خليل موسى
يشكل الفلسطينيون أغلبية داخل مناطق سيطرة تل أبيب مع نضوب الخزان البشري اليهودي في العالم. لم تغب قضية الديموغرافيا يوماً عن أذهان النخب السياسية الإسرائيلية، فمنذ تأسيس دولة إسرائيل قبل 74 عاماً بقي همّ الإسرائيليين هو تحقيق أغلبية عددية لليهود في إسرائيل.
ولأن إسرائيل ترفض السماح بإقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967، بما يشمل الضفة الغربية وضمنها القدس وقطاع غزة، فإن تل أبيب تتحكم بأكثر من سبعة ملايين فلسطيني يعيشون في المنطقة بين البحر المتوسط ونهر الأردن.
العودة للمربع الأول
وبلغ عدد الفلسطينيين مع نهاية العام 2021 نحو 14 مليوناً، 5.3 مليون فـي دولة فلسطين و3.2 مليون في الضفة الغربية و2.1 مليون في قطاع غزة، إضافة إلى نحو 1.7 مليون فلسطيني داخل إسرائيل، ونحو 7 ملايين في الشتات.
وفي المقابل كشف مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن عدد السكان الإسرائيليين قبل شهر بلغ 9.506 مليون نسمة، بينهم سبعة ملايين يهودي ومليونا فلسطيني.
“المشروع الإسرائيلي الوحيد هو الحكم الذاتي، فإسرائيل لا تريد أي نوع من الحلول، لا حل الدولتين ولا حل الدولة الواحدة”، هكذا يقول رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، مضيفاً أن “تآكل حل الدولتين سيجبر الفلسطينيين على العودة للمربع الأول، وعندئذ تصبح هناك قيادة واحدة للشعب الفلسطيني من البحر للنهر”.
وأشار أشتية إلى أن إسرائيل “ستموت ديموغرافياً لأن الخزان البشري اليهودي في العالم قد نضب”، مضيفاً أن “الصراع على فلسطين سينتهي بالضربات المتتالية، والديموغرافيا عنصر مهم فيه”.
وجزم أشتية بأن إسرائيل “لن تكون دولة ديمقراطية ولن تكون يهودية”، مشيراً إلى أن الأمور “ذاهبة باتجاه النموذج الجنوب أفريقي، بحيث تكون أقلية يهودية تحكم أغلبية عربية في فلسطين التاريخية”.
ويذهب المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إلى أن ذلك الوضع يجعل إسرائيل في “مأزق لا تعرف كيف ستخرج منه، فهناك اليوم عدد أكبر من العرب مقارنة باليهود بين البحر المتوسط ونهر الأردن”.
وأشار موريس إلى أن الأمور تذهب باتجاه “دولة واحدة ذات أغلبية عربية، وهو وضع نحكم بموجبه شعباً من دون حقوق، وهذا وضع لن يسود في القرن الـ 21”.
ويرى نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة “كارنيغي” مروان المعشر، أن الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ورفض الإسرائيليين إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على “حدود 67″ يجعل حل الدولتين في حكم المستحيل”.
لكن المعشر أشار في حوار مع “اندبندنت عربية” إلى “صعوبة بقاء الوضع الحالي، مع تنامي الاعتراف الدولي بإسرائيل دولة فصل عنصري”، مضيفاً أن ذلك يضعها في “مأزق حقيقي ستحاول الخروج منه بترحيل الفلسطينيين في الضفة الغربية أو نقل المسؤولية عنهم إلى الأردن”.
وشدد المعشر الذي تولى سابقاً وزارة الخارجية الأردنية إلى وجود “رفض فلسطيني – أردني كامل لذلك السيناريو”، مشيراً إلى أن “صمود الفلسطينيين على أرضهم يشكل رأس حربة ضد المشاريع الإسرائيلية العنصرية”.
البشر في مقابل السلاح
وأوضح المعشر أن “ما عجر الفلسطينيون عن تحقيقيه بالسلاح والدبلوماسية سيتم من طريق الغالبية العددية المتزايدة”، مشيراً إلى أن “رفض الفلسطينيين للتهجير من أراضيهم سيؤدي إلى تفوق عددهم على اليهود، ومطالبتهم بحقوق سياسية ومدنية متساوية مع اليهود”، مضيفاً أن ذلك يحتاج إلى “نضال ونفس طويل حتى يتمكنوا من انتزاع حقوقهم”.
وقال المعشر إن إسرائيل بانسحابها من قطاع غزة عام 2005 حاولت التخلص من الفلسطينيين وتعمل على إيجاد ظروف طاردة تجبرهم على الرحيل عن القدس، مضيفاً أن “إسرائيل تريد أكبر مساحة من الأراضي لكنها لا تريد الفلسطينيين”.
أما الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان فطالب “بضروة إسراع إسرائيل بالانفصال عن الفلسطينيين قبل أن تتحول إلى دولة مزدوجة القومية يفقد فيها اليهود القدرة على الحكم”.
وأوضح نيسان “أن الفلسطينيين يشكلون حالياً 40 في المئة من سكان القدس، وإذا ترشح أحد منهم لرئاسة بلديتها فسيفوز في ظل الانقسام الحاد بين اليهود المتدينين والعلمانيين”.
واعتبر رئيس معهد “إميل توما” للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية عصام مخول، أن اليمين الإسرائيلي يتنبى موقفاً يقوم على “إخضاع الفلسطينيين بالقوة مهما زاد عددهم، مع حرمانهم من حقوقهم المدنية السياسية والمدنية”.
وأضاف أن “النضال في سبيل انتزاع الفلسطينيين حقوقهم لا يعتمد على العدد بل على النفس الطويل”.
وكان الكنيست الإسرائيلي أقر العام 2018 قانون القومية، الذي اعتبر أن إسرائيل “الدولة القومية للشعب اليهودي وحصر ممارسة حق تقرير المصير فيها للشعب اليهوي فقط”.
وينص القانون على أن الدولة تعتبر تطوير الاستيطان “قيمة قومية وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته”، كما يشير إلى أن إسرائيل “مفتوحة أمام قدوم اليهود، وتعمل الدولة على المحافظة على الميراث الثقافي والتاريخي والديني اليهودي لدى يهود الشتات”.
المصدر: اندبندنت عربية