أحمد مظهر سعدو
استفاق أهالي الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق، صبيحة اليوم الواحد والعشرين من شهر آب/ أغسطس 2013. على جريمة لم يعرف التاريخ لها مثيلًا، يوم قرر المجرم السفاح بشار حافظ الأسد أن ينهي الحراك الثوري الشعبي في دمشق وما حولها، وبنصيحة وتأمين لوجستي ومادي كيماوي إيراني من دولة الملالي.
تباحث الارهابي قاسم سليماني مطولًا مع قيادات حزب الله اللبناني/ الإيراني الشيطاني، والقيادات الأمنية عند بشار الأسد، وراحوا يفكرون كيف يمكن أن يتم الإجهاز كليًا على حراك شعبي كبير وقوي بدأ يُشكل يومها خطرًا كبيرًا على وجود السلطة الأسدية برمتها، حيث انتفض أهالي حي الميدان الدمشقي، وبرزة البلد، والقابون، وحي جوبر، ومدينة داريا، وكذلك زملكا وعربين، وكل الريف الدمشقي الشرقي والغربي للغوطتين، تزامنًا مع الثورة الكبرى التي قام بها الشعب السوري على امتداد الجغرافيا السورية. حيث جاءهم المجرم الإرهابي قاسم سليماني المكلف من حكومة الملالي الإيرانية بقمع الثورات وتحقيق الحلم الإيراني بإنجاز مسارات التمدد الإيراني من طهران إلى بغداد إلى دمشق، ومن ثم بيروت. كان رأيه أنه لابد من ضربة كبرى تنتج حالة من الخوف والسكون تشبه حالة السكون المطبق الذي حصل في مدينة حماة عام 1982 يوم قرر المجرم رفعت الأسد وأخيه حافظ الأكثر إجرامًا، إنهاء الحراك المنتفض في تلك المرحلة، عبر تدمير مدينة حماة فوق رؤوس أهليها، وكان ما كان من مجزرة سجلها التاريخ بأحرف سوداء، وأدت إلى استشهاد ماينوف عن أربعين ألفًا أو يزيد، خلال يومين أو ثلاثة فقط من ذلك العام.
قاسم سليماني تعلم الدرس وقرأه جيدًا وطلب من بشار الأسد وأجهزته الأمنية الاستفادة منه، وأنه (حسب رأيه) لايمكن أن تنتهي الانتفاضة الشعبية بدون القيام بعمل كبير يجاري في إرهابه وجبروته وعنفه ماحصل في مدينة حماة منذ أربعين عام خلت، وبشكل أسرع وأقل تكلفة مالية، فكان اقتراحه باستخدام الكيماوي عبر إلقاء بعض قنابله فوق رؤوس المدن الثائرة، بحيث يجعل الحليم حيران، ولايترك أي مجال لثورة في أن تستمر وتبقى، وكانت الموافقة سريعة من بشار ابن أبيه، لكن السؤال كان أيضًا من أين نأتي بالكيماوي، وقد لا يكون متوفرًا لدى قوات وميليشا بشار الأسد، وكان الرد من سليماني أن لدى حزب الله في لبنان الكثير من المستوعبات المليئة به، ويمكن أن تكون هدية إيرانية لبشار ونظامه، مقابل أن يكون لإيران اليد الطولى في دمشق وكل سورية في القادم من الزمن.
فكانت الجريمة النكراء التي راح ضحيتها ماينوف عن 1600 إنسان مدني، عبر إلقاء هذا السلاح المحرم دوليًا والعابر من لبنان ومخازن حزب الله، وهو الذي سبق وأن صدرته إيران إلى لبنان ليكون السلاح الأمضى، بين يدي الحزب، والذي يخيف كل القوى المعارضة لحزب الله، لتكون السطوة لنصر الله وسياسات إيران في لبنان والمنطقة كلها.
