سعيد أبو معلا
ردا على دعوات “منظمة الهيكل الاستيطانية” لشعب إسرائيل للتوافد يوم غد الخميس للاحتفال بيوم “استقلال إسرائيل” الـ74 في باحات المسجد الأقصى بعد إغلاقه أمام اليهود على مدار الأسبوعين الماضيين تصاعدت الدعوات الفلسطينية لحمايته والرباط في ساحاته.
وانطلقت دعوات الحشد الفلسطيني تحت شعار “لا تتركوه وحيدا بعد رمضان” حيث انتشر الملصق الذي يتضمن تلك الدعوة على شبكات التواصل الاجتماعي ردا على ملصق جماعات الهيكل التي حددت أوقات الاقتحام بفترتين صباحية ومسائية.
وتضمن ملصق الجماعات الاستيطانية صورة لطفلين فلسطينيين يلعبان كرة القدم مقابل قبة الصخرة للتأكيد على ما يراه المستوطنون تدنيسا للأقصى.
وفي مقابل دعوات التحريض المستمرة على شبكات التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها المستوطنون فإن عضو الكنيست اليميني عميحاي شيكلي طالب بإبعاد ثلاثة قادة فلسطينيين إلى قطاع غزة، وهم: الشيخ عكرمة صبري، الشيخ رائد صلاح، والشيخ كمال الخطيب.
جاء ذلك بعد دعوة أحد المستوطنين إلى اغتيال شيخ الأقصى عكرمة صبري.
تصاعد دعوات الرباط في الأقصى: “لا تتركوه وحيدا بعد رمضان”
وتصاعدت الدعوات الفلسطينية لشد الرحال إلى الأقصى والتصدي لمخططات المستوطنين مع منع رفع أذان العشاء في الأقصى وهو الأمر الذي اعتبر تعديا خطيرا على حرمة وقدسية المسجد.
وكانت شرطة الاحتلال قررت يوم أمس السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى بدءا من يوم غد الخميس الذي يوافق ذكرى احتلال فلسطين عام 1948، وهو قرار جاء بعد منع استمر 12 يوما، شمل الأيام الأخيرة من شهر رمضان وعيد الفطر.
أهمية التصدي الشعبي
وأثار رفع علم فلسطين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان استياءً كبيرا لدى المستوطنين، خاصة العلم الذي بقي لعدة أيام على قبة الصخرة المشرفة.
يشار إلى أن الفلسطينيين المرابطين والمعتكفين في المسجد الأقصى في رمضان أفشلوا مخطط جماعات “الهيكل” في إدخال قرابين عيد “الفصح” العبري إليه وذبحها ونثر دمها في باحاته.
وحسب الباحث زياد ابحيص فإن حكومة الاحتلال ستحاول توظيف الاقتحامات للتأكيد على أنها هي من يقرر متى وكيف يفتح باب الاقتحامات بناء على “ممارسة سيادية” وليس إملاء من أحد. وأضاف: “كما أغلقت هي باب الاقتحامات في العشر الأواخر من رمضان بعد انقضاء الفصح العبري فهي من تقرر استئنافه في الذكرى العبرية لقيام الكيان الصهيوني”.
ويرى بحيص إنه من المتوقع انطلاقا من ذلك أن تستعرض قوات الاحتلال حضورها وهيمنتها في المسجد الأقصى ومحيطه مع تراجع المد البشري ما بعد رمضان إلا إذا استجدت في المشهد مفاجأة تفرض عليها إعادة تقييم جدوى الاقتحام”.
وتابع بحيص أن جماعات المعبد اليهودية ستنظر للاقتحام المعلن بصفته “اقتحاما تعويضيا” عن اقتحامات الفصح العبري التي تمكن المرابطون من التشويش عليها وجرها للحد الأدنى من العدد والطقوس.
وعن المتوقع خلال فترة الاقتحامات قال الباحث ابحيص سنرى محاولة رفع العلم الإسرائيلي في الأقصى عدة مرات، وارتداء ملابس بشعارات قومية؛ وباعتبار هذه المناسبة ذات طابع قومي وليس لها طقوس محددة فسيحاولون أداء الصلوات اليومية بشكل جماعي وعلني.
ويرى ابحيص أنه رغم التسخين الإعلامي في التصريحات إلا أن الميدان الشعبي بعد رمضان والعيد يتوقع أن يتراجع بطبيعة الحال، وما لم يكن هناك تدخل من المقاومة بأشكالها المختلفة.
وختم قائلا: “من المتوقع أن يكون التصدي الشعبي للاقتحامات محدودا مع احتمال ظهور مبادرات فردية. وإن صحت هذه القراءة فإن هذا يستدعي الاقتراب أكثر من حالة الرباط الشعبي وحركيتها لتقدير طبيعة المشهد”.
وحذرت رابطة علماء فلسطين من خطورة استمرار اعتداءات الاحتلال على حرمة المسجد الأقصى، في ظل السماح للمستوطنين باستئناف اقتحامه.
وقالت في بيان صحافي: “لقد تابعنا الأخبار التي وردت حول منع قوات الاحتلال رفع أذان العشاء من مآذن المسجد الأقصى المبارك بحجة عدم التشويش على المسؤولين الذين يشاركون في الاحتفال بالذكرى العبرية لتأسيس كيانهم الهش في ساحة البراق”. وأكد البيان: “هذه التصرفات إضافة إلى المضايقات المستمرة والممنهجة بحق خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري، تُمثل استفزازا مرفوضا لشعبنا ولأمتنا، واستمرارا لمحاولات الاحتلال الصهيوني تكريس سيادته على مدينة القدس والمسجد الأقصى”.
