معاذ العمري
رغم عدم وجود أي تحرك رسمي على الأرض، أو إعلان صادر عن الإدارة الأميركية برفع العقوبات عن النظام السوري، فإن مشرعين جمهوريين في الكونغرس الأميركي حذروا من أي خطوة قد تقدم عليها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في هذا الشأن.
وبدأت حالة «الشد والجذب» بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة، خصوصاً في الشأن السوري، منذ فترة طويلة، وتعود إلى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وانتهت بموافقة الكونغرس بأغلبية ساحقة على «قانون قيصر»، الذي رسم السياسة الأميركية في التعامل مع الملف السوري.
بيد أن التسريبات الإعلامية والخطابات المتداولة في العاصمة واشنطن، تنبئ بتحرك أميركي في هذا الملف، قد يخالف ما اتُفق عليه في «قانون قيصر»، فقد أخبر البيت الأبيض العديد من العاملين في مراكز الأبحاث بإمكانية رفع بعض «العقوبات المفروضة على النظام السوري»، بمناطق الشمال السوري بكامله، بحجة تحسين الظروف الإنسانية والاقتصادية للسكان في هذه المناطق.
هذه الخطوة دفعت 3 مشرعين جمهوريين في مجلس النواب بالكونغرس، إلى إصدار خطاب موجه إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يتساءلون فيه عن سبب هذه الخطوة التي قد تتخذها الإدارة؛ إذا صحت الأنباء المتداولة. وفي الرسالة التي حملت توقيع كل من: النائب جو ويلسون من ولاية ساوث كارولينا، والنائبة كلاوديا تيني من ولاية نيويورك، والنائب بات فالون من ولاية تكساس، تحذير من خطوة تخفيف العقوبات عن النظام السوري والمناطق التابعة له.
وأفادت الرسالة بأن «قانون قيصر» يسمح بالتعامل مع المساعدات الإنسانية والمنظمات الدولية، وأن أي خطوة إضافية قد تعرض الإدارة إلى مخالفة القانون، مضيفة: «لماذا تأتي هذه الخطوات التي تناقلت تسريباتها وسائل الإعلام، في الوقت الذي لم تحل فيه المشكلة السورية سياسياً؟ وكيف ستضمن الإدارة عندما تسمح للمناطق الشمالية السورية بالإعفاء من العقوبات، ألا يستغل النظام السوري هذا الأمر، ويصبح لديه وصول إلى العملات الأجنبية ويستفيد من ذلك، لذا يجب على الإدارة الأميركية الرد على هذه التساؤلات بشكل جدي».
بدورها؛ نفت وزارة الخارجية الأميركية التساهل والتهاون في فرض العقوبات على نظام بشار الأسد، وكذلك المناطق التابعة لسيطرته، مع التشديد على السير في العملية السياسية التي أقرها مجلس الأمن التابع للأمن المتحدة برقم «2254». وأوضح متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»، أن إدارة الرئيس جو بايدن تعارض أي جهود لإعادة الإعمار التي يقودها النظام السوري، وأنها لن تتراجع عن موقفها «الثابت» حيال هذه القضية، حتى يتم إحراز تقدم في العملية السياسية، مؤكداً عدم «رفع أي عقوبات أو تحقيق أي إعفاءات لبشار الأسد ونظامه».
إلا إن المتحدث؛ الذي رفض الإفصاح عن هويته، تجاهل الرد على التسريبات والمخاوف التشريعية من خطورة استغلال النظام السوري رفع العقوبات عن المناطق الواقعة تحت سيطرة «قسد» في الشمال الشرقي، والمعارضة المدعومة من تركيا في الشمال الغربي، مشدداً على أن الإدارة تدعم «المساعدة الإنسانية لسوريا عبر الوسائل كافة؛ بما في ذلك الآلية العابرة للحدود التي أذن بها مجلس الأمن، وسنواصل المناقشات مع جميع أعضاء المجلس حيال هذا الأمر، لكننا نعتقد اعتقاداً راسخاً أن الآلية العابرة للحدود لا تزال لا غنى عنها لضمان وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى السوريين المحتاجين لها».
في تعليق على هذه التطورات، يرى الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن بسام بربندي، أن «خطورة هذه الفكرة، لو صحت التسريبات، تكمن في أن البعض من مسؤولي الإدارة الأميركية ممن يتعاملون مع قضايا الشرق الأوسط، يعتقدون أنه لا حل للحروب في بلدان مثل سوريا واليمن، سوى الاعتراف بسلطة الأمر الواقع حتى لو كانت الإدارات في تلك المناطق تخضع لسلطة إرهابية، أو مرتبطة بجماعات إرهابية حسب التصنيف الدولي». ويعتقد بربندي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطورة هذه الفكرة التي يجري الترويج لها هي العمل على إيجاد قواسم اقتصادية مشتركة بين الأطراف المتصارعة في سوريا، حتى تصل في نهاية المطاف إلى حل سياسي يأخذ في الحسبان سلطات الأمر الواقع، ومصالحها حتى لو كانت غير شرعية، وهذا يعني تقسيماً اقتصادياً ثم سياسياً وجغرافياً. وهو قرار يتسق مع وصول الاتفاق النووي الغربي – الإيراني إلى نقطة النهاية السعيدة والأثمان الواجب دفعها لكل طرف ضمن هذا الاتفاق».
يذكر أن صحيفة «المونيتور» الأميركية، كانت أول من نشر عن الخطوة الأميركية المقبلة، والتي من المتوقع أن تعلن إدارة بايدن بموجبها عن إعفاء المناطق التي يسيطر عليها الأكراد والمعارضة في سوريا من العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأن الإعفاءات من «قانون قيصر» تهدف لحماية المدنيين السوريين، وأن تنازل «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية» عن جميع العقوبات للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، لن يشمل النفط والغاز.
المصدر: الشرق الأوسط