونا نفهم أولا ما معنى حليف استراتيجي خارج الـ(ناتو)، هو باختصار: لقب أو صفة تمنحه الولايات المتحدة لدولة مقربة منها لها علاقات استراتيجية مع القوات المسلحة الأمريكية، ومن شأن ذلك أن تحصل تلك الدولة على امتيازات لا تحصل عليها دول من خارج الحلف”.
وأضاف “لذلك أعتقد أن ما تعنيه الولايات المتحدة عند زيارة الوفد الأمريكي رفيع المستوى إلى قطر قبل نحو شهرين والتشاور مع الحكومة القطرية حول إمكانية مد أوروبا بالغاز بديلا عن روسيا، هو أن الولايات المتحدة ستقدم ربما لقطر أسلحة متطورة ودعما سياسيا عالي المستوى، على سبيل المثال لعب دور المصالحات على المستوى الدولي والإلقليمي لإيجاد حلول دبلوماسية ما في الوقت الذي لا يبدو فيه إمكانية لدولة في حلف الـ(ناتو) أن تلعب هذا الدور كما في الملف الأوكراني الحالي”.
وتابع الخطيب “لذلك لا نستبعد في قادم الأيام أن تدخل قطر على خط الدبلوماسية وأن تساهم بإيجاد مخرج، أو أن تعمل على تبريد الأزمة بطريقة ما، أضف إلى ذلك علينا ألا ننسى أن قطر تضم قاعدة عسكرية ضخمة للولايات المتحدة”.
وزاد قائلاً “نقطة أخرى في هذا السياق تدعم استحقاق قطر نيلها هذه المكانة في أكبر تحالف دولي عرفته البشرية، هي جهود الوساطة الناجحة التي قادتها الدبلوماسية القطرية في الأعوام الماضية بين حركة طالبان والولايات المتحدة، والتي أفضت من حيث النتيجة إلى انسحاب الولايات المتحدة بشكل آمن من أفغانستان وتعهد (طالبان) بمحاربة تنظيم (داعش)، وألا تكون أراضي أفغانستان منطلقا لأي عمليات إرهابية تهدد العالم”.
وختم الخطيب موضحا “من هنا يبدو أن الولايات المتحدة ستمنح قطر دورا أكبر على صعيد العلاقات الدولية لاستخدام دبلوماسيتها في مسائل مستعصية تساهم إلى حد ما في خفض التصعيد أو تبريد الأزمات، وهذا يقود بالضرورة إلى حصول قطر على مكاسب وتسهيلات”.
من ناحيته، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد مظهر سعدو، قال لـ”وكالة أنباء تركيا” إن “الولايات المتحدة الأميركية وبعد ما حصل في أوكرانيا من محاولات الروس لإعادة رسم ملامح جديدة لنظام عالمي تريده روسيا أن يتشكل على أنقاض الماضي، يبدو أنها قد استدركت ذلك وراحت تفعل جديا باتجاه حشد الدول المقربة وذات الثقة من الإدارة الأميركية، لذلك فهي بصدد إقامة تحالف جديد وواسع يكون بالدائرة الثانية مباشرة بعد نواة ودائرة الـ(ناتو) الأكثر قرباً”.
وتابع سعدو قائلا “ومن ثم فإن اعتبار قطر مقربة وحليفة على هذا الأساس سيجر وراءه الكثير من دول العالم ذات الأهمية وذات القوة سواء الاقتصادية أو الجيوسياسية، والتي تحتاج هي الأخرى لدعم أميركي بمواجهة الحلف الآخر الذي يكاد أن يتشكل والمؤلف من روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، خاصة وأن قطر تمتلك احتياطًا من الغاز قد يكون بديلاً عن الغاز الروسي فيما لو تم الاستغناء عن الغاز الروسي الذي يورد ماهو أكثر من 40% من الاحتياجات الأوروبية”.
وأعرب عن اعتقاده أنه “في قادم الأيام سنرى الكثير من الدول التي ستركض نحو الأميركان والـ(ناتو) من أجل الاحتماء بهم في مواجهة الطغيان الإمبراطوري القادم من الشرق الروسي والصيني”.
وختم سعدو قائلاً “بالفعل فإن ذلك سيفتح الباب على مصراعيه نحو دول أخرى كانت تنتظر خلف الباب، واليوم سنجدها واقفة باتجاه الولوج به بعد غزو روسيا إلى أوكرانيا”.
وأوضحت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أن “تسمية دولة كحليف رئيسي غير عضو في حلف الـ(ناتو)، تعد رسالة رمزية لقوة العلاقات الوثيقة التي تربط الولايات المتحدة بتلك الدولة”.
وحسب تعريف وزارة الخارجية الأميركية، فإن التصنيف الجديد “يندرج تحت القانون الأميركي، ويمنح الطرف المعني امتيازات محددة في مجالات التعاون الدفاعي والأمني والتجاري، وهو بمثابة مؤشر قوي إلى العلاقات الوثيقة بين الولايات المتّحدة والدولة المشمولة بهذا التصنيف”.
في هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني نائل بركات لـ”وكالة أنباء تركيا”، إنه رغم وجود دول تحمل هذا التصنيف مثل الأردن والمغرب لكنّ قطر لها أهمية عظيمة جدا عند أمريكا لموقعها المتميز في الخليج العربي وما لذلك الموقع من أهمية عظيمة على العالم، ووجود أكبر وأهم قاعدة عسكرية أمريكية في قطر خارج حدود الولايات المتحدة”.
وأضاف “قطر من الأهمية لأمريكا تعتبر شعرة معاوية بين أمريكا والحركات الإسلامية أو المجموعات التي تعتبرها أمريكا حركات معادية لأمريكا أو تصنيفها بالإرهاب مثل (حماس) وكذلك (طالبان) وحتى حزب الله الخ، ففي الشأن الأفغاني مثال كانت تجري الاتفاقيات بين (طالبان) الأفغانية وأمريكا والوسيط قطر الذي وصل لاتفاق بين الطرفين”.
ومضى بالقول “لهذا فإن لتصنيف بايدن من الأهمية لقطر أنه يحق للدول التي تحمل هذا التصنيف استضافة مخزونات من العتاد الاحتياطي للقوات الأمريكية، كما يحق للشركات الخاصة من هذه الدول تقديم عطاءات للحصول على عقود لصيانة أو إصلاح المعدات العسكرية الأمريكية، وتسهل كذلك إبرام اتفاقات للتدريب العسكري مع واشنطن”.
المصدر: وكالة أنباء تركيا