سجّلت الليرة السورية انخفاضاً حاداً في تعاملات الأحد، ليقفز الدولار 70 ليرة، مقترباً من حاجز 4400 ليرة في دمشق، وهو أعلى سعر للدولار منذ آذار/مارس 2021، في الوقت الذي سجل فيه مبيع الدولار في إدلب 4430، وسط ترجيحات باستمرار تدهور الليرة على المدى القريب.
وضمن مساعي النظام للحد من التدهور، توعد المصرف المركزي بوضع حد للمضاربين والمتلاعبين بسعر الصرف. وأكد في بيان مقتضب الأحد، أن الإدارة “تتابع وتراقب بشكل مستمر عمليات تداول الليرة السورية في سوق القطع الأجنبي، وسيتم التدخل باتخاذ الإجراءات اللازمة”.
وباستثناء “القبضة الأمنية”، يفتقد النظام الأدوات المالية سريعة الأثر في سعر الصرف، فخزينته “الخاوية” لا تساعد على ضخ الدولار في السوق لتثبيت السعر، وكذلك لم تعد البنوك العامة والخاصة جاذبة لأصحاب رؤوس الأموال، بغض النظر عن سعر الفائدة.
أما بالنسبة لبيع سندات الخزينة، فكان الفشل نصيب المصرف، حيث أحجمت بعض البنوك الخاصة وشركات الوساطة المالية عن المشاركة في المزاد العلني الذي أقيم قبل أيام، رغم إلزام النظام للبنوك على الاكتتاب.
وبدلاً من البحث عن الأسباب الحقيقية لتدهور الليرة، ألقى النظام باللائمة على من وصفهم ب”لصوص الصرف”. وقالت صحيفة “البعث” الرسمية: “ينفلت سعر الصرف بين الفينة والأخرى من عقال الضبط والسيطرة، بسبب ما ينتابه من موجات مضاربة أبطالها ثلة من اللصوص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة”.
وأضافت أنه “في كل مرة يتدخل المركزي بإجراءاته الإدارية “غير الاقتصادية” من خلال ضرب بعض أوكار اللصوص تنحسر المضاربة، وتستقر الأمور لفترة من الزمن، قبل أن يتجدد نشاط هؤلاء بشكل مباشر، أو غير مباشر من خلال توكيل المهمة لآخرين يعملون تحت مظلتهم”.
واعتبرت الصحيفة أن “التلويح بعصا” العقوبات لمن يتلاعب بأكثر الملفات حساسية “قد يؤتي أُكُله بشكل جيد” في حال شمل كل المضاربين الكبار قبل الصغار، لردعهم ريثما تعزز أركان الإنتاج وتقوى أواصره.
ويرى اقتصاديون أن حلول النظام “غير الاقتصادية” تبقى من دون معنى، في ظل تعطل الإنتاج وعدم توفر السلع وزيادة نسب التضخم، وخاصة وأن سعر الدولار في السوق ليس حقيقياً، وإنما هو نتيجة التقييد والإجراءات الأمنية من جانب النظام.
ما أسباب تدهور الليرة؟
وعلاوة على الأسباب الاقتصادية التي فرضتها الحرب، يضيف الباحث الاقتصادي والمدير التنفيذي لمنصة “اقتصادي” يونس الكريم عدم تسليم “قسد” النظام لبعض مواقع النفط في شمال وشرق سوريا إلى الأسباب، مضيفاً ل”المدن”، أن “النظام لم يستطع الحصول على النفط والقمح من هناك، علماً أن النظام كان يُمني نفسه بذلك، نتيجة التلويح التركي بعملية عسكرية”.
ويلفت الكريم إلى تسبب التشديد الأردني على عبور المخدرات من سوريا، معتبراً أن الإجراءات الأردنية الأخيرة قد حرمت النظام والميليشيات المرتبطة به من بعض مداخيل تجارة “الكبتاغون”.
أما عن الأسباب الأخرى التي تقف خلف تدهور الليرة السورية، يشير الكريم إلى ارتفاع سعر السلع المستوردة، وصعوبة الحصول عليها. ويقول: “بالعموم هذا الوضع أدى إلى نزيف عملات كثيرة في المنطقة”، وكذلك، يشير إلى ضعف مستويات الدعم المالي التي تصل النظام من إيران وروسيا، فضلاً عن شح الحوالات الخارجية التي تصل مناطق النظام من المغتربين السوريين.
الفساد ينخر ما تبقى من الدولة
من جانب آخر، تؤكد مصادر “المدن” ارتفاع معدلات الفساد الوظيفي في مؤسسات النظام نتيجة التضخم وموت القدرة الشرائية لدى غالبية السوريين.
وبهذا الخصوص يقول الكريم إن الراتب (متوسط الرواتب 150 ألف ليرة سورية) لم يعد كافياً لسد الاحتياجات لأكثر من يومين، ما أجبر الشريحة الأكبر من الموظفين على الدخول في صلب الفساد، وهذا أسس لثقافة الفساد المسؤولة عن استنزاف القطاع الحكومي بشكل أكبر.
وليس أدل على الحال المزري الذي يسود مناطق النظام، من إعلان “المؤسسة السورية للتجارة” عن فتح باب التقسيط على القرطاسية والألبسة المدرسية والحقائب للعاملين بالدولة بمناسبة قرب بدء العام الدراسي بسقف قدره 500 ألف ليرة سورية (110 دولار) دون فوائد، ويسدد خلال 12 شهراً.
المصدر: المدن