مجد السالم
في أثناء وجوده على سطح منزله، فوجئ حسين (33 عامًا)، اسم مستعار لأسباب أمنية، وهو من أبناء مدينة القامشلي، بدورية من “قوى الأمن الداخلي” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” تحاصره وتصعد إليه لتأخذه بالقوة، مع مصادرة هاتفه الخلوي.
الشاب الثلاثيني قال لعنب بلدي، إنه كان يجري اتصالًا عاديًا مع أحد الأقرباء من فوق سطح المنزل، نتيجة ضعف الشبكة، وبالقرب من المنزل كانت آليات الحفر التابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تجهز خندقًا يطوّق كامل الحي من الجهة الجنوبية والشرقية.
اتهمت “قسد” الشاب بأنه كان يصور موقع حفر الخندق من فوق منزله، “بقيت في الاعتقال مدة ثلاثة أيام، تعرضت خلالها للتحقيق والضرب المبرح والشتائم بشكل يومي، وقاموا بتفتيش هاتفي وتهديدي إذا كنت قد صورت أي شيء من الموقع”، وفق ما قاله الشاب عن تفاصيل اعتقاله.
أُطلق سراح حسين بعد تعهده بعدم الصعود إلى سطح منزله، هو أو أي من أفراد عائلته، حتى عند انتهاء عمليات حفر وتجهيز الخندق.
علي (50 عامًا)، اسم مستعار لأسباب أمنية، وهو من مدينة القامشلي، بقي في السجن مدة ثلاثة أشهر، بعد أن حاول الاعتراض على حفر خندق ضمن أرضه الزراعية.
وقال لعنب بلدي، “أضرّت الحفريات كثيرًا بالأراضي الزراعية الملاصقة لأطراف مدينة القامشلي الجنوبية، وسبّبت لي خسائر فادحة بعد أن جرفت أغلب طبقة التربة المزروعة بالقمح، وعندما حاولت الاعتراض وطالبت بتعويض مادي، داهمت منزلي دورية من (قوى الأمن الداخلي) التابعة لـ(الإدارة الذاتية)، واعتقلتني. بقيت في السجن مدة ثلاثة أشهر، ثم خرجت دون أن أحصل على شيء”.
وبحسب ما علمته عنب بلدي من سكان المدينة، فإنه خلال نيسان الحالي، زادت وتيرة حفر الخنادق بشكل كبير في الأحياء الجنوبية والشرقية من مدينة القامشلي، مثل حيي المحطة والسريان اللذين جرى عزلهما بالخنادق والسواتر الترابية والقطع الأسمنتية الضخمة.
سكان حي الثورة في مدينة القامشلي اشتكوا لعنب بلدي من تضرر الطريق الواصل بين الحي وبقية أحياء المدينة، وتزامن حفريات الأنفاق مع الهطولات المطرية الأخيرة، وانتشار الطين في جميع أنحاء الحي، وعدم إعادة إصلاح الرصيف، وعدم نقل مخلّفات الحفر خارج الحي، وتخوفوا من تضرر أساسات الأبنية الملاصقة للخنادق.
سعيد (39 عامًا) من ريف القامشلي الجنوبي، وهو اسم مستعار لأسباب أمنية، يعمل في حفر الخنادق منذ نحو ثلاث سنوات، أوضح لعنب بلدي أن الشركة المسؤولة عن عمليات الحفر وصب الخنادق هي شركة “زغروس” التابعة لـ”قسد”.
وتقوم هذه الشركة إلى جانب عمليات الإنشاءات الهندسية العسكرية بتصميم وتصنيع الغرف المسبقة الصنع (الكرفانات) التي توزع على نقاط “قسد” العسكرية، وكذلك تقوم ببعض عمليات ترميم البنية التحتية في المنطقة، كتزفيت الطرقات، وتجهيز الجسور الصغيرة والعبّارات.
وأضاف أن أغلب العاملين يتقاضون أجرة يومية بين 15 ألفًا و20 ألف ليرة سورية، في حين تتكفل الشركة بتقديم الآليات والمعدات الثقيلة والأسمنت والحديد، وأن معظم العاملين هم من ريف القامشلي الجنوبي يعملون من الساعة الثامنة صباحًا حتى السادسة مساء، دون أن يكون هناك أي تعويضات أو تأمين ضد الحوادث التي قد يتعرض لها العمال في أثناء عمليات الحفر.
وبرأي عدد من السكان الذين قابلهم مراسل عنب بلدي في المنطقة، فإن ملايين الدولارات التي يتم هدرها في الأنفاق “ليس لها فائدة عسكرية”، مستشهدين بالذي حدث خلال سيطرة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا على مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض.
وقال بعضهم، إنه يجب صرف هذه الأموال على تحسين البنية التحتية المتردية والمتهالكة في المنطقة، خصوصًا ما يتعلق بالطرقات والجسور وبناء المنشآت الخدمية، أو تخصيص هذه الأموال في دعم أسعار السلع الغذائية الأساسية كالسكر والزيت والبرغل والأرز ورغيف الخبز، التي شهدت في الفترة الأخيرة ارتفاعًا كبيرًا في أسعارها.
المصدر: عنب بلدي