عبدالله البشير
ما زالت عمليات النهب مستمرة في منطقة الحجر الأسود، التي تتبع إدارياً لمحافظة دمشق، بعد انقضاء نحو 4 أعوام على سيطرة النظام على المنطقة، كما تؤكد “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” في تقرير أصدرته الجمعة.
والحجر الأسود أساساً منطقة مهملة من قبل الثورة، كما يبيّن ابن المنطقة خالد العلي (58 عاماً) لـ”العربي الجديد”. والمنطقة فيها تجمع للنازحين من القنيطرة والجولان ومن محافظات آخرى، وتعتبر حزام فقر حول دمشق، وكان عدد سكانها يتجاوز 400 ألف قبل الثورة، وهي من المناطق الأولى التي شاركت في الثورة. سيطر عليها النظام عام 2018، وكانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. وتعمد النظام تدمير الحي ومعه مخيم اليرموك بشكل شبه كامل بهدف إبعاد السكان عن المنطقة كونها ذات كثافة سكانية وفقيرة ومعارضة.
وفي الوقت الحالي، يقول العلي إن النظام يعرقل عودة الأهالي إلى المنطقة. يضيف: “عادت أعداد قليلة من الناس إلى مخيم اليرموك، لكن لا عودة إلى الحجر الأسود. يعمل النظام على إعادة تأهيل المنطقة ببطء شديد وسط تعقيدات إدارية. وبدلاً من مساعدة السكان على ترميم المنازل، يضع أمامهم شروطاً للعودة. ما من مقومات للحياة، وقد أزال النظام الركام من بعض الشوارع بينما تم نهب بيوت المنطقة ومحالها التجارية، ولم يبق فيها ما هو صالح للاستخدام. كما أن غالبية سكان الحجر غادروا، ومنهم من يقيم في مناطق ريف دمشق”.
ويقول المسؤول الإعلامي في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” فايز أبو عيد إن الحجر الأسود تعرض لهجمات عنيفة شنها النظام والطائرات الحربية الروسية، الأمر الذي أدى إلى دمار كبير في عدد من شوارعه، كتشرين والثورة والجزيرة والأعلاف والمقاسم والأرناؤوط والثلاثين.
وما من إحصائيات رسمية عن عدد العائلات التي عادت إلى الحجر الأسود، وفق تأكيد أبو عيد، بسبب الصعوبات والعقبات التي تضعها محافظة دمشق أمامهم. وأعلنت محافظة ريف دمشق، في الخامس من سبتمبر/ أيلول 2021، أنها بدأت بتسليم أهالي الحجر الأسود الطلبات المتعلقة بملء الاستمارات الخاصة بعودتهم إلى ممتلكاتهم، للمباشرة في تأهيل منازلهم وترميمها بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات ذات الصلة. وطلبت المحافظة من أهالي المنطقة اصطحاب الأوراق الثبوتية المصدقة التي تؤكد ملكيتهم المنازل مع بيان عائلي وصور البطاقات الشخصية، ليتمكنوا من تعبئة الاستمارة. لكن حتى اليوم، لم يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم.
ويقول أبو عيد إن هناك جهات لها المصلحة في استمرار عمليات سرقة ممتلكات ومنازل المدنيين، لتحقيق المزيد من الأرباح المادية وجني الثروة. إلا أن السبب الرئيسي يكمن في اشتراك الجهات الأمنية المشرفة على منطقتي الحجر الأسود واليرموك ولجان الدفاع الوطني التابعة للأمن السوري بالسرقة وتسهيلها من أجل جني المزيد من المال.
ويضيف أن أهالي الحجر الأسود أطلقوا “العديد من المناشدات والنداءات للجهات الحكومية الرسمية لحثها على وقف سرقة منازلهم وممتلكاتهم، إلا أن جميع نداءاتهم ذهبت أدراج الرياح ولم يستجب لها. ويعزو أهالي الحجر السبب إلى السطوة الأمنية التي لا يمكن أن تقف أمامها أي جهة، بالإضافة إلى عدم وجود رقيب أو حسيب عليهم. ومؤخراً، سطت دوريات تابعة لما يعرف بالدفاع الوطني على عدّة منازل مدمّرة بشكل جزئي في محيط مدرسة اليازور وسط الحجر الأسود، وشملت التمديدات الكهربائية والأخشاب والنوافذ والأبواب، بالإضافة إلى بعض الأثاث الموجود في المنازل، لنقلها بعد ذلك بسيارات إلى خارج المنطقة”.
وكانت حكومة النظام السوري قد أعلنت عن سماحها بعودة سكان الحجر الأسود، من خلال تصريحات صدرت عن رئيس بلدية مدينة الحجر الأسود خالد خميس في ديسمبر/ كانون الأول 2021، حيث قال إن “محافظة ريف دمشق باشرت بمنح الموافقات لعدد من عائلات حي الحجر الأسود بريف دمشق بالعودة إلى منازلها وممتلكاتها وترميمها”.
يذكر أن الأحياء السكنية منذ سيطرة النظام على حي الحجر الأسود، عام 2018، تعرضت لعمليات نهب وسرقة طاولت الأثاث المنزلي والرخام والبلاط، بالإضافة إلى القضبان الحديدية من المباني المدمّرة.
المصدر: العربي الجديد