عدنان أحمد
تراجعت حدة وتيرة الاشتباكات في منطقة طريق السد المتصلة بدرعا البلد جنوبي سورية، بين المسلحين المحليين والعناصر المتهمين بالانتماء لتنظيم “داعش”، بعد الاتفاق على هدنة بين الطرفين للسماح بخروج المدنيين، وسط اتهامات متبادلة.
وذكر أيمن أبو محمود، الناطق باسم “تجمع أحرار حوران”، إنّ عشرات المدنيين خرجوا من حي طريق السد ومخيم درعا بعد التوصل إلى تهدئة بين المتقاتلين، واتجهوا إلى مناطق آمنة في درعا البلد ودرعا المحطة، وعند أقاربهم في قرى قريبة.
ويدور القتال في منطقة طريق سد ومخيم درعا بين مجموعات مسلحة من درعا البلد، يساندها مقاتلون محليون من القرى المجاورة، إضافة إلى عناصر من اللواء الثامن من شرقي المحافظة من جهة، والمجموعات المتهمة بالانتماء لتنظيم داعش، وبشكل أساسي مجموعتي محمد المسالمة الملقب بـ”الهفو” ومؤيد الحرفوش (أبو طعجة) من جهة ثانية، وينفي هؤلاء انتسابهم لتنظيم “داعش”، ويتهمون المجموعات التي تقاتلهم بأنهم يحملون بطاقات أمنية من فرع “الأمن العسكري” ويعملون لصالح النظام السوري.
وكان الطرفان قد اتفقا على وقف إطلاق النار، اعتباراً من مساء أمس الأربعاء وحتى مساء اليوم الخميس، بغية السماح للمدنيين العالقين بالخروج.
وقال أبو محمود إنّ أفرادا من منظمة الهلال الأحمر التابعة للنظام كانوا موجودين بالقرب من مبنى السرايا في مدينة درعا، لكنهم لم يقدموا أي خدمة للعائلات الهاربة من القتال، كما أنهم لم يجهزوا أمكنة لإيواء تلك العائلات، التي اتجهت بمعظمها إلى أقاربها في المنطقة أو المناطق المجاورة.
اتهامات متبادلة
وتختلط الصورة لدى أهالي حوران حول جدوى هذا الاقتتال، وسط الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، في حين صدرت بعض الأصوات التي تدعو إلى عدم الوقوع في مخططات النظام السوري، الذي يسعى إلى دفع أهالي حوران للاقتتال فيما بينهم على أساس عشائري.
وقال القيادي السابق في “الجيش الحر” براء الزعبي، وهو من المتهمين بحماية عناصر داعش، أن ما يجري يخدم فقط مخططات النظام، الذي سعى إلى تقسيم الأهالي إلى فئتين، إما منتمين إلى “داعش” أو تابعين لـ”الامن العسكري”، معتبراً أنّ هناك من الفئتين أشخاصا (شرفاء أو أغبياء أو عملاء للنظام)، داعياً إلى تحكيم العقل والدين، والاجتماع على كلمة واحدة لمحاربة عملاء النظام، أينما كان موقعهم.
ونفى الزعبي، في تسجيل صوتي كان قد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن يكون من تنظيم “داعش” كما يتهمه النظام، وقال “نحن شرفاء وصادقون وعدونا هو نظام الأسد فقط”.
وفي المقابل، قال الشيخ فيصل أبا زيد، أحد قادة المجموعات التي تقال المتهمين بالانتساب لتنظيم “داعش”، إنّ المعركة واضحة وهي ضد “القتلة والمفسدين”، بغض النظر عن تسميتهم، سواء أكانوا من “داعش” أم لا.
وأضاف في تسجيل صوتي موجه لأهالي درعا البلد، وأهالي حوران عامة، أنهم لا يتبعون للأمن العسكري، ولا يعملون لصالح النظام، وجاء تحركهم لتخليص أهالي درعا من “عصابة مُفسدة مجرمة”، مشيراً إلى بعض ما ارتكبوه من جرائم مثل، “قتل أبو رياض المصري، وأولاد الغنيم من قرية الغرية، وخطف سيارة بن الحموي، وخطفوا تاجر الهجول من بلدة نصيب”.
النظام هو المستفيد
من جهته، رأى الناشط أبو محمد الحوراني، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ الطرفين المتقاتلين وقعا في حبائل النظام الذي طالما سعى إلى تحويل المعركة ضده إلى اقتتال بين أهالي حوران أنفسهم على أساس عشائري.
وأعرب الحوراني عن اعتقاده أن المجموعات المتمركزة في حي طريق السد، والمتهمة بالانتماء لتنظيم “داعش”، قد لا تكون منتسبة فعلياً للتنظيم، لكنها كونت هناك جزيرة أمنية لا تصل إليها المجموعات المسلحة المحلية، وقد تكون باتت ملجأ لبعض عناصر تنظيم “داعش”، وربما كان من الحكمة مطالبة مجموعات حرفوش والمسالمة بتسليم المتهمين بتنفيذ اغتيالات وأعمال إجرامية، بدل الاشتباك معهم جميعاً، خاصة أنّ هؤلاء كانوا أصلاً مطلوبين للنظام، وكان من الممكن التوصل معهم إلى حلول وسط، بدل الاشتباك الشامل الذي روع المدنيين، ونقل المعركة إلى ساحة أهالي حوران، بدل من أن تكون ضد النظام، وبذلك يكون الجميع ذهبوا من “حيث يدرون أو لا يدرون إلى الدائرة التي رسمها لهم ضباط الأمن العسكري التابعين لنظام الأسد”، وفق تعبيره.
ولفت إلى أنّ حواجز النظام تسهل مرور المقاتلين القادمين من الريفين الشرقي والغربي للمساهمة في هذا القتال، وهي ما كانت لتفعل ذلك لولا أنّ للنظام مصلحة في استمراره وتفاقمه.
لا تقدم
وأسفر القتال الجاري، الذي بدأ الإثنين الماضي، عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، 3 من المجموعات المسلحة في درعا البلد، واثنان من المتهمين بالانتماء لتنظيم داعش، إضافة إلى الطفل حسام صالح المحمد إثر إصابته بطلق ناري عشوائي خلال اشتباك اندلع بالقرب من الفرن الاحتياطي في مخيم درعا.
ورغم مرور عدة أيام على بدء هذه العملية الأمنية، فإن المجموعات المهاجمة لم تتمكن من إحراز تقدم يذكر حتى الآن.
وكانت محافظة درعا شهدت تحركات مماثلة ضد متهمين بتبعيتهم لتنظيم “داعش”، بدأت في مدينة طفس، ثم توسعت في مدينة جاسم، ووصلت إلى بلدة اليادودة.
المصدر: العربي الجديد