د- زكريا ملاحفجي
نُتم العام الحادي عشر لانفجار الثورة السورية، والتي فجرتها غطرسة الأسد وتوحشه، في ظرف تاريخي وواقع محتقن كانت تعيشه المنطقة بشكل كبير للغاية، ولكن ما كان لهذه العائلة أن يتوقع منها غير ذلك فتاريخ الأب والعائلة يمتلؤ بالحقد والكره والقتل والنهب والغطرسة، ومرّت الثورة السورية بمنحنيات عنيفة ومختلفة ومعروفة من البداية السلمية إلى المواجهة العسكرية فالحرب المفتوحة فالتدخل الأجنبي لأطراف كثيرة دولية، وقرارات دولية بدون أدوات لتطبيقها فالنص وحده لا يغير واقع بلا إرادة حقيقية واقعية، وتحولت أحياناً لتصفية حسابات دولية وصراعات على أرض سورية، فكانت كما قيل الحرب الأرخص على الجميع إلا السوريين، ونشأ عن ذلك أعداد بالملايين من نازحين ولاجئين وشهداء ومعاقين ومصابي حرب، فالمعركة كانت بأسلحة غبية أي عشوائية مفتوحة على الناس فالقتل كان لذات القتل.
وأقول إنّ الثورة هي أداة لتغيير الحكم أو تحسين شروطه سواء كانت بشكلها السلمي أو العسكري، لكن الثورة ليست هدف مجرد بذاته كما يفهمها البعض فهذا يُحدث تآكل اقتصادي واجتماعي وسياسي وجوانب كثيرة تنعكس بشكل صعب على الناس، وطالما نحن بحال انسداد أفق الحل، فلا بد للتحول لحوكمة رشيدة للمناطق التي خرجت عن سيطرة النظام لتدوم عجلة الحياة وخلق مؤسسات فاعلة تدير شؤونهم وتسير حياتهم، إلى أن يحصل حل كامل على كل سورية وهذا يخفف من ضغوط النزوح واللجوء وضريبتها الكبيرة، ولابد من النظر للارتدادات التي حصلت وتحصل داخل بنية المجتمع الذي ينشد التغيير، هل ماتزال نفس الأهداف الحضارية القائمة على أساس المواطنة والمساواة، أم انحرفت تلك الأهداف وتبدلت، وهل نحن نموذج جاذب أم نموذج طارد في الفكرة والسلوك، فأمور كثيرة لابد من الوقوف عندها قبل قولنا الثورة مستمرة، فالاستمرار لتغيير الاستبداد لا يكون بممارسة الاستبداد، ولابد من السؤال هل نحن أنشأنا مؤسسات بديلة فاعلة تدير هذا الواقع بكفاءة وتصميم، أم مازلنا نعيش التخبط والسلطات البقعية المنشرة والموزعة بلا ناظم واحد ينظمها، هل لدينا قيادة تقود وهل القوى الموجودة بحالة تكامل أو تآكل، فأسئلة كثيرة لابد من الإجابة عليها، ونقدها بشكل موضوعي.
نحن نريد الاستمرار بالتغيير والإصرار مع الاستمرار لكن على أسس صحيحة وسليمة، تؤتي أكلها، فكما أننا نصر على الهدف والتغيير لابد أن نصر على الإصلاح لبنيتنا الداخلية لتكون أفضل كي ننجح، ولابد أن نسأل أنفسنا بعد كل هذا لماذا لم ننجح؟
فطالما لدينا الإصرار على الاستمرار وهو خيارنا فلابد من الإصرار على الاصلاح.
المصدر: اشراق