تذرع بوتين في بداية غزوه لأوكرانيا بأن عضوية كييف المحتملة في حلف شمال الأطلسي، نيتو” أحد الأسباب الرئيسية للحرب، ورغم اقتراح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، التخلي عن هذه الفكرة، يواصل الجيش الروسي غزوه لأوكرانيا.
مع ذلك، يرى محللون في تصريحات لموقع “الحرة” أن الحرب الروسية على أوكرانيا حققت نتائج عكسية في ما يتعلق بتوسع حلف الناتو، إذ عززت الشعور بالتهديدات الروسية، ودفعت بدول مثل فنلندا والسويد إلى إعلان رغبتها بالانضمام للناتو.
ومن المقرر عقد قمة لحلف شمال الأطلسي يومي 29 و30 يونيو في مدريد، ويتوقع إعلان ترشيح فنلندا بحلول ذلك الوقت، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أعاد الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، التأكيد في أكثر من مناسبة على أن الباب مفتوح لهذين البلدين من الشمال الأوروبي اللذين تقربا أكثر من الحلف منذ انتهاء الحرب الباردة.
وأعلنت رئيسة الوزراء الفنلندية، سانا مارين، الأربعاء، أن فنلندا ستتخذ “خلال أسابيع قليلة” قرارها بشأن تقديم طلب لانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقالت مارين خلال زيارة لنظيرتها السويدية ماغدالينا أندرسون التي لا تستبعد بلادها أيضا الانضمام إلى التحالف العسكري الغربي “أظن أن ذلك سيحدث بسرعة كبيرة. في غضون أسابيع وليس أشهر”.
توحيد الغرب بدلا من ردع التوسع
أستاذ العلاقات الدولية ورئيس معهد غلوبال بوليسي في واشنطن باولو فان شيراك أوضح أن “المخاوف القوية بسبب العدوان الروسي على أوكرانيا” دفعت بالدول الأوروبية الموالية للغرب وحتى المحايدة منها “للنظر بجدية في الحصول على عضوية الناتو”، مثل فنلندا والسويد.
ويرجح فان شيراك، في رد على استفسارات “الحرة”، أن حلف الناتو “سيوافق على طلبات هذه الدول بسرعة، خاصة وأن هذه الدول مهمة في شمال أوروبا، حيث تتمتع فنلندا بحدود طويلة مع روسيا، والسويد على مسافة قريبة منها”.
من جانبه يؤكد الأستاذ في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، والكاتب السياسي حسن منيمنة، أن “بوتين خسر هدف ردع توسع الناتو في أوروبا، وأنه اصطدم مع نتائج غير محسوبة، أبرزها قدرة أوكرانيا على الصمود”.
ويرى في حديث لموقع “الحرة” أن ما وصلت إليه الحرب الروسية على أوكرانيا تسببت في أمرين “الأول، أن الدول الأوروبية التي ليست ضمن حلف الناتو أصبحت أولوياتها حماية نفسها من التهديد الروسي، والثاني، أن القوة الروسية تعتبر خطرا قائما ولكن يمكن مقاومتها”.
وتشير الباحثة السياسية في معهد واشنطن، آنا بورشفسكايا في حديث لموقع “الحرة” إلى أن “الحرب الروسية استطاعت توحيد الغرب ضد بوتين، والسؤال هل يمكن أن يبقى الغرب متحدا على المدى الطويل؟ وهذا ما سيعتمد على مدى قدرة الغرب على الصبر وانتظار نتائج حملات الضغط على موسكو”.
وأضافت أنه حتى الآن بوتين لم يخسر الحرب كلها، ولكن “خططه في الإطاحة بكييف خلال أيام معدودة فشلت، وهذا كان خطأ كبيرا في إجراء الحسابات، لكنه مستمر في محاولة تدمير وتفكيك أوكرانيا”.
وتلفت إلى أنه رغم التوحيد بين وجهات النظر في الدول الغربية تجاه أوكرانيا، لا يوجد “اتفاق حول سبل مساعدة كييف”.
ووفق تحليل نشرته شبكة “سي أن أن”، فإن تصرفات بوتين “وحدت الغرب ضد موسكو بطريقة لا يمكن تصورها”، فيما حذر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الاثنين، من أن “أي توسيع لحلف الناتو لن يجلب مزيدا من الاستقرار إلى أوروبا”.
وقال بيسكوف “قلنا مرارا وتكرارا أن الحلف نفسه هو أكثر من مجرد أداة للمواجهة. هذا ليس تحالفا يوفر السلام والاستقرار، ولن يؤدي توسيع الحلف بالطبع إلى مزيد من الاستقرار في القارة الأوروبية”.
ماذا سيعني الانضمام للناتو؟
وأعلن الاشتراكيون-الديمقراطيون في السويد الاثنين عن إطلاق مشاورات داخلية، في حين أن حزب “ديمقراطيي السويد” اليميني المتطرف قرر للمرة الأولى دعم ترشيح البلد لعضوية الناتو، في حال خاضت فنلندا هذا المسار.
ويؤكد شيراك أنه في حال انضمام فنلندا والسويد للناتو فإن هذا “سيعقد التخطيط الدفاعي لروسيا”، الأمر الذي يعني “أن هدف بوتين بدفع الناتو بعيدا عن الأراضي الروسية قد فشل”.
وأشار إلى أن فكرة انضمام أوكرانيا لحلف الناتو شكلت هاجسا لبوتين خلال الفترة الماضية، رغم أنها لم تعد قضية مطروحة على الطاولة خاصة مع اندلاع الحرب.
وأضاف شيراك أن بوتين “يتخوف من وجود دولة في حلف شمال على الإطلسي على الحدود الروسية، قد تشكل تهديدا حقيقيا لأمن روسيا”.
ونشرت الحكومة الفنلندية الأربعاء تقريرا محوريا حول وضعها الاستراتيجي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويشدد النص على حقيقة أن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي فقط هي من يستفيد من مظلة الدفاع الجماعي للمادة الخامسة من معاهدة الناتو، مضيفا أن من شأن الانضمام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يضم 30 بلدا، أن يوفر رادعا “أكبر بكثير” ضد أي هجوم على فنلندا.
وأكد الكاتب منيمنة أن الحرب الروسية، دفعت بعض الدول التي كانت تلتزم الحياد مثل فنلندا والسويد لتصبحا أكثر رغبة في الانضمام تحت المظلة الدفاعية للناتو، موضحا أن هذه الرغبة طالت دولا كانت ضمن مظلة الاتحاد السوفيتي، مثل مولدافيا، وجورجيا، خاصة وأن لديهم مشاكل داخلية بوجود مناطق انفصالية، وهو ما قد تستغله موسكو لشن حروب عليهم.
ويشرح روبرت دالسيو مدير الأبحاث في الوكالة السويدية للأبحاث الدفاعية لوكالة فرانس برس أن “المسار يجري في فنلندا بطريقة محددة جدا، لذا أظن أنهم سيمضون قدما ويتخذون قرارا بحلول موعد قمة الناتو في يونيو. وهل ستسير السويد على هذا المنوال؟ هو أمر محتمل لكن ليس أكيدا”.
ويتوقع روبرت دالسيو أن “تحدث روسيا ضجة وتعرب عن استيائها وتتوعد”، مستبعدا أن “تنحو الأمور منحى عنيفا. لكن نظرا إلى موقف بوتين راهنا، كل شيء وارد”.
ونقلت وكالة رويترز عن رئيس اللجنة العسكرية لحلف الناتو، روب باور قوله “إن الحلف لم يستبعد إضافة أعضاء جدد، والأمر متروك في النهاية لفنلندا والسويد لتقرير ما إذا كانا يريدان الانضمام.. فهو قرار سيادي لأي دولة تريد الانضمام إلى الناتو للتقدم بطلب العضوية.. وهو ما لم يحدث حتى الآن.. نحن لا نجبر أحدا على الانضمام للناتو”.
المصدر: الحرة. نت