ألقى النظام السوري قنابل السارين وقتل الآلاف من السوريين، كما فعلها بعد ذلك في غير مكان من سورية الثائرة، في خان شخون مثلًا، وفي مناطق أخرى كدوما وسواها. وهي جريمة العصر التي مازال فيها المجرم طليقًا، الأسدي والإيراني والحزب اللاتي، ومازالت الولايات المتحدة الأميركية تتسابق مع الغرب للوصول إلى إتفاق نووي مع الإيرانيين، خوفًا على مصالحها، وأمن إسرائيل في المنطقة، وليس على شعوب المنطقة من العرب وغير العرب.
في حينها وبدلًا من أن يحاسب المجرم على فعلته، ذهب الأميركان/ أوباما عبر وزير خارجيته جون كيري، ليقوم بتقيع اتفاق تاريخي بائس مع لافروف، يُعفي النظام من أي هجوم عسكري عليه، أو عقوبة، أو إزالة لحكم ونظام استخدم الكيماوي ضد شعبه وقتل الآلاف، وليكون الاتفاق على إزالة وتسليم الكيماوي أو بعضًا منه لهيئات دولية، حفاظًا بالضرورة على الأمن القومي الإسرائيلي، كما قيل في حينها، وليس كرمى لعيون السوريين الذين لم يأبه لهم أحد سوى بالتصريحات الإعلامية التي لم تؤتي أي أُكل لها.
لعل من أكثر أنواع الجرائم المسكوت عنها كانت جريمة الكيماوي، التي يعرف الأميركي تمام المعرفة أن المسؤول عن جلبها إلى سورية كان ومايزال النظام الإيراني وأداته الإرهابي قاسم سليمان، وكل نظام الملالي الذي يهدد المنطقة برمتها بأخطاره وأطماعه. وإذا كان السلاح الكيماوي واستخدامه انتهاك لكل القوانين الدولية، ولكل الشرائع الإنسانية، لم يحرم ساكنًا لدى الأميركان، فكيف يمكن اليوم أن يتحركون لما هو أقل من ذلك.
منذ أن دخل مايسمى الحرس الثوري الإيراني إلى الأراضي السورية أوائل عام 2011 كان همه الأساس الحفاظ على هذا النظام المجرم وحمايته من السقوط، حيث كان في حينها قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، وعلى حافة السقوط، وقد استخدم الإيراني كل الوسائل غير المشروعة لإبقاء هذا النظام على قيد الحياة، ومن ثم انتصار المشروع الإيراني الفارسي الطائفي المصدر للمنطقة من يوم أن أعلن (الخميني) أنه بصدد تصدير ثورته (الإسلامية) إلى المحيط الإقليمي والعربي بشكل خاص، وهو مازال يرتكب بحق السوريين كل الانتهاكات وكل المحرمات دوليًا أو قانونيًا أو أخلاقيًا وقد تمكن من الإبقاء على النظام الأسدي، وإعادة قيامة نظام كان آيلاً للسقوط، وليس خارج سياق انتهاكاته الكبرى هذا الإنتهاك الأشد خطرًا والأكثر فجورًا على العرب والمسلمين في المنطقة، وعلى ثورة السوريين، وهو قصف السوريين بالسلاح الكيماوي المحرم دوليًا في كل الحروب بين الدول، فما بالكم أن يقصف من قبل نظام ضد شعبه المسالم والمدني، كما حصل لأهالي زملكا والغوطتين.
المجرم الأسدي والإيراني مازال طليقًا، ومازال يمارس كل أنواع القهر ضد السوريين، ويقوم بكل الموبقات عبر سياسات التغيير الديمغرافي المتبعة، وإحلال شعب غير سوري محل السوريين، وتمليك العقارات التي هُجِّر أهلها قسرًا، للميليشيات الإيرانية والباكستانية والعراقية والأفغانية، والاشتغال على سياسة التشييع إجبارًا أو إغراءً، ترغيبًا أو ترهيبًا في محاولة إيرانية ممنهجة لأن تكون سورية في يوم من الأيام محافظة من محافظات دولة الملالي الفارسية، التي تريد الثأر من قادسية العرب والمسلمين، نحو إعادة قيام مجد الإمبراطور الفارسي (كسرى أنو شروان) إن استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. فهل يفيق العرب والمسلمين على وقع ذلك وأخطاره المحدقة؟.
المصدر: موقع وكالة ثقة