سونيا العلي
اضطرت سماح العبد الله(31 عاماً)النازحة من مدينة معرة النعمان إلى مخيم بلدة حزانو بريف إدلب الشمالي، لبيع السلة الإغاثية التي حصلت عليها من إحدى الجمعيات الخيرية لشراء لوازم إعداد كعك العيد لأطفالها الأربعة، وعن ذلك تقول: “يعود عيد الفطر علينا وسط مآسي التهجير وأزمات النزوح، ولكنني أحاول أن أبث الفرحة في نفوس أطفالي رغم ظروف الحياة الصعبة التي تحاصرنا في هذه المخيمات .”
وتبين أن زوجها مصاب بالحرب وعاطل عن العمل، لذا تعتمد في تأمين نفقات المنزل على عملها المتقطع ضمن الورشات الزراعية.
وتلفت العبد الله أن إدلب تشتهر بمجموعة من الحلويات والمعجنات الخاصة بالعيد، منها الغريبة والبرازق والمعمول، ولكن هذه الأنواع تقتصر على ميسوري الحال، وليست في متناول الفقراء الذين لا يملكون كلفتها بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية من زيت وسمن وطحين، إلى جانب ارتفاع سعر أسطوانة الغاز .
وتتذكر العبد الله لمة الأهل والجيران أثناء صناعة الكعك والمعمول قبل النزوح فتقول: “كنا نذهب يومياً في الأيام الأخيرة من شهر رمضان إلى منزل إحدى الجارات أو القريبات، نتساعد ونتسامر أثناء العمل حتى ننتهي من إعداد الكعك وسط أجواء من الفرح والتفاؤل . وتشير أنها تتطلع إلى عيد، تعود فيه إلى بيتها وتنتهي معاناة النزوح ومصاعبها.
يحل العيد على العوائل السورية في مخيمات شمال غرب سورية، في ظل غلاء المعيشة وآلام النزوح وفراق الأهل، وظروف الحرب القاسية التي فرضت تهجيرهم من قراهم ومدنهم، في وقت تفرق شمل عائلات كثيرة، وفقدت أخرى السند والمعيل.
خديجة الضعيف(35 عاماً) نازحة من ريف مدينة سراقب إلى مخيم في بلدة كللي بريف إدلب الشمالي، لم تتمكن من تحضير الحلويات الخاصة بالعيد هذا العام، وعن سبب ذلك تقول: “يرتبط العيد لدينا بطقوس وأجواء خاصة منها ملابس العيد والحلويات، ولكن الفقر وغلاء الأسعار وقلة فرص العمل حرم أولادي من الفرحة والسعادة هذا العيد .”
وتلفت أنها فقدت زوجها منذ ثلاث سنوات، ويضطر ولدها البالغ من العمر 16 عاماً للعمل في العتالة مقابل 30 ليرة تركية يومياً، وهو مبلغ زهيد مقارنة بالغلاء وارتفاع الأسعار وصعوبة تأمين المصاريف اليومية .
وتلفت أنها تحزن حين تشاهد نظرات القهر والحرمان في عيون أطفالها، ولكن “ليس باليد حيلة” بحسب قولها .
كما حرم ارتفاع أسعار الألبسة الكثير من النازحين في إدلب من شراء الملابس لأولادهم وسط غياب الرقابة وتحكم التجار بالأسعار.
أحمد الشحود(42 عاماً) النازح من بلدة تلمنس إلى مخيم في مدينة أطمة الحدودية مع تركيا، لم يشتر ملابس العيد لأولاده الخمسة، وعن سبب ذلك يقول: “أحتاج لمبلغ 150 دولار أمريكي كحد أدنى لشراء ملابس العيد لأولادي، وهو مبلغ لم أتمكن من تأمينه، علماً أن أسعار الملابس ارتفعت بنسبة 100% عن موسم العيد السابق .”
ويلفت الشحود أن غلاء المعيشة والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، بعد انخفاض غير مسبوق في سعر الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي، صعب حياتهم أكثر وجعل الفرحة بقدوم العيد غير ممكنة.
من جانبه وليد المصطفى (46 عاماً) مدير مخيم في بلدة كفرعروق يتحدث لإشراق عن معاناة النازحين في المخيمات بالقول: “معظم العائلات في المخيمات لايملكون المال لشراء حاجيات العيد، لذلك اقتصر الأمر على شراء بعض أنواع الحلويات البسيطة، وفي أفضل الأحوال قطعة ملابس لأطفالهم بهدف إسعادهم صباح العيد .”
أما الأسواق فتتوفر فيها جميع البضائع إلا أن الحركة الشرائية ضعيفة بسبب عدم توفر المال عند الأهالي، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار وتفاوتها من بائع لآخر، وضعف القدرة الشرائية، وعجز الكثير من العائلات عن شراء الملابس لأطفالها.
ويشير أن أجواء العيد تقتصر على أداء الصلاة وزيارة من تبقى من الأهل، بعد تشتت أفراد الأسرة الواحدة بين المخيمات ودول اللجوء. ويختم حديثه بالقول: “يتحقق عيد النازحين في المخيمات، بالعودة إلى منازلهم وقراهم التي نزحوا منها.”
المصدر: اشراق