شادي عاكوم
أذعن الاتحاد الأوروبي لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، مع امتناع التكتل عن فرض عقوبات على رأس الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا البطريرك كيريل، ضمن الحزمة السادسة من العقوبات على روسيا التي تم إقرارها مساء الإثنين. وكرس أوربان عدم اهتمامه بالوحدة الأوروبية واستخدامه للفيتو، مستغلاً حقيقة أن العقوبات تتطلب إجماع الدول الـ27 في التكتل، وهذا ما أغاظ باقي الشركاء الأوروبيين، حيث برزت مطالبات بسحب حق التصويت من المجر، سيما وأن زعيمها بات يشبه بوتين في العديد من معتقداته الأساسية، وكأنه رجل روسيا في بروكسل.
وفي هذا السياق، بينت شبكة “إن تي في” الإخبارية، الخميس، أن المؤرخين باتوا يعتبرون أن كل شيء يفعله أوربان تقريباً فيما يتعلق بممارسة السلطة في المجر، يحمل طابع “صنع في روسيا”، ومن ذلك إلغاء وسائل الإعلام المستقلة، والضغط على المنظمات المدنية المعترضة على سياسته، وغير ذلك من قضم للحقوق الأساسية. وفي ذلك خدمة لبوتين، الذي يحاول أن يجعل الأوتوقراطية هي القاعدة في أوروبا، وفق ما قال نائب المفوض الأوروبي فرانس تيمرمانس، في لقاء مع شبكة “إيه أر دي” الإخبارية.
وفي سياق متصل، بينت “تاغس شبيغل” أن أوربان نسف الوحدة ضد حرب بوتين على أوكرانيا، وعلى الاتحاد إيجاد أساليب لفرض العمل الجماعي على مثيري الشغب، الذين يستخدمون الرغبة في الوحدة كشكل من إشكال الابتزاز المتعمد، الهادف لتحقيق مآرب خاصة، وبرهنت عن أنانية مقابل صبر مذهل للشركاء الأوروبيين في التعامل مع المجر، بعد أن خلق رئيس وزرائها المحتقر للديمقراطية، علاقة وثيقة مع بوتين، الذي زوده بمشتقات الطاقة بأسعار رخيصة.
من جهتها، اقترحت نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، كاترينا بارلي، في مقابلة مع “إم دي أر” مساء الخميس، حرمان بودابست من هذا الحق لسبب الابتزاز وسوء المعاملة، موضحة بأنه يمكن تعليق حقوق التصويت لأي بلد ينتهك سيادة القانون الأوروبي، وبخاصة مع المجر، حيث لم يعد بإمكان المرء الحديث عن شروط الديمقراطية فيها، بعد أن وضع أوربان البلد بين يديه تماماً شيئاً فشيئاً”.
وأمام الأزمات المتلاحقة بين المجري أوربان والاتحاد الاوروبي؛ يبدو أن سياسة شد الحبال والعلاقة المضطربة آخذة في التصاعد بين الجانبين، سيما وأنه ومع الانتهاكات المستمرة لسيادة القانون في بودابست؛ تمضي المفوضية الأوروبية في توجهاتها التي تم العمل بها منذ مطلع العام 20221، حيث تقوم بقطع أموال الاتحاد الأوروبي عن المجر. وكل ذلك من أجل ردع أوربان، وضمان عودة سيادة القانون وفصل السلطات في بلاده. مع العلم، أن محكمة العدل الأوروبية رفضت الدعاوى القضائية المقدمة من قبل المجر.
وفي خضم ذلك، بينت “هاندلسبلات” أنه يجب على الاتحاد الأوروبي ألا يدع أوربان يتسبب ببطء نشاطه بعد الآن، وذلك بعد أن عرقل الاتفاق ضد روسيا، داعية الاتحاد إلى استخلاص العواقب، وأن الإجماع التام على القرارات ليس ضرورياً، وسيكون من العار تقييد التكتل مع السماح لشعبوي واحد بإيقاف السياسة الأوروبية ضد روسيا.
وفي غضون ذلك، نقلت شبكة “إن تي في”، عن دبلوماسيين في بروكسل، أن سياسة الحصار التي يفرضها أوربان قد تكون لها عواقب وخيمة على بلاده، وأنه ليس من المستحيل أن يتخلى الحلفاء السابقون عنه، مثل دول مجموعة فيشغراد (التشيك، المجر، بولندا، سلوفاكيا)، الأمر الذي قد يتيح تطبيق المادة 7، التي تسمح بسحب حق التصويت من المجر على قرارات الاتحاد الأوروبي، وعندها لن تكون قادرة على عرقلة مخططات التكتل الأوروبي.
من جهة ثانية، بينت تحليلات صحفية أن إمكانات المجر بتحمل العزلة ضعيفة، وستستسلم قريباً، لأن البلاد تعتمد بشكل أساسي على التمويل الأوروبي.
وتجدر الإشارة إلى أن البطريرك الروسي كيريل يظهر كداعية لحرب بوتين، وقد أعلن دعمه لاجتياح أوكرانيا، مبيناً إخلاصه الكامل لبوتين. ووفق “إن تي في”، فقد دعا كيريل مواطنيه للوحدة والقتال ضد الأعداء في الداخل والخارج، وضد قوى الشر التي عارضت الوحدة التاريخية بين روسيا وأوكرانيا. حتى أن تعليقاته دفعت البابا فرنسيس لتوبيخه، حيث قال له في مكالمة هاتفية خلال مارس/آذار الماضي، إن رجال الدين بحاجة لاستخدام لغة يسوع، وليس لغة السياسة. وأتبع ذلك بإلغاء اجتماع كان مقرراً مع كيريل خلال يونيو/حزيران الحالي في القدس المحتلة.
المصدر: العربي الجديد