إنها رواية ” الفتوحات ” للأديب السوري الحلبي وليد إخلاصي، وقد جاءت ضمن /263/ صفحة من القطع المتوسط، حيث يبحر الكاتب “إخلاصي” في يم مليء بالهموم والأحلام والتطلعات، التي وسمت الوطن السوري كما وسمت ” حلب ” العاصمة الاقتصادية والثقافية السورية الممتدة.
ينقلنا الكاتب من حيز إلى آخر، ومن برزخ إلى برزخ مجاور، في سفينة لا أشرعة لها ” يجدف فيها بيده تارة، وبثقافته الأدبية الموسوعية تارة أخرى، وبقراءاته السياسية تارات، وتارات.
“وهكذا مع تقدمي في ملاحقة الأحداث التي مر بها الوطن، بدأت شفافية العلاقة بليلى تمنحني نورًا يختلط فيه عذاب الانتظار، بأمل المضي بعيدًا في فتوحات جديدة تحققها روح تتوق إلى تأمل مستقبل لا يحمل سوى النور يضيء ما يحتمل أنه كهف أو فجوة أو فراغ”.
وهو الذي ما برح يضعنا مع كل الشعب السوري في أتون ” انتهاء بنزوع كامل عند الناس لرؤية المستقبل بشكل حر يحمل الأمل “.
لكن الأمل في بعض مفاصل القص الروائي، ينوء بأحمال وأحمال، يعجز عن حملها الإنسان. لذلك فهو يتخوف أبدًا من أن ” يكر الزمن عائدًا إلى ما كان عليه من بذرة أمل أرجو أن تتفتح عن علاقة ستكون الأجمل في حياتي، إن لم تكن طوق النجاة لجاهل في السباحة عبر مياه بحر متسع. ”
الرواية تقرأ تاريخ سورية الحديث، تاريخ العمل الوطني ضد المستعمر، وما بعد ذلك، ومن ثم فهو يبحر في مخاض انطلاق حياتي وطني، هو الأمل دائما، بمستقبل أكثر إشراقًا.
عبر قصة عشق ليلى، كان الكاتب يجول في دوامة التلاطمات الوطنية الانفعالية التي مرت على هذا الوطن الجريح دائماً.
ليعلن في بعض مفاصل الرواية، وعلى لسان أحد شخوصها قائلاً ” وجدت أن ملابسي باتت فضفاضة على الجسد الذي بات ناحلاً كناسك، ووجدت أن التأمل هو العزاء. كنت قد خرجت إلى المدينة التي تغير فيها كل شيء فدهشت. كانت دار العائلة قد أزيلت لتنتصب عمارة على أرضها، وعلمت أن ظاهرة الهجوم على المساكن القديمة، أثرية أو غير أثرية، تفشت في المدينة لتتغير معالم من شخصيتها “. ويبدو أنه كان يقرأ المستقبل، ويحط رحاله في منعرجات مستقبلية باتت الآن أكثر واقعية، وهو الذي يعود ليقرر: ” أنا صاحب إرادة تمشي خطوات لا تنتهي من البحث عن المعرفة “. ويبقى الروائي يحوم حول سؤال “وردة ” (ما الذي تنظر إليه؟
قلت: ملكوت الله فتساءلت: أهو المكان الذي يذهب إليه الأموات؟ فأجيب: الأحياء والأموات يأتون منه ويذهبون إليه، هناك شيء أكثر من السكون. هناك الطمأنينة يا ابنتي وهو أكثر الأماكن طمأنينة.)
لكنه أبدًا لا يتركنا -مع نهاية روايته- في حالة اطمئنان…وكأنه يحيلنا إلى الحياة الآخرة لنطمئن أكثر .