وشددت الرابطة على أن “مخططات الصهاينة بمحاولة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى لن تمر بإذن الله، مهما كلف ذلك من ثمن، فشعبنا لن يسكت على انتهاك حرمة مقدساته”.
ودعت الرابطة الشعب الفلسطيني في القدس والداخل المحتل والضفة الغربية إلى شد الرحال والرباط في باحات المسجد الأقصى لحماية الأقصى وإفشال محاولات المستوطنين باقتحامه بأعداد كبيرة.
كما دعت في بيانها علماء الأمة ودعاتها وأحرارها وكتابها وإعلاميها لمضاعفة جهودهم المبذولة لنصرة المسجد الأقصى الذي يتعرض لاعتداءات الاحتلال صباحا ومساءً، وتوضيح هذه الاعتداءات للعالم.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إن رفع العلم وغناء النشيد الإسرائيلي في الحرم الشريف تحد صارخ لمشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين. وأضاف، في تغريدة على تويتر، أمس، أن تهديد المستوطنين بذلك هو استمرار لحملات متطرفة عنصرية تسعى لتكريس التقسيم في الحرم الشريف، وإشعال حرب وطنية دينية في المنطقة.
وأدانت حركة الجـهـاد الإسـلامي منع رفع أذان العشاء في المسجد الأقصى المبارك، واعتبرته تجاوزا خطيرا للخطوط الحمراء، يستوجب تحركا ضد هذه السياسة الإجرامية.
وقال المتحدث باسم الجهاد الإسلامي طارق عز الدين في تصريحٍ صحافي، اليوم الأربعاء، إن “منع رفع أذان العشاء في المسجد الأقصى المبارك تعدٍ صارخ على الشعائر الدينية للمسلمين، ويعتبر تجاوزا خطيرا للخطوط الحمراء”.
وأكد أن استمرار الاحتلال بانتهاكاته الإرهابية بحق المقدسات الإسلامية، يعد استفزازا لمشاعر الفلسطينيين والمسلمين. ودعا جماهير شعبنا الفلسطيني في القدس والداخل المحتل، بضرورة شد الرحال والرباط في المسجد الأقصى، والتصدي لاعتداءات وتهديدات الاحتلال وقطعان المستوطنين. وأضاف: “لن نتوانى عن القيام بواجبنا المقدس في الدفاع عن مقدساتنا وشعبنا وأرضنا، بكل الطرق والوسائل، حتى دحر الاحتلال وتحرير فلسطين”.
وأكدت حركة حماس في بيان لها أن “إقدام سلطات الاحتلال على منع رفع أذان صلاة العشاء في المسجد الأقصى المبارك، هو تعد وانتهاك خطير لحرمة المسجد، وإمعان في استفزاز مشاعر شعبنا الفلسطيني والمسلمين كافة”.
وتابعت: “تتحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الجريمة التي تؤكد مجددا إصرار الاحتلال على المضي قدما في سياسة التصعيد والتهويد وقمع الحريات الدينية، الأمر الذي سيواجهه شعبنا الفلسطيني بكل قوة، ولن يسمح بتمريره”.
اعتداء صارخ
وقال قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش إن تهديد المستوطنين الإرهابيين برفع علم دولة الاحتلال وغناء “النشيد الوطني الإسرائيلي” في باحات المسجد الأقصى في ذكرى نكبة فلسطين هو اعتداء صارخ على مقدسات المسلمين ودينهم، ونكبة جديدة تنفذها دولة الاحتلال بحق مقدساتنا وديننا ووطننا.
وأضاف، في بيان صحافي، إن دولة الاحتلال ومن خلال أعلى المستويات السياسية والقضائية والأمنية توفر الدعم الكامل لمجموعات المتطرفين والمستوطنين والجماعات الدينية لاقتحام المسجد الاقصى وتشارك فيها من خلال أعضاء الكنيست والوزراء، وهي شريك أساسي في هذه الجرائم، وتمارس إرهاب دولة منظما بحق مقدساتنا وشعبنا.
وأكد الهباش ان “سياسات الاحتلال ستقود لإشعال الحرب الدينية في المدينة المقدسة بسبب محاولات فرض معادلات جديدة على أرض الواقع، مثل التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وصولاَ الى تهويد المدينة وطرد سكانها الأصليين وأصحاب الحق فيها واستبدالهم بالغرباء وشذاذ الآفاق والمجرمين اللصوص، مشيرا الى أن نتيجة هذه الحرب ستضع دولة الاحتلال في مواجهة العالم الإسلامي والمسلمين في كل مكان على وجه الكرة الأرضية، وان دولة الاحتلال تلعب بالنار وستكتوي بها إن مس المسجد الأقصى أي مكروه”.
وطالب وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني حاتم البكري أبناء الشعب الفلسطيني خاصة، وأبناء العالمين العربي والإسلامي عامة أن يكثفوا زياراتهم للمسجد الأقصى، وأن يؤكدوا مرابطتهم وتواجدهم فيه على مدار الساعة ليحولوا دون السيطرة عليه وتقسيمه زمانيا ومكانيا.
المصدر: “القدس العربي”