منهل باريش
في يوم الجمعة، 18 آذار (مارس) المصادف إنطلاق الانتفاضة الشعبية في مدينة درعا، أفسد «العسكر» المعارضون بهجة المتظاهرين في بلدة مارع، مسقط رأس قائد لواء التوحيد، عبد القادر الصالح، أحد أبرز القادة العسكريين المعارضين في تاريخ الثورة السورية. وفي المظاهرة المذكورة، ظهرت رعونة بنادق الفصائل مرة أخرى، بسبب الحساسيات بين قائد «الجبهة الشامية» أبو أحمد نور وقائد «فرقة الحمزة» سيف أبو بكر.
في التفاصيل، حضر رئيس «الائتلاف الوطني» المعارض سالم المسلط ورئيس وفد المعارضة إلى مسار أستانا، أحمد الطعمة، وعدد من أعضاء الهيئة السياسية في الائتلاف ووزراء في الحكومة السورية المؤقتة. كما حضر قائد فرقة «المعتصم» معتصم عباس وقائد «الجبهة الشامية» وغرفة عمليات عزم، أبو أحمد نورــ وقائد فرقة الحمزة سيف أبو بكر، وعدد كبير من قادة الصف الأول والثاني في الفصائل وعدد قليل من نشطاء ريف حلب الشمالي، فيما اقتصر حضور النشطاء على نشطاء البلدة. وعن سبب الخلاف وإطلاق النار، تحققت «القدس العربي» من عدد من الحاضرين وتبين أنه وفي الدقائق الأخيرة وقبيل انتهاء المظاهرة، طالب أحد الشبان على المنصة من قائد «الجبهة الشامية» أبو أحمد نور إلقاء كلمة، ونتيجة الحساسيات السابقة بين قادة الفصائل، توجه قائد فرقة الحمزة وحيدا باتجاه سيارته وتبعه عناصر الحراسة الخاصين به، الأمر الذي اعتبره أحد القادة العسكريين في «الجبهة الشامية» إهانة لقائده. فأعاق خروجهم من المنفذ المؤدي إلى السيارة وهنا جرت ملاسنة حادة بين عناصر «الشامية» ومرافقة أبو بكر، أدت إلى إطلاق نار في الهواء، تفرق على إثرها المتظاهرون، قبل أن يعودوا لإكمال المظاهرة بعد انسحاب القادة وبقاء عناصر من فرقة «المعتصم» باعتبارها القوة المحلية في البلدة من أجل حماية المظاهرة.
وقبل ذلك، جرت احتفالية الثورة في حوار كليس في مقر «فرقة الحمزة» جرى له الترتيب قبل نحو شهر ـ لأسباب أمنية كما أشار أحد أعضاء وفد الائتلاف في حديث لـ «القدس العربي». وتخلف قائد «الجبهة الشامية» عن الاحتفال كونه في مقر أحد الخصوم، فيما حضر وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، ووزير الداخلية وقادة الشرطة العسكرية والمدنية.
وألقى الإمام السابق للجامع «العمري» في درعا، الشيخ أحمد الصياصنة خطبة مسجلة قصيرة بمناسبة الذكرى الـ 11 لإنطلاق المظاهرات في محافظة درعا، التي اتخذت من جامع العمري في درعا البلد مقرا رمزيا لتجمع الحراك والنشطاء والمحتجين. ونشر موقع «تجمع أحرار حوران» المحلي والمتخصص بنشر أخبار محافظة درعا، شريطا مصورا للشيخ تزامن مع وقت خطبة الجمعة المعتادة حسب التوقيت المحلي.
وشدد الإمام السابق على أهداف الثورة قائلا إنها «لم تمت وأهدافها باقية وشعبنا يستعد لانتفاضة وانطلاقة جديدة وان طال الزمان. لا يمكن لأحد أن يهزم الشعب السوري».
وأشار إلى أن «الذين قدموا الشهداء والمعوقين والمهجرين لن ينسوا ما حل بهم. لن ينسوا المسالخ البشرية والمجازر والأطفال الذين رُوعوا وحُرموا من التعليم ولن ننسى الذين حملوا السلاح علينا وقتلوا شبابنا ونسائنا وشيوخنا» مضيفا أن النظام «ارتكب جرائم ضد الإنسانية» مذكرا بما حدث للفرنسيين خلال احتلالهم سوريا وماذا حصل لغيرهم قبلهم. وختم لا بد لليل أن ينجلي وللقيد أن ينكسر.
وفي رصد المظاهرات، تظاهر العشرات بعد صلاة الجمعة أمام الجامع العمري في درعا البلد للتأكيد على «ثوابت الثورة واستمرارها في المنطقة على الرغم من القبضة الأمنية التي تحاول قوات النظام فرضها على أحياء درعا البلد» وتضامن المتظاهرون مع مدينة جاسم التي تشهد اشتباكات بين عناصر سابقين في الجيش الحر وقوات النظام. حيث تعرضت لمداهمة قوات النظام بهدف البحث عن مطلوبين رفضوا التسوية الأمنية ولم يسلموا سلاحهم. وصلى المتظاهرون أمام الجامع العمري «صلاة الغائب على أرواح شهداء» الثورة السورية. كما تظاهر العشرات في مدينة طفس بريف درعا الغربي، عقب صلاة الجمعة، وفي بصرى الشام معقل اللواء الثامن الذي ألحقته روسيا بالأمن العسكري لدى النظام مؤخرا، رفع المتظاهرون علم الثورة السورية في الأحياء الأثرية، وهتفوا بإسقاط النظام والنصر للثورة السورية.
في شرق سوريا، تظاهر العشرات من أبناء المحافظة في عدة مناطق، رصدت «القدس العربي» ثلاث منها، هي شحيل والشعيطات وبريهة، حمل المتظاهرون لافتات تؤكد على استمرا الثورة ومطلب «إسقاط النظام».
إلى ذلك تستمر المظاهرات في محافظة إدلب غربي سوريا وريف حلب الشمالي.
وفي الخلاف القديم-الجديد حول انطلاقة الثورة، احتفل الحوارنة بيوم الثورة في 18 آذار (مارس) ذكرى إنطلاقة الحراك الشعبي ومعها سقط أول شهيدين في الثورة السورية، محمود الجوابرة وحسام عياش برصاص قوات أمن النظام، ليعلنا توسع الانتفاضة. ومع مقتل الشابين وفي اليوم نفسه، خرجت مظاهرات موثقة في بانياس في محافظة طرطوس ومدينة حمص ومظاهرة الجامع الأموي في دمشق ومضايا التابعة إداريا لمحافظة ريف دمشق.
وفي السياق ذكر عضو مجلس الشعب المنشق، ناصر الحريري أن الثورة «كانت من درعا بدليل تحدث أخي وزميلي الشيخ يوسف أبو روميه والزميل فواز محاميد (عضوان مستقيلان من مجلس الشعب عن درعا أيضا) عما حصل في درعا وحمل العميد عاطف نجيب المسؤولية ولم نشهد أي حديث مواز له من أي منطقه أو مدينه سورية». ولفت إلى «نزول الجيش للشوارع وإقامة الحواجز والتدقيق والتضييق على المواطنين وهذه الظاهرة كانت حصرا ولمدة أشهر لحوران. حيث دمشق وباقي المدن السورية كانت تعيش وضعها الاعتيادي بينما العالم كله يناشد فكوا حصار درعا وأغيثوا درعا» حسب قوله. من جهة أخرى، أعرب «الائتلاف السوري» المعارض، في بيان رسمي بذكرى الثورة، عن أمله بأن تكون الذكرى الحادية عشرة للثورة «آخر عهد للشعب السوري مع اللجوء والنزوح والاعتقال والتهجير والملاحقة والتعذيب، وأن يطل علينا عيد الثورة القادم وقد تحققت تطلعات هذا الشعب العظيم في الحرية والعدالة والكرامة، وتمكنا من إنجاز الانتقال السياسي، وأزلنا هذا النظام العميل وطردنا قوى الاحتلال والعدوان، وأن نكون جميعاً، في ساحات سوريا نهتف للحرية». وأضاف البيان أن الخيارات الخاطئة للمجتمع الدولي والمواقف المتقاعسة «ولّدت الكثير من الكوارث في سوريا والمنطقة والعالم» مستدركاً «لكن الفرصة ما زالت متاحة أمام الجميع، من خلال المضي مع الخيارات الصحيحة في الدعم الحقيقي والفعلي للشعب السوري وقواه العسكرية والسياسية؛ من أجل إنهاء حكم الاستبداد والإرهاب المتمثل بنظام الأسد ورعاته: إيران وروسيا، وبناء دولة مدنية ديمقراطية فاعلة إيجابياً في المنطقة والعالم».
ودعا الائتلاف العالم إلى الوقوف «بصدق مع الشعب السوري ورفع الغطاء عن النظام المجرم وطرده من أي منظمة دولية، ودعم أحرار سوريا في نضالهم ضده، وإفشال المشاريع الروسية الرامية إلى تعويمه وإعادة تدويره، والوقوف في وجه مخططات النظام الإيراني الخبيثة الرامية إلى نشر الكراهية والطائفية».
في السياق العربي، أصدر «المجلس العربي» الذي يرأسه الرئيس التونس الأسبق المنصف المرزوقي، الخميس الماضي، بيانا عبر فيه عن دعمه «لحق الشعب السوري في تقرير المصير» مضيفا إن ذكرى الثورة تأتي «في ظل انهيار متواصل لأوضاع الشعب السوري المعيشية والاقتصادية والأمنية» داعياً السوريين إلى «التمسك بثوابت ثورتهم وقيمها الخالدة» والضغط على المجتمع الدولي «لإنهاء أزمة اللاجئين وتمكين كل السوريين إلى العودة لمدنهم وديارهم دون خشية أي تنكيل أو انتقام».
المصدر: القدس العربي