ثائر المحمد
يتحضر الجيش التركي في محافظة إدلب شمال غربي سوريا لإجراء تعديلات على توزع قواعده العسكرية في منطقة جبل الزاوية جنوبي المحافظة، واستبدال بعض القوات، في إطار خطة انتشار جديدة.
وعمل الجيش التركي منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب 5 آذار 2020 على تدعيم قواعده ونقاطه جنوبي إدلب، وتزويدها بالمعدات اللازمة للتصدي لأي هجمات محتملة، إذ تحتوي القواعد على دبابات ومدافع بعيدة المدى، وصواريخ مضادة للطائرات، ومنظومات دفاع جوي في بعضها، خاصة الرئيسية منها.
ويتوزع الجيش التركي على عدة قواعد عسكرية جنوب طريق “إم 4″، معظمها قرب خطوط التماس مع قوات النظام، وأحصى موقع تلفزيون سوريا في تقرير سابق تلك القواعد، وبلغ عددها 26، توزعت على كل من البارة وكنصفرة وتلة النبي أيوب، وشنان وسرجة وبليون، واحسم (نقطتان)، وفركيا، وتل معراتا، وقوقفين وترعان، ومعرزاف، ونحلة والرويحة، ومعترم، والنيرب، وكفرحايا، وأرنبة وقسطون، ومحمبل، وأبديتا، والزيادية، ومجدليا، ومعر طبعي.
طبيعة التحركات الجديدة
أفادت مصادر عسكرية لموقع تلفزيون سوريا بأن الجيش التركي قرر إفراغ عدد من القواعد العسكرية الفرعية في ريف إدلب الجنوبي المنتشرة في عمق جبل الزاوية، ودمجها مع القواعد الكبرى الرئيسية القريبة من خط التماس مع نظام الأسد.
وأشارت المصادر إلى أن القوات المنتشرة في القواعد تتبع لعدة ألوية تركية، لكن أنقرة قررت مؤخراً توحيد القوات والوحدات العسكرية في المنطقة من خلال إبقاء لواء واحد، وسحب بقية العناصر العاملين في ألوية أخرى، واستبدالهم بعناصر اللواء المكلف بالبقاء، ممن يوجدون في قواعد داخل الأراضي التركية.
وأضافت: “الهدف المعلوم لدى الفصائل من التحركات الجديدة، هو تعيين قائد واحد للقوات التركية جنوب الطريق الدولي M4، وربما يكون ذلك وفق ترتيبات سياسية بين موسكو وأنقرة غير واضحة الملامح حتى الآن”.
وتواصل موقع تلفزيون سوريا مع المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير للوقوف على أسباب الترتيبات الجديدة، على اعتبار أن فصائل الجبهة تُرافق القوات التركية في المنطقة، لكن المتحدث فضّل عدم التصريح عن الأمر في الوقت الحالي.
وأكدت المصادر أن الألوية الرديفة المشكّلة من فصائل المعارضة ما زالت تتلقى التدريبات على يد ضباط أتراك في القواعد العسكرية بإدلب، كما أن القوات نفسها تتشارك مع الجيش التركي في الانتشار داخل مختلف النقاط وحراستها.
ويومياً يتلقى أفراد الألوية الرديفة تدريبات عسكرية مع دروس رياضة، وغالباً ما يخضعون لمعسكرات مغلقة مدتها أسبوع، للحفاظ على اللياقة البدنية واكتساب المزيد من المهارات القتالية.
وتتألف الألوية من فصائل الجبهة الوطنية للتحرير، مثل فيلق الشام وجيش النصر، وأحرار الشام، وصقور الشام، وجيش النخبة، والفرقة الأولى مشاة، وجيش الأحرار.
ويتولى قائد عسكري من كل فصيل إدارة العناصر التابعين له والإشىراف على تدريباتهم داخل القواعد والتنسيق مع القوات التركية.
من جهته قال المرصد “أبو أمين 80” العامل في غرفة العمليات المركزية في إدلب، إن القوات التابعة للواء 51 في الجيش التركي، والموجودة في جبل الزاوية، ستنسحب باتجاه الحدود التركية العراقية، وتعويض النقص بقوات جديدة.
وأكد “أبو أمين” في حديث مع موقع تلفزيون سوريا أن الجيش التركي يعتزم دمج عدد من نقاطه في جبل الزاوية، وإخلاء نقاط فرعية نحو القواعد الضخمة الرئيسية، مرجحاً أن تبدأ هذه التغييرات في 29 آذار الجاري.
جدار دفاعي في جبل الزاوية
بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب عام 2020 شكّل الجيش التركي ما يشبه الجدار الدفاعي حول جبل الزاوية بوساطة نحو 25 قاعدة عسكرية مزودة بأسلحة نوعية، وأصبحت المنطقة معقلاً للقوات التركية، حيث زادت وتيرة التعزيزات نحو بلدات وقرى الجبل، تزامناً مع إنشاء نقاط على التلال الاستراتيجية الحاكمة، وقرب خطوط التماس مع قوات النظام على الأطراف الجنوبية والشرقية للجبل.
وتتمثل أهمية جبل الزاوية بموقعه الاستراتيجي، لكونه يعتبر صلة الوصل بين ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي الغربي، كما أنه يرصد مساحات واسعة في جميع الاتجاهات، فضلاً عن إشرافه على الطريقين الدوليين حلب – اللاذقية M4 وحلب – دمشق M5.
وسعت روسيا خلال حملتها العسكرية الأخيرة للسيطرة على الجبل، واستطاعت الوصول إلى مشارفه بعد السيطرة على مدينتي معرة النعمان وكفرنبل، إلا أن التدخل التركي في نهاية المطاف عرقل تقدم القوات الروسية، ودفع أنقرة وموسكو للاتفاق على وقف إطلاق النار بعد أن قُتل 33 جندياً تركياً بقصف جوي نفذته طائرات النظام على رتل عسكري في جبل الزاوية نهاية شهر شباط/فبراير 2020.
ويعكس الحشدُ التركي في جبل الزاوية، ونقلُ القواعد الواقعة في مناطق سيطرة النظام سابقاً نحو الجبل، إصرار أنقرة على البقاء في المنطقة، ورفض فكرة الانسحاب منها استجابة للطلبات الروسية والمقترحات التي قدمتها موسكو خلال الاجتماعات الثنائية، والمتمثلة بالانسحاب إلى شمال الطريق M4.
وقبل القمة الثنائية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بمدينة سوتشي في 29 أيلول/ سبتمبر 2021، ذكرت صحيفة “يني شفق” التركية أن الطرفين سيبحثان “خريطة الطريق” في إدلب، حيث ستتم مراجعة وضع نقاط المراقبة العسكرية التركية في إدلب، ومواقعها بما يتماشى مع التطورات الجديدة، وتقييم الحاجة لإعادة تنظيم النقاط بطريقة تكون أكثر تحصيناً وحماية أفضل لضمان الأمن، ومناقشة الحاجة إلى إحياء الدوريات التركية الروسية المشتركة ضد “التهديد المتزايد في المنطقة وتفعيل أنظمة المراقبة”.
وعقب القمة، قالت الرائدة في مستشارية الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الدفاع التركية بينار قره، إن تركيا تواصل الالتزام بالمسؤوليات المترتبة عليها في إطار التفاهمات المعنية بهدف ضمان الأمن والاستقرار وإدامة وقف إطلاق النار في إدلب، مشددة على عدم وجود أي تغيير بشأن نقاط المراقبة التركية وأنشطتها في المنطقة.